وذات مرة زرته أنا وأخي وصديقي خالد مكي رحمه الله (ابن المجاهد المسلم الأستاذ الشاذلي مكي رحمه الله). أما أنا فصافحته كما هي عادتي، وأما خالد فقبله. فقال له الشيخ: يا ابني إن ابن باديس كان يقول لنا السنة المصافحة فلا داعي لهذا التقبيل ... فأجابه خالد: لكن أبي قبل الشيخ ابن باديس ... فضحك الشيخ رمضان قائلا له: أبوك لا أحد مثله ... (يُشير خالد إلى المحاضرة التي ألقاها الشيخ ابن باديس في تونس ولما أكملها قبله على رأسه الأستاذ الشاذلي مكي الذي كان طالبا آنذاك. انظر آثار ابن باديس (4/ 119)).
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[08 - 09 - 08, 03:05 ص]ـ
وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس:
يتذكر شيخنا محمد الصالح رمضان جيدا وفاة شيخه عبد الحميد بن باديس، وقد كانت في إجازة الربيع ولذلك لم يسمع بالوفاة طلبة الآفاق ...
توفي الشيخ ابن باديس رحمه الله بعد مرض لم يطُل به، إذ أخذه أبوه وإخوته إلى منزل العائلة ليقوموا بعلاجه على أحسن وجه.
وفي يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359 هـ (16 أفريل 1940 م) وقت القيلولة كان الشيخ رمضان متكئا، فسمع البكاء فذهب إلى بيت الشيخ فوجده مُسجى والناس يدخلون صفوفا لرؤيته.
ثم رأى أعضاء جمعية التربية والتعليم التي كان يرأسها الشيخ ابن باديس أن يقوم على تجهيزه تلاميذه الذين كانوا أقرب الناس إليه في حياته.
فقام بتغسيله الغسيري وآخر لا يذكره الشيخ رمضان، وقام بالتكفين محمد الإبراهيمي أحد أقرباء الشيخ البشير الإبراهيمي وأعانه في ذلك الشيخ محمد الصالح رمضان.
وحمل الجنازة تلاميذه يتناوبون عليها، وسُدّت طرق قسنطينة كلها وتوقفت حركة السير، ولم يتيسر للكثير الحضور لأنه زمن حرب والتتقل يقتضي رخصة.
وصلى على الجنازة الشيخ مبارك الميلي وأبنه الشيخ العربي التبسي رحم الله الجميع.
بعد وفاة الشيخ نقل أخوه المحامي الزبير بن باديس كل كتب الشيخ إلى مقر الميتم الذي كان يُديره في حي سيدي مبروك خوفا عليها من الضربات الجوية إبان الحرب العالمية (وهي الكتب التي كانت في بيته، والتي كانت في مقصورة الجامع الأخضر، والتي كانت في إدارة الشهاب، والتي كانت في مدرسة التربية والتعليم). وكانت وصية الشيخ أن تكون مكتبته نواة لمكتبة عمومية يستفيد منها عامة الناس.
يقول الشيخ محمد الصالح رمضان: وبعد مدة وجدنا بعض كتب ابن باديس تباع في الأسواق!!!
وقد اشترى نسخة الشيخ ابن باديس من كتاب "أحكام القرآن" لابن العربي المالكي، والشيخ ابن باديس رحمه الله له عناية خاصة بكتب ابن العربي وهو أول من طبع كتابه "العواصم من القواصم".
وقد استعرت منه الكتاب وصورت منه بعض الورقات. وتجدون في المرفقات صورة للورقة الأولى من الكتاب وفيها كلمات للشيخ عبد الحميد بن باديس بخط يده.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - 09 - 08, 06:04 م]ـ
الأستاذ الفاضل محمد الأمين فضيل: بارك الله فيك على هذا الموضوع الماتع، متعك الله بالصحة والعافية ...
رحم الله تلك النفوس التي كانت مصابيح في سماء الجزائر ...
واصل وصلك الله بمنه وكرمه ...
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[10 - 10 - 08, 01:06 م]ـ
الشيخ محمد الصالح رمضان والشعر
يقول الشيخ رمضان: "لا أستطيع أن أصف نفسي بالكاتب أو الشاعر"، ويقول أنه لا يقارن بشعراء الجزائر الكبار كمحمد العيد وسحنون، لكن كانت له محاولات شعرية جيدة تدل على ذوق أدبي رفيع. وقد نظم الشيخ مجموعة من الأناشيد الكشفية نشرت في كتاب "ألحان الفتوة".
وقد بدأ الشيخ رمضان أولى محاولاته لنظم الشعر في قسنطينة أيام الدراسة على الشيخ ابن باديس، وكان لأستاذه حمزة بوكوشة دور لا بأس به في تنمية ذوقه الأدبي وفي تشجيعه إلى نظم الشعر. وكان الشيخ رمضان يتردد على أستاذه الشيخ حمزة في بيته ويتبادل معه أحاديث في ميادين الأدب والشعر، ونشأت بينهما منذ ذلك الحين صداقة حميمة انتهت بزواج ابنة الشيخ رمضان الكبرى سكينة من بشير ابن الشيخ حمزة (وقد توفوا جميعا رحمهم الله).
وذات مرة كتب الشيخ رمضان قصيدة وعرضها على شيخه حمزة ليُبدي رأيه فيها وملاحظاته عليها، وكان كلما يسأله عنها يعتذر بالأشغال والتعليم.
¥