تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرى جامعة كالمدرسة السلطانية الأولى، مكتب عنبر والمدرسة الحربية، ومدرسة التجهيز، ومدرسة الأدب العليا، تغطي مناحي العلوم والمعارف العصرية، وقد أسهم الأستاذان عبد القادر ونجله محمد في التدريس العالي وبلا جهودا ً كبرى في التأليف، وإعداد المناهج الوطنية الملائمة للأجيال العربية، ولا سيّما في مجال التربية الإسلامية واللغة العربية.

ولأجل ذلك كله امتاز أستاذنا الدكتور المبارك بالثقافة الواسعة والانكباب على العلم والتعليم والتصدي للتأليف والتسلح بالوعي، وقد جمع بين ما تلقاه من أسرته وبيئته عفوا وقصدا، وما حصّله من تدرجه في مستويات التعليم المنظم حتى اجتمع له ما لم يجتمع لأقرانه، وهيهات أن تجتمع لمثقفي أيامنا هذه الثقافة الدينية الخالصة في علوم القرآن والحديث والفقه، والمعارف العامة في التاريخ والتراجم والسير، والمعارف اللغوية في النحو والمعجم والاشتقاق والتعريب، إضافة إلى ولع بالأدب والشعر حفظا ودراسة ممّا قلّ نظيره.

كان الدكتور مازن ابن بيئته ومجتمعه وعصره، أما بيئته فقد كان جوّه مفعما ً بالمعاني الإسلامية والثقافة العربية، وهما المادّتان اللتان نبغ فيهما أبوه وأخوه.

وكان بيتا ً يؤمه أصدقاءه والده وتلاميذه ليفيدوا من الشيخ المبارك ومكتبته العامرة، وكان بيتا ً لا يخلو من مجلس من مجالس المذاكرة والعلم، وكان ذلك كله يجري على مرأى ومسمع من الطفل، ثم الشاب الناشئ – الدكتور مازن- كما حدثنا الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله- في مذكراته.

وأما المجتمع الذي تفتح فيه أستاذنا المبارك، فهو مجتمع العلماء والمثقفين الذين عرفهم مع أبيه، ثم مع أخيه في المجتمع العلمي وفي مجالس العلم، التي كانوا يقصدونها، والتي كثيرا ما سمعنا وصف بعضها وأسماء المشاركين فيها من أستاذنا الدكتور مازن حين ينطلق لسانه في جلساته الخاصة متحدثا عن ذكرياته المبكّرة، فيذكر من العلماء العارفين:

الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ أحمد الحارون، والشيخ أبا الخير الميداني، والشيخ إبراهيم الغلاييني.

ومن رجال الثقافة والأدب:

الأستاذ كرد علي، وخليل مردم بك، وعز الدين التنوخي، والشيخ بهجة البيطار، والشيخ عبد القادر المغربي.

ومن الشباب – إذ ذاك-:

علي الطنطاوي، وأنور العطار، وأمين المصري، وغيرهم.

وقد أدرك أستاذنا المبارك طائفة من علماء الأمة وأدبائها في دمشق، ثم في القاهرة، كانت له بهم صلة عادت عليه بالأثر الطيب، كالأستاذ شفيق جبري، والدكتور أمجد الطرابلسي، والأستاذ سعيد الأفغاني في دمشق، وكالعلامة الأستاذ محمود محمد شاكر، والدكتور شوقي ضيف، والدكتور عبد الحليم النجار، وغيرهم.

لقد استقى الدكتور مازن من تلك الينابيع الثرّة وأضاف إليها ما حصلّه بنشاطه، ومطالعاته، وقد كان معروفا بين زملائه بولعه العجيب بالقراءة والمطالعة وبشوقه ورغبته في حضور المحاضرات والمناقشات العلمية ومجالس العلم والأدب.

الأستاذ الدكتور مازن المبارك محققا ً:

أستاذنا الجليل الدكتور مازن المبارك – مدّ الله في عمره- متعدد جوانب الثقافة والنشاط وهو فيها كلها متقنٌ صَنَاع، فهو محاضر من طراز رفيع، وكاتب بحث بارع، ومؤلف متمرّس مجتهد، ومحاور لبق صاحب حجة، ونحويّ مالكٌ لآفاق اختصاصه، لكن لم يستبدًّ به النحو، ولم يستطع أن يحجبه عن آفاق الثقافة المترامية الأطراف، ومعظم جهوده العلمية بل كلها قاطبة متجهة ٌ إلى خدمة العربية، وإعلاء شأنها، والمنافحة عنها، وإبراز عبقريتها، وجمالها إنتاجه متقن غير مكثر، بعيد كلّ البعد عن الادعاء، يصون كل ما يكتبه وينشره كما يصون منبره الجامعي أيضا ً، عن الابتذال والفضول.

ولا أستطيع هنا أن أوفي جوانبه العلمية حقها، لأن مجال البحث هو جهوده في التحقيق وحدها، والتحقيق جانب هام من جوانب اهتماماته العلمية.

والتحقيق كالتأليف يتطلب أول ما يتطلب أساساً أخلاقيا ً ينطلق منه، وإليه يستند، فهو أمانة والأمانة ثقيلة، إلا على أولي العزم، وهو أخلاق، والأخلاق صعبة ٌ، إلا على من راضَ نفسه على ممارستها، وكبح أهواءه عن جماحها وأخضعها لمقتضاها ... والتحقيق أو لأقلْ: إتقان التحقيق صعب وطويل سلّمه ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير