[(الإسماعيلية)]
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[09 - 05 - 08, 06:08 م]ـ
" الإسماعيلية "
في يوم الأربعاء 15/ 4/1417 زُرْتُه في بيته لأسأله عن كتابِ في الإجازة للشيخِ حمود بن عبد الله التويجري، ظني أن الكتابَ في مسائل الإجازة عند المحدثين، و كان ذلك بعد صلاة المغرب، أعطاني الكتابَ و هو عبارة عن نُسخة بخطِّ اليد مصوَّرة، و طلب مني تصويرَه و إرجاعَه في الغد، كان بشوشاً في استقباله، لا تُغادرُ البسمةُ مُحيَّاه الطاهر.
جئتُه في الغد يوم الخميس 16/ 4/1417 و دخلتُ بيتَه و لقيتُ عنده فئةً من الناسِ يقرأون عليه، و ختمَ بالإجازة، لم تكن نيتي نيتهم بقدر ما هي أخذ للكتابِ ليس إلا، أنهوا مجلسَهم، و رُفع أذان المغربِ، فسألني عن مرادي فأعطيته الكتابَ بعد تصويري إياه، عتبَ إذْ لم أدخل مع القومِ _ لظنه أنني جاءٍ كما هم _، فخرجنا للصلاة و رجعنا، فأجلسني في مجلسه، فبدأ بعرْضِ " المسلسل بالأولية "، و أملى الإجازةَ و كتبتها بيدي، و ختم بتوقيعِ اسمه، و أهداني كتابَه " القول الفصل ".
تبادلنا الحديثَ بقيةَ الوقتِ، مما يقرُبُ من الساعةِ، كان فيها جمَّ الفائدة، جزيل العائدة، جرى حديثٌ عن ثَبَتِ أسانيدِه و مروياته فذكرَ ما عمِلَه الناسُ الآخذين عنه، و لمْ يُخْلِ شيئاً من مدحٍ و لا من نقدٍ.
تكررت الزياراتُ له في بيته، و هو هو في هيئته و بشاشته، أذكرُ فيه بيتَ الأولِ العربي:
مَن يكُ ذا بَتٍّ فهذا بَتِّي
مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
فثوبه واحد لم يتغير صيفاً و لا شتاءً، ذاك الثوبُ الأزرقِ، و ترحيبه بالزائرين على اختلافِ طبقاتهم.
أذكرُ كلامَه عن بعضِ الأعيان الحديثيةِ التي تزوره، فنعتَ كلاً بما لديه، فلانٌ يسعى خلف الإجازات، و فلان لحوح، و أما فلان فدعك عنه، و الرابعُ فيه كيتَ و كيتَ.
و عن الكتبِ فهي حديثٌ مجلسه، أطلعني على نسخته من " فيض القدير " الجزء السادس، و فيها ذكر المناويُ _ رحمه الله _ كلاماً فيه لمزٌ بابن تيميةَ و ابن القيِّم _ رحمهما الله _ و قد علَّقَ على كلامه في هامشِ الصفحة، استنسختُ ما علَّقَه، فرقمته في نسختي لما رجعتُ، كشيءٍ من اقتناصِ الفوائد الطائرة، و عن كتابِ " زاد المسلم " للشنقيطي كلامٌ في مدحه سوى مأخذٍ في الاعتقاد و منه عرفتُ الكتابَ فكان بحرَ علمٍ زاخرٍ.
" جزء الألف دينار " لأبي بكر القطيعي _ رحمه الله _ أوصاني به عند عتبة بابِ بيته، و قال: " هذا الجزء مفيد و نافع يستحقُّ من يقرأه أن يُوْهَبَ ألفَ دينار "، و من عتبةِ دارِه إلى عتبة المكتباتِ أقتنيَ الكتابَ و أنهيه في يومي ذاك لأخبرَه بما جرى، فكان حامداً مثنياً.
تكلم عن كتبِ أحد من كانت بينَهما مشاحناتٌ و اختلافاتٌ، فلمزَ لمزاً قوياً، و كلام القرين مطويٌّ غير مرويٍّ، و التغافلُ محمدة مَسْعَدَةٌ.
كان كثيرَ الشكوى من حال طُلاب العلوم، و ما هم فيه من كسلٍ و عجزٍ، و ما آلَ إليه حالُ الكثيرين من اهتمام بِصُوَرِ العلوم دون حقائقها، و ملاحقة المظاهرِ دون مراعاة الجواهر، أنشدني عند خروجي من بيته يوماً، و تلك العتَبَةُ تحكي تاريخاً بيننا، فكم بقينا واقِفَيْنِ عليها شيئاً من الوقت عند التوديع، أنشدني:
هذا الزَّمانُ الذي كُنَّا نُحَذَّره
من قولِ كعبٍ و ابن مسعودِ
إن دام هذا و لم يحدث له غِيَرٌ
لَمْ يُبْك ميْتٌ و لم يُفْرَح بمولودِ
خفت صوته قليلاً و هو يسرُد البَيْتَيْن، فاستعدته إياهما، فابتَسَم، و قال: طالب العلم ينبغي له ألا يستعيد كلاماً، ليكنْ مُدركاً إياه من أول مرةٍ.
سألته عن كتابِ " النبذة النحوية " و هو عبارة عن ترتيبٍ لمتنِ " الآجرومية " على طريقة السؤال و الجواب، فأخبرني بأنه قديم جداً، و استبعد وجودَه عنده، و في السوق، فاستمهلني قليلاً مستأذناً فخرجَ من المجلسِ و عاد بالكتابِ مصوراً، مكتوبٌ على طرَّتِه تملُّك ابنه إياه، فقال لي: خذه و أنا عند ابني، فابتسم، أخذتُ الكتابَ و قد كان تصويراً، و كان لكتابِه عن إسنادِ " بانت سعاد " أثراً قوياً في نفسي، فقد كانت نُسخته الوحيدة و عليها حظر الإعارة فأهدانيها بطيبِ نفسٍ.
قال أحدهم: من شربَ من خمر الدنيا لم يشربْ من خمر الآخرة، و لو تاب، فاستنكرتُ قولَه، فسألته: فقال: كلامُ جاهلٍ، فلا يُسْقِ شاربَ خمرِ الدنيا إن استسقاه.
ساعاتُ لقائي معه كثيراً، و جلساتنا ممتعة مفيدة، و لا عجبَ فهو بحرٌ علمٍ لم يطرُقْ ساحلَه غائصٌ يوماً، و كنزٌ لم تُعرَف خريطةٌ تُوصِل إليه، و صندوقُ معارفَ لم تُدرَك مفاتح أقفاله، رحمه الله تعالى، كان ذلك هو العلامة الكبير: إسماعيل بن محمد الأنصاري.
كتبتُ عنه اليومَ لإيحاءِ خاطرِ منامٍ وَرَدَ، و قد مضى زمنٌ على أُفولِ نجمه.
الجمعة الغراء
4/ 5/1429
ـ[العدناني]ــــــــ[28 - 06 - 08, 06:55 م]ـ
جميلة ...
جميلة هذه الإسماعيلية الأنصارية ...
بارك الله فيك ...
وعندي اعتقاد أن لديك المزيد فلا تضنن علينا به ...
¥