تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى كلّ حال فمن المعلوم أنّ زمن الرّواية انقضى على رأس الثّلاث مئة، وأنّ السّنّة جُمعت ولم يبق منها شيءٌ مجهولاً، وأنّ مقصود الرّواية بالإجازة إنّما هو التّبرّكُ بربط الاتّصال بأولئك العلماء وأصولهم الحديثيّة، تقليدٌ علميٌّ جرى به العملُ منذ قرونٍ، فمن تبنّاه وحرَص عليه بحسن نيّةٍ فقد أحسن، وأولى وأحقُّ بالعناية منه: حفظُ المتون والتّفقّه فيها والاستنباط بشروطه بعد نقد الأسانيد والبحث عن العلل وما يتعلّق بذلك، وهذا مجالٌ فسيحٌ جدّا تنقطع الأعمارُ دون استقصائه؛ ولذلك أشهدُ بمنتهى الصّدق والنّزاهة - والله على ما أقول وكيلٌ - أنّني ما رأيتُ فيمن لقيتُ من العلماء - وهم كثير - وأخذتُ عنهم مثل الشّيخ محمّد ناصر الدّين محمّد بن نوح نجاتي الألباني الأرناؤوطيّ في علمه وإخلاصه واطّلاعه على علوم الحديث ودقائقه، وإنصافه في البحث والمناظرة، علاوةً على سلوكٍ أشبه بسلوك السّلف الصّالح، أقول هذا ولا أزكّي على الله أحداً.

وسائرُ من عرفتُ من المشايخ لا يخرجون عن صنفين: فقهاء مقلّدين متصوّفين غارقين إلى أذقانهم في البدع، لا يَطمَعُ في الاستفادة منهم مَنْ يناقشهم في مصائبهم، ويحاول تنبيههم على ما هم عليه من انحراف وضلال، وعلماء مُحدّثين مقلّدين يترسّمون خُطا من سبقهم دون بحث ولا تجديد، على اتِّضاعٍ في السّلوك، وانحراف في العقيدة، وتورّط في السّياسة واكتواء بنارها، وهؤلاء مشايخي وهم كبار علماء الحديث بالمغرب في العصر الحديث أَجَلُّهم وأعلمُهم وأتقنُهم الشّيخُ أحمد بن الصّدّيق، ولكنّه صوفيٌّ أسيرُ بدع؛ وحدة الوجود، والقول باكتساب النّبوّة، والدّفاع عن إيمان فرعون ... إلخ القائمة السّوداء التي يَبْصُقُ عليها العلم والإيمان والتّاريخ.

يليه الشّيخ عبد الحيّ الكتّاني، وهو صوفيٌّ غريقٌ صاحب طريقةٍ، وموقفُه من الملك محمّد الخامس شهيرٌ. وابنُ خالته الشّيخ عبد الحفيظ الفهري وهو أعدلُهم سلوكاً أنفقَ من عمره ربعَه في التّاريخ لفروع الشّاذليّة، وهي طريقةٌ صوفيّةٌ بالمغرب. وهذا أخونا الكبير الشّيخ محمّد المنوني [9] وفضائلُه جمّةٌ، وقد تدبّجتُ معه، وهو كتَّانيُّ الطّريقة؛ يتهيّبُ الكلامَ فيها وانتقادَ أصحابها لفرط اعتقاده. وهكذا يَفْتِكُ سلطانُ البيئة بالمغرب بسلامة العقول والأديان، ولله في خلقه شؤونٌ.

كتب هذه الذّكريات يومَ الأربعاء 6 من صفر 1421هـ عُبَيدُ ربّه أبو أويس محمّد بو خبزة الحسني عفا عنه.

بداية النّسخة

بخطّ الشّيخ أبي أويس محمّد بن الأمين بو خبزة الحسني

http://www.rayatalislah.com/Akhbarelkoutoub-wa-ettourath/img/min-dhikrayati/img.jpg

[1] للشّيخ أبي خبزة سيرة ذاتية كتبها بقلمه وقد نشرها الأخُ الباحثُ والزّميل الفاضل د. عبد اللّطيف بن محمّد الجيلاني في ملحق التّراث بجريدة البلاد بالمدينة النّبويّة، العدد رقم: (15901 – 15902).

[2] كتب الشّيخ أبو خبزة ذكرياته هذه يوم الأربعاء 6 من صفر عام 1421هـ.

[3] هو في الرّابع جزماً (ص 5 - 6)، ط المعارف.

[4] جمع هذه المقالات ونشرها في كتاب مفرد الباحث نور الدّين طالب.

[5] أخرجه التّرمذي (2/ 33) وفي إسناده الفرج بن فضالة الشّامي ضعّفه غير واحد. انظر سلسلة الأحاديث الضّعيفة (3/ 312).

[6] هذا من نوادر الإهداءات التي كتبها الشّيخ الألباني إلى غيره من الأعلام، أمّا إهداءات الأعلام إليه فهي من الكثرة بمكان وقد يسّر الله لكاتبه جمعها في كتاب اسمه: حصول التّهاني بالكتب المهداة إلى محدّث الشّام محمّد ناصر الدّين الألباني، طبع في ثلاث مجلّدات عن مكتبة المعارف بالرّياض.

[7] حرص الشّيخ الألباني - رحمه الله - في دعوته على التّصفية والتّربية وهما كلمتان تلخّصان مساره الدّعوي القائم على تصفية الإسلام ممّا علق به من بدع وخرافات وعقائد باطلة وأخلاق منحرفة وأحاديث موضوعة، وكلّ هذه الرّزايا قد شوّهت جمال الإسلام النّقيّ الذي بُعث به النّبيّ الكريم محمّد -صلّى الله عليه وسلّم - ويرافق هذه التّصفية تربية جادّة للنّشء على الدّين الصّحيح تربية تعيد للأمّة مجد سلفها الرّبّاني الصّالح وما ذلك على الله بعزيز.

[8] تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النّظر في كتب الأماجد، وهو طليعة الجزء الرّابع من كتاب الثّمر الدّاني في الذّبّ عن الألباني، نشر في مكتبة البلاغ - دبي، ط الأولى، 1418هـ - 1998م.

[9] الشّيخ المنوني رحمه الله ممّن أثنى على شيخنا أبي خبزة وممّا قال فيه ضمن إجازة تدبّج فيها معه: "خادم الحديث النّبوي الشّريف العالم السّلفي الخطيب، المعتني بالتّراث المخطوط قراءةً وتعليقاً ونسخاً وتصحيحاً". وقال عنه في كتابه تاريخ الوراقة المغربية: "حيٌّ في عمر مديد، عامرٌ بالحسنات، موفورُ المنتسخات بخطّه المجوهر المرونق، مع تصحيح وتثبّت، فضلاً عن متابعته لأعماله بالتّعليقات والتّنبيهات على مواقع الإفادات المهمّة ... ".

منقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير