= كنا مرة في رحلة معه، فانتهينا منها في الواحدة ليلاً وكنا في خمس سيارات، وأنا أقود واحدة منها، فسبقنا الشيخ، ففوجئت بأن إطار سيارتي قد ذهب هواؤه، فأصلحته وقد ذهبتْ السيارات جميعاً، فما هي إلا لحظات حتى رجع إلينا الشيخ مع السيارات، وسأل عن سبب التأخر، فلما رأى السبب علم بالحال، وكان رحمه الله قد افتقدنا في الطريق ورأى أن سيارة قد نقصت، فسأل عنها، فلما لم يُعطَ جواباً رجع من طريقه فرآنا على تلك الحال، فطلبنا من الشيخ أن يذهب إلى أهله وبيته ونحن نصلح الإطار، ونلحق بهم،فأبى رحمه الله إلا أن ينتظرنا لننتهي مما نحن فيه، وكان ذلك وغادرنا سوياً.
= وحدثني بعض تلامذته أنه كان يتصل بالشيخ كل يوم، وفي يومٍ من الأيام لم يفعل ذلك، فما هو إلا أن يدق جرس الهاتف، ويتبين للأخ أنه الشيخ الإمام الألباني!! وأنه افتقد هذا الأخ لعدم اتصاله، فسارع للسؤال عنه.
= ودخل هذا الأخ نفسه المستشفى لحادث وقع له، وإذ بالشيخ الإمام يأتي لزيارته في المستشفى!! قال: فأثرت هذه الزيارة فيَّ وفي أهلي الشيء الكثير.
مقابلته الإحسان بالإحسان
وكان بعض تجار عمان على علاقة بالشيخ رحمه الله، قال: ففاجأني الشيخ يوماً بزيارة إلى محلي!! وجاء معه بمجموعة قيمة من الكتب وقدَّمها هدية لي!!
بكاؤه
والشيخ رحمه الله – على خلاف ما يظن الكثيرون – رقيق القلب، غزير الدمع، فهو لا يُحدَّث بشيء فيه ما يبكي إلا وأجهش في البكاء، ومن ذلك:
أ. حدثته امرأة جزائرية أنها رأته يسأل عن الطريق الذي سلكه النبي صلى الله عليه وسلم، فدُلَّ عليه فسار على خطواته لا يخطئها، فلم يحتمل كلامها، وأجهش بالبكاء.
ب. وفي آخر لقاء لي به رحمه الله، حدثته عن رؤيا رآها بعض إخواننا، وهي أنه رأى هذا الأخ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فسأله: إذا أشكل عليَّ شيء في الحديث مَن أسأل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل محمد ناصر الدين الألباني.
فما أن انتهيت من حديثي حتى بكى بكاءً عظيماً، وهو يردد " اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون ".
ج. وحدثه بعض إخواننا عن سب والده للرب والدين – والعياذ بالله – فبكى الشيخ لما سمع من جرأة من ينتسب للدين على بعض هذه القبائح و العظائم في حق الله، وحكم على والده بأنه مرتد كافر.
د. وأخبره بعض إخواننا عن مشكلة حصلت معه، وأنه في ورطة، فقال الأخ: فما هو إلا أن رأيت الشيخ وقد دمعت عيناه ودعا لي بأن يفرج الله كربي، فكان ذلك.
هـ. وهذا غير ما سبق من بكائه عند مدحه في وجهه.
زوجاته وأولاده
تزوج الشيخ الإمام رحمه الله من أربع نسوة:
أ. فأنجب من الأولى: عبد الرحمن، و عبد اللطيف، و عبد الرزاق.
ب. ومن الثانية: عبد المصور، و عبد المهيمن، ومحمد، وعبد الأعلى، و أنيسة، و آسية، و سلامة، وحسَّانة، و سكينة.
ت. ومن الثالثة: هبة الله.
ث. ولم ينجب من الرابعة، وهي " أم الفضل "، وهي التي ظلت معه إلى آخر أيامه.
مرضه ووفاته
وقد أصابت الشيخ أواخر حياته أمراض مؤلمة، نزل وزنه بسببها إلى أن وصل يوم وفاته إلى أقل من 30 كيلو.
وقد أكرمه الله بصفاء ذهنه وعدم تخليط عقله، وكان يعرف زواره؛ بعضهم بأسمائهم، وبعضهم بصورهم وأشكالهم.
وقد كان يبذل جهداً كبيراً في الكلام وكان أغلب وقته في الفراش.
وكان رحمه الله لا يهدأ في أوقات القدرة عن البحث والمطالعة وإذا لم يستطع ذلك أمر بعض أبنائه أو من عنده بأن يحضر له كتاباً معيناً ويقرأ منه.
وهكذا قضى رحمه الله أكثر من ستين سنة بين كتب أهل العلم دراسة وتدريساً، علماً وتعليماً، إلى آخر أيام حياته.
فما أحلاها من حياة وما أكرمها من أيام، وما أجملها من سنوات، وما أغلاها من لحظات تلك التي قضاها إمامنا وشيخنا غفر الله له، وألحقنا به على خير.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو طارق
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
23 / جمادى الآخر / 1420 هـ
3/ 10 / 1999 م
منقول من صيد الفوائد
ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[08 - 05 - 08, 01:02 ص]ـ
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد
في أواخر سنة 1998 كنت قد كتبت رسالة رفعت فيها أسانيد الشيخ الألباني إلى الكتب الستة وغيرها من الدواويين ,وانتقيت أصحها سندا بعدما ترجمت لرجال السند من شيخ الألباني بالإجازة الشيخ راغب الطباخ إلى آخر السند وسميتها (غاية الأماني في بعض ما على من أسانيد الشيخ الألباني) وأخذتها معي للشام والتقيت بابن عمه الشيخ أبي يعقوب نجاتي الذي يعمل في محل الساعاتي الذي كان فيه الشيخ الألباني
وكتب لي توصية منه ليستقبلني الشيخ, ومن توافق الأقدار أن التقيت بالشيخ حمدي عبد المجيد السلفي في مكتب الرسالة وتعرفت عليه واصطحبني معه إلى مكتب دارالمأمون والتقينا بصاحبها عليه رحمة الله فدعانا للغداء في بيته وكان معنا الأستاذ سليم أسد محقق مسند أبي يعلى الموصلي وكانت مأدبة غداء لا تنسى مع ما تخللها من مناقشات لتصحيحات بعض الأحاديث, ولما علم الشيخ حمدي بنيتي للذهاب للقاء الشيخ الألباني كتب لي هو الآخر رسلة توصية.
وسافرت للأردن واهتديت لبيت الشيخ ,وأدركتني صلاة الضهر بمسجد حيه ,وبعدها التقيت بولده أبي عبيدة
ورتب لي لقاء بعد العصر إن تحسنت صحة الشيخ ,وبعد العصر اعتذر وقال والله إن الشيخ يكلمنا بالإشارة
من مرضه ويعتذر لك ,ولكن إذا كنت ستقيم هنا أياما فمر بعدُ فلعل صحته تتحسن ويكلمك, فقلت له أنا مسافر ومرتبط بأشغال ,فقال لي اترك لي الرسالة ,وسأقرأها على الشيخ بعد أن يتعافى ,وسأخبرك إن اتصلت بنا
وتركت له نسخة من الرسالة, وسافرت ولم أدر ما حدث بعدها إلى أن فجعت كما فجع غيري بوفات إما م السنة في هذا العصر رحمه الله, وكنت قد أهديت منها نسخة بالمدينة المنورة لأخي نورالدين طالب الدمشقي
لما كان طالبا بكلية الحديث, وقلت له خذ ,فهذه أصح أسانيد أهل الشام, ولازالت عنده يحتفظ بها.
¥