سيدخل المعهد الحافظون للقرآن بعد المباراة، فخلال الأربع سنوات، ستقرأ فيه القراءات السبع عن طريق الشاطبية في السنوات الثلاث الأولى والسنة الأخيرة ستقرأ فيها القراءات الثلاث المتممة للعشر من طريق الدرة، وسنتان للتخصص لمن يريد القراءات العشر الكبرى عن طريق الطيبة وسنة أخرى للقراءات الشاذة ويتخرج من هذا المعهد أعلام في القراءات العشر الصغرى والكبرى، وسنبدأ بعد شهر رمضان وسنبدأ بمحاضرة عن دور القرآن في التربية وإحياء القراءات، وسنعلن عن المباراة في الجرائد والإذاعة، ويتقدم الطلبة، وعلى الله قصد السبيل.
معلوم أن صناعتكم هي النحو، فما علاقة النحو بالقراءات؟
تخصصي وصناعتي هي النحو والتصريف لكن وظفت اللسانيات، لخدمة القراءات ولخدمة القرآن في دلالة الوقف والابتداء، فصناعتي هي النحو وهوايتي هي القراءة، و هما متلازمان، فلابد لأحدهما من الآخر، لأن القراءة من دون النحو تصير كارثة، قال الشيخ عبد الغني الحٌصٌري القيرواني وهو مغربي أندلسي في قصيدة له في القرن الخامس الهجري في قراءة نافع:
ولقد يدعي علم القراءة معشر وباعهم في النحو أقصر من شبر
فإذا قلت ما وجه هذا وإعرابه رأيت طويل الباع يقصر عن فكر
ويقول كذلك:
وأحسن كلام العرب إن كنت قارئا وإلا فتخطي حين تقرأ أو تقري
هل يعني أن النحو سيكون حاضرا في معهدكم؟
لا بد للمتقدم للمباراة أن يحمل معه شيئا من النحو بما يعينه على التعليل والتوجيه، وهو من شروط حفظ القرآن، وعلى الأقل أن يحفظ المقدمة للصنهاجي، ثم نقرأ معهم قطر الندى وألفية مالك، لأن عندنا مادة تسمى توجيه القراءات وهي بمعزل عن القراءات. والذي قرأ الحجة للفارسي وغيرها عرف مدى ارتباط النحو والتصريف بالقراءات، وكانوا في جامعة أم القرى يقولون ما الربط بين النحو والقراءة، وقد رفضوا في الأول أن يحقق كتاب القراءات في قسم تخصص النحو والصرف، لكن اقتنعوا بأن النحو هو موضوع القرآن، وقد ينسى الحافظ حتى إذا ما غاب عنه الوجه القرائي تذك. وإن كنا لا نعتمد على النحو والتصريف في القراءات ولكن يشدان من أزرنا إلى أن نسلك في القراءة طريقة سلكها الأول، وما نحن فيما مضى كما قيل إلا كبقل في أصول نخل طوال.
ما هم مشاهير القراء الذين تأثرتم بهم؟
كان الشيخ المنشاوي مثلا عندي وكان عبارة عن قمر من أقمار الناس فقد كنت أقلده وكنت أظن نفسي المنشاوي، وقلدت عبد الفتاح شعشاعي وقلدت الشيخ كامل يوسف البهتيمي، ولكن كنت مغرما ومجنونا بالشيخ المنشاوي وكذلك بالشيخ الحٌصري، ولكن تنبهت إلى شيخ آخر هو الشيخ مصطفى إسماعيل فوجدته أميرا في هذا الباب فعولت عليه، وانتقلت إليه بالجملة وصحبته ما يزيد عن عشر سنوات، ثم اكتشفت الشيخ محمد رفعت، فكونت مدرسة لي من خلاله، فبدأت أتعلم من نبرات صوته وكان يحزنني ويطربني ويبكيني وكنت أسوق السيارة وأستمع إليه وقد أقف في الطريق بدون شعور، لكني بالأخير وضعت برنامجا خاصا أونوعا من الاستقلال في القراءة وإن كنت أحن إلى بعضهم، وتسمعون بعض الترانيم في التراويح.
بعض القراء يتعمدون تتبع النغمات، كيف ترون هذه المسألة؟
ليس الغرض عندي تتبع النغمات الموسيقية، وقد سئلت هل درست الموسيقى، فأنا لم أدرس موسيقى، بل أفتتح القراءة بالتساؤل القرآني أفلا يتدبرون القرآن؟ فاعيش معه،فيجب على القارئ أن يكون هكذا ولا يتتبع النغمات فأنا لا أوافق على ذلك وكنت سمعت لأنموذج في إحدى الإذاعات وما أعجبت بذلك، لأني سمعت الرجل يتتبع نغمة أو مقاما موسيقيا فقد ينقطع نفسه قبل أن يتم الآية، وقد يتكلف ونهينا عن التكلف. فالقرآن يجب أن يقرأ غضا طريا وله حلاوة، و قد تحصل القارئ منه على المقام أو النغمة تساعد الناس على الخشوع، فيعني ذلك أنه إذا جاءت عفوية فلا بأس أما أن تتبع الألحان لتستعملها في القرآن، فهذا خطأ محض. و أنا أنهى الطلبة على تتبع النغمات، فالأصل في القرآن هو إخراج الحرف من مكانه والوصل في محل الوصل والوقف في محل الوقف. فإذا جاء شيء على سليقة قبلناه أما تتبع النغمات فلا يجوز بحال من الأحوال. و الأصل عندنا هو موسيقى القرآن، فللوعد والوعيد موسيقى خاصة، وللتبشير بالجنة موسيقى خاصة وللأحكام موسيقى خاصة، للترهيب والترغيب موسيقى خاصة، و قد تستفيد الموسيقى العربية من القرآن وقد استفادوا من
¥