تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - وذات مرة بعد درس التفسير، وكان باعة الكتب العربية والمجلات والجرائد العربية يتقصدون الجامع الأخضر حين درس التفسير للبيع لأنهم يعلمون أن عامة قراء العربية يحضرون هذا الدرس. وكان الشيخ من عادته أن يدخل المقصورة بعد الدرس ولا يخرج حتى ينصرف الناس، وفي يوم من الأيام خالف الشيخ عادته وخرج مع الناس، وكان شيخنا رمضان يشتري عددا من جريدة الأهرام المصرية ولمح حينها الشيخ خارجا من المسجد.

وفي الغد إذا بعريف المنطقة يقول له: إن الشيخ ابن باديس يطلبك ... فتوجس الشيخ رمضان خيفة وقال للعريف: أستحلفك بالله أن تخبرني بالسبب، قال العريف: أقسم لك بالله أني لا أعلم شيئا ولم تُذكر في مجالس العرفاء بسوء أبدا .....

وعندما لقي الشيخ ابن باديس سأله: لماذا أتيت إلى قسنطينة؟

قال: أتيت لطلب العلم

قال: من المسؤول عنك هنا؟ قال: العريف، قال: وقبل العريف، قال: أنت

قال الشيخ: أنا المسؤول عنك أمام والديك وأمام باقي الناس، وقد علمتُ أنك تشتغل بأمور أخرى غير الدراسة

قال الشيخ رمضان: أتحدى كل من يتهمني بأني أشتغل بأمور أخرى غير الدراسة ....

قال الشيخ: أنا الشاهد

قال رمضان: إذن لم يبق لي كلام بما أنك أنت الشاهد وأنت الحكم، فاحكم بما تراه مناسبا.

قال الشيخ ابن باديس: أنت تشتغل بالسياسة

قال: كيف استنتجت ذلك؟

قال: رأيتك أمس اشتريت الجريدة

قال لي الشيخ رمضان: لولا هيبة الشيخ لضحكتُ ثم قلت: قراءة الجريدة تعني الاشتغال بالسياسة ...

قال: نعم هذه هي البداية وهذه الخطوة الأولى تتبعها خطوات. وذلك المبلغ الذي اشتريت به الجريدة لو زدت عليه مبلغا ثانيا وثالثا لاشتريت كتابا ينفعك في دراستك عوضا عن الجريدة التي تُقرأ في حينها وترمى ...

قال الشخ رمضان: أنا اشتريت الجريدة لأن الطلبة كانوا يتناقلون أخبارا عن مظاهرات للطلبة المصريين في القاهرة تدخلت فيها الشرطة ومات عدد منهم، وكان كل واحد يروي قصة تختلف عن الآخر فأحببت أن أتأكد وآخذ الحقيقة من المصدر، ونحن طلبة يهمنا ما يقع لإخواننا في باقي دول العالم الإسلامي.

قال الشيخ: هذا يدل على حس سياسي

قال رمضان: أنا أعاهدك أن لا أشتغل بالسياسة ما حييت

قال الشيخ: أنا لم أطلب منك هذا أنا أقول لا تشتغل بالسياسة الآن ما دمت في دراستك وبعد ذلك أنت حر.

3 - كانت هناك مجلة عنوانها "الرابطة العربية" يصدرها أمين سعيد، ثم ظهرت مجلة أخرى لعل اسمها "الرابطة الإسلامية" أو "الدعوة الإسلامية" أو شيئا يشبه هذا (النسيان مني أنا العبد الضعيف لأني كنت نادرا ما أسجل ما يقوله لي الشيخ وأعتمد على ذاكرتي فضاعت لي معلومات كثيرة للأسف)، قال لي الشيخ رمضان فسألت الشيخ ابن باديس: هذه مجلة تدعو إلى الوحدة العربية وتلك أخرى تدعو إلى الوحدة الإسلامية، فأي الفكرتين أقوم وأهدى سبيلا؟

فأجابه الشيخ بجواب مطول خلاصته أنه لا يمكن أن تقوم الوحدة الإسلامية إلا بعد قيام الوحدة العربية، فالعرب هم قلب العالم الإسلامي وهم الذين نزل القرآن بلغتهم ولا يمكن أن تقول للمسلمين قائمة إذا بقي العرب في ذلهم وانحطاطهم، فالوحدة العربية طريق للوحدة الإسلامية. ويستشهد الشيخ ابن باديس بنصوص من الكتاب والسنة في هذا المجال ومنها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها".

4 - كان شيخنا محمد الصالح رمضان يكره التقبيل الذي جرت به العادة عندنا، وقد أخذ ذلك عن شيخه العلامة عبد الحميد بن باديس. وكان يقول: إن ابن باديس كان يكره التقبيل ويقول السُنّة المصافحة. وكنت أعلم كرهه للتقبيل فلم أكن أفعل ذلك، وكنت أرى تضايقه من التقبيل في الأعياد وغيرها من المناسبات حين يأتيه الجيران والأقارب ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير