[بديع الزمان النورسي .. رجل طابقت سيرته لقبه]
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[11 - 07 - 08, 08:54 م]ـ
السلام عليكم إخواني الفضلاء
أنقل إليكم في هذا الموضوع نبذة مختصرة عن شخصية إسلامية معاصرة ربما لا يعرفها كل العامة وقد يجهل الكثير عنها جل المثقفين مع جدارة هذه الشخصية بالاهتمام ودراسة مؤلفاته دراسة متأنية.
بديع الزمان النورسي
"قلة قليلة تلك التي تعرف شيئاً ذا بال عن الشيخ المجاهد العالم العامل بديع الزمان النورسي، وهو من هو علماً ومكانه في تاريخ تركيا الحديثة التي شهدت تطورات خطيرة في هذا القرن العشرين، وما تزال آثاره حتى الآن يتفاعل بها المجتمع التركي المعاصر، الأمر الذي حدا بي إلى كتابة هذا التعريف الموجز به ليكون بمثابة المدخل إلى شخصيته".
المولد:
ولد سعيد النورسي في قرية (نُورس) الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام (1294هـ – 1877م) من أبوين صالحين كانا مضرب المثل في التقوى والورع والصلاح ونشأ في بيئة كردية يخيم عليها الجهل والفقر، كأكثر بلاد المسلمين في أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين. وإلى قريته (نُوْرس) يُنْسَب.
علمه:
وقد بدت عليه أمارات الفطنة والذكاء منذ طفولته، ولمّا دخل (الكُتَّاب) وتتلمذ على أيدي المشايخ والعلماء بهرهم بقوة ذاكرته، وبداهته، وذكائه، ودقّة ملاحظته، وقدرته على الاستيعاب والحفظ، الأمر الذي جعله ينال الإجازة العلمية وهو ابن أربع عشرة سنة بعد أن تبحّر في العلوم العقلية والنقلية بجهده الشخصي، فقد حفظ عن ظهر غيب، ثمانين كتاباً من أمّات الكتب العربية كما حفظ القرآن الكريم في وقت مبكر من حياته الخصبة الحافلة.
كما عكف على دراسة العلوم العصرية، أو العلوم الكونية الطبيعية، (رياضيات، وفلك، وكيمياء، وفيزياء، وجيولوجيا) والجغرافيا والتاريخ والفلسفة الحديثة وسواها من العلوم، حتى غدا عالماً فيها، ومناظراً فذاً للمختصين بها، صار له رصيد ضخم من المعلومات، مكّنه من الانطلاق من مرتكزات علمية سليمة.
كان طالب العلم سعيد النورسي شديد الاحتفال والاشتغال والتعلّق بالفلسفة والعلوم العقلية، وكان لا يقنع ولا يكتفي بالحركة القلبية وحدها، كأكثر أهل الطرق الصُّوفية، بل كان يجهد لإنقاذ عقله وفكره من بعض الأسقام التي أورثتها إياه مداومة النظر في كتب الفلاسفة.
مع القرآن الكريم:
في عام 1894 تناهى إلى سمعه أن وزير المستعمرات البريطاني (غلادستون) وقف في مجلس العموم البريطاني، وهو يحمل المصحف الشريف بيده، ويهزّه في وجوه النواب الإنكليز، ويقول لهم بأعلى صوته:
" ما دام هذا الكتاب موجوداً، فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان، لذا، لا بدّ لنا من أن نعمل على إزالته من الوجود، أو نقطع صلة المسلمين به".
فصرخ العالم الشاب سعيد النورسي من عمق أعماقه:
"لأبرهننّ للعالم أجمع، أن القرآن العظيم شمس معنوية لا يخبو سناها، ولا يمكن إطفاء نورها".
ورأى النّورسيُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وسأله أن يدعو الله له: أن يفهّمه القرآن، وأن يرزقه العمل به، فبشّره الرسول الكريم بذلك، قائلاً له:
"سيوهب لك علم القرآن، شريطة ألا تسأل أحداً شيئاً".
وأفاق النورسيّ من نومه، وكأنما حيزت له الدنيا .. بل .. أين هو من الدنيا، وأين الدنيا منه .. أفاق وكأنما حيز له علم القرآن وفهمه، فقد آلى على نفسه ألا يسأل أحداً شيئاً، استجابة لشرط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وهبه الله ما تمنى، وصار القرآن أستاذه ومرشده وهاديه في الدياجير التي اكتنفت تركيا الكمالية.
بديع الزمان في مهبّ الأعاصير:
نستطع تمييز مرحلتين في حياة الإمام سعيد النورسيّ:
الأولى: مرحلة سعيد القديم، وتبدأ من مولده حتى نفيه إلى بلدة (بارلا) عام 1926 وهذه المرحلة هي مرحلة الإعداد الذاتي لنفسه، ومرحلة العمل الفردي، وخوض المعارك السياسية، مدافعاً عن الخلافة، وعن القرآن والإسلام، مهاجماً أعداء الإسلام وأعداء الخلافة والقرآن.
وفي هذه المرحلة:
¥