البدء في الدعوة بالهمة والعزيمة حدد تاريخه فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - فقال: (من حدود سنة 76هـ وما بعدها التزم بتغيير المنكرات التي كانت تتمكن من البلاد فالتزم بأن يغيّر، وإذا لم يستطع التغيير بيده فإنه يتصل بالمسؤولين، يتصل بالملك سعود في ذلك الوقت، وكذلك بالأمراء الذين إليهم الأمر زيادة على اتصاله مع الإخوة المشايخ، والشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – وتذكيره بما حصل وأنه يوجد في المكان الفلاني سينما، وأن هناك من يدعو إليها، وأنه يوجد في المقاهي في مكان كذا وكذا منكرات وشباب كثير، يعكفون على النظر في تلك الأفلام وتلك الصور، ونحو ذلك، وهكذا كلما ذكر له منكر لامسه بعض المواطنين، أو بعض المتعاقدين، لم يسعه السكوت حتى يتصل بأولئك المسؤولين ومقابلتهم.
ولما اشتغل الهاتف وكان ذلك في حدود 86هـ وما بعدها كان منه الهاتف دائما مشغولا، يتصل بالمسؤولين ويذكرهم وينصحهم، وبالعلماء ويحثهم على القيام، وبالأخص المشايخ الكبار: كالشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد العزيز بن باز، ونحوهم ويحثهم على أن يقوموا بالدعوة إلى الله تعالى.
وهو من المؤسسين لندوة الجامع الكبير – في الرياض - والتي تقام كل يوم خميس، وكانت ندوة مباركة، يقدم فيها مواضيع متنوعة تهتم بموضوعات العصر، وما يستجد فيه من انتشار لبعض المخالفات الشرعية، وطرح المواضيع المؤصلة، ويشارك فيها نخبة من علماء وطلبة العلم الراسخين، ثم يعلق عليها المفتي ويجيب على أسئلة الحضور، وهذه الندوة لا زالت مستمرة إلى يومنا هذا ولله الحمد منذ عهد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى.
كما أسس الشيخ مكتبة شيخ الإسلام ابن تيمية التابعة للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة الرياض، حيث أدرك – رحمه الله – أهمية البحث العلمي، وضرورة توفير الكتب والشريط الإسلامي، فأسس هذه المكتبة عام 1389هـ، وجعلها في المقر الرئيسي السابق للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، مع معهد القرآن الكريم وعلومه، وذلك ليتمكن الباحثون من الاطلاع على المصادر والمراجع الأصلية، وأيضا تمكين الناشئة الطلاب من التعرف على أمهات الكتب، بالإضافة إلى تمكين القراء من الاستعارة وفق نظام المكتبة الداخلي، كما أن قسم الشريط في المكتبة يوفر لمرتاديه تسجيلات القرآن الكريم، بأصوات بعض مشاهير القراء، وبعض طلبة الجمعية البارزين، وكذلك تسجيل بعض الدروس، والمحاضرات العلمية، والخطب، وبعض المتون والمنظومات المتعلقة بعلوم القرآن الكريم، وغيرها من المنظومات المفيدة لطالب العلم.
وكان لفضيلة الشيخ إسهام في الإعلام وبالذات الصحافة ودائما ما كان يحضر إلى الصحف ويحمل (كلمة) فيها تنبيه على خطأ معين أو تحذير من شيء معين أو تذكير بمناسبة معينة (صوم، حج، عشر ذي الحجة، عاشوراء) أ و تحذير من مسائل أو أمور خطيرة.
كما كان له إسهام مبارك في إذاعة القرآن الكريم وتقديم عدد من البرامج النافعة: في العقيدة والآداب،والسيرة النبوية، علما بأن الشيخ عند ركوبه السيارة - سواء في سفر أو حِل، كان حريصا جدا على سماع إذاعة القرآن الكريم؛ فيطلب من السائق مباشرة تشغيل الإذاعة، وكان يتأمل أن يكون القراء في الإذاعة من الشباب خريجي الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
كان الشيخ مرجعا لكثير من الناس وطلاب العلم في الاحتساب على إنكار المنكرات وذلك بالنظر لأمرين:
الأول: أن الشيخ رحمه الله قد فتح صدره قبل أبواب بيته ومكتبه لكل من يتوجه إليه طالبا توجيها أو نصيحة أو استشارة أو عونا على فعل الخير أو إنكار منكر.
الثاني: أن الشيخ رحمه الله لم يكن يقصد تشهيرا بأحد ولا تنقصا له بل كان قصده إثبات الخير وإسداءه وإزالة المنكر قدر الاستطاعة فقبلت منه النفوس وأجلت شخصه الكريم.
الشيخ وإنكار المنكر:
كان رحمه الله حريصا على إنكار المنكر أيا كان فاعله لا تأخذه في الحق لومة لائم: فكان ينصح ويعظ أولا أبناءه وزوجاته، ثم الأقرب، ثم بقية الناس من ولاة أمر، ومسؤولين وأغنياء وفقراء، لا يرى منكرا إلا غيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فأينما يرى مكروها رحمه الله إما أن يتكلم عنه، أو يرسل خطابا للمسؤول عنه ويسأل تغييره.
¥