ولما سئل الشيخ: هل هذا ينطبق على فلسطين؟ قال: على كل بلاد الدنيا، ما الفرق بين فلسطين وغيرها؟! كما أن مكة أعظم عند الله من فلسطين، ومع هذا هاجر منها المسلمون وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الصحابة من هاجر إلى الحبشة وهي بلاد كفر، لما لم يكن يستطيع إظهار دينه.
فقام وطبل وزمر لهذه الفتوى أهل التطبيل والتزمير من أهل الجهل والضلال وكان ذلك قرب موعد الانتخابات النيابية، ظنَّاً منه أنه يستطيع استعطاف الناس للحصول على الأصوات!! أما أن تكون القضية قضية دين فلا، فهو غارقٌ في تصوف بالٍ، وسادر في جهل فاضح.
والعجب من أولئك المشايخ - وأغلبهم دكاترة في الشريعة - اجتماعهم على تخطئة الشيخ رحمه الله، ولم نرَ اجتماعهم هذا على تضليل الحبشي مثلاً، أو على التحذير من فسقٍ أو فجور أو ضلال، وبعض من وقَّع على ذلك يعتبر من غلاة الأشاعرة، وبعضهم لا يدرى منهجه أو اعتقاده!! وبعضهم على خير لكن استجر على التوقيع.
والقضية علمية شرعية تكلم فيها الشيخ بعلم وأدلة، ومن خالف لم يحسن من ذلك شيئاً، وبعضهم – لغباء أو جهل أو شرود ذهن – ظن أن أهل فلسطين يقفون على الحدود رافعين جوازاتهم ينتظرون فتوى الألباني ليغادروا فلسطين!! والأكثر لا يهمهم دين من بقي بين اليهود، فتخلق بأخلاقهم وتعودوا على عاداتهم، فمنهم من زوج ابنته ليهودي!! ومنهم من شكك في كفرهم!!.
والمهم عند هؤلاء ألا يخرج من فلسطين ولو ضيع دينه أي أن المهم ألا تضيع الأرض!!
نشاطه في الدعوات والزيارات العلمية
والشيخ رحمه الله من النشيطين في الدعوة إلى الله، فلم يكن ليكتفي بالتأليف حتى أضاف إليه الخروج إلى الناس وزياراتهم في بلدانهم وقراهم.
فمنذ أن كان بالشام وهو يسافر إلى حلب وحماة وإدلب و غيرها، وحدثني بعض من كان هناك أن الشيخ كان يأتيهم كل أسبوع على دراجة هوائية، وكانت المسافة من دمشق إليهم حوالي 45 كيلو متراً!!
وقد سافر الشيخ رحمه الله إلى أسبانيا والكويت والإمارات وقطر وطاف في مناطق المملكة العربية السعودية جميعها تقريباً!!
وكذا أمره عندنا في الأردن، فما من أحدٍ يدعو الشيخ إلا ويلبي دعوته ويزوره ويلقي عندهم ما يسر الله من العلم النافع، وكان الشيخ قد شرفني بزيارة إلى بيتي في إربد، وسجل اللقاء تحت عنوان " مسائل فقهية "، ولم تكن هذه الزيارة هي الأولى له إلى الشمال، فقد سبقها أخوات لها.
نماذج من أخلاق الشيخ رحمه الله
كراهيته للمدح
لم يكن الشيخ رحمه الله يحب أن يمدحه أحد، وخاصة في وجهه، وكتبه كلها ليس فيها لفظ ((الشيخ)) قبل اسمه!! وقد مدحه مرة الشيخ محمد إبراهيم شقرة في وجهه فبكى، ومدحه آخر فبكى وأنكر على من مدحه.
خوفه من الرياء
وجاءه مرة بعض إخواننا من بنغلادش – من أهل الحديث – وقالوا للشيخ: إن عددهم حوالي أربعة ملايين وإنهم يودون بزيارة الشيخ لهم هناك، وقد جهزوا ملعباً يتسع لأعداد كبيرة للقائه والاستماع إليه، فرفض الشيخ الدعوة. فقال الداعي: إنها أسبوع يا شيخ!! فرفض الشيخ: فأنزل المدة إلى ثلاثة أيام!! فرفض الشيخ فأنزلها إلى يوم واحد!! فرفض الشيخ وبشدة، فقال الداعي في النهاية: نريد محاضرة وتغادر على نفس الطائرة!! فرفض الشيخ وبشدة أيضاً فتعجب الرجل من رفض الشيخ وكذلك الذين معه، وانصرف الرجل حزيناً، فسأل الأخُ أبو ليلى - وهو الذي حدثني بهذه القصة – الشيخَ: لم رفضت يا شيخ؟ فرد عليه رحمه الله: ألم تسمع ماذا قال؟ فقال أبو ليلى: وماذا قال يا شيخ؟ فقال: ألم تسمع قوله إنهم أربعة ملايين!! فتصور أني أحاضر بمثل هذا العدد، فهل آمن على نفسي من الرياء؟!! وكان درساً عظيماً من الشيخ لتلاميذه وللناس جميعاً بالبعد عن المواضع المهلكة للداعية.
تفقده لإخوانه
¥