ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[31 - 10 - 08, 06:37 م]ـ
من القبس
عبدالرحمن عبدالوهاب عبدالرحمن الفارس
كتب عبدالمحسن الجارالله الخرافي:
غيّب الثرى صباح الاحد المنصرم علماً من اعلام الكويت واحد ابرز الرموز الاجتماعية والدينية في الكويت، وهو الشيخ عبدالرحمن ابن عبدالوهاب بن عبد الرحمن الفارس، سليل اسرة كريمة اشتهرت برجال العلم فيها حتى ميّزها اهل الكويت باسم الفارس المطاوعة تمييزا لها عن العائلات الاخرى التي تشترك معها في الاسم نفسه، ولم اسمع حسب علمي المتواضع بهذا اللقب المميز لعائلة اخرى سوى العمر المطاوعة تمييزا لها عن بقية عائلات العمر.
ومن المشايخ الذين سبقوه في اسرة الفارس الكريمة: الشيخ محمد بن عبدالله الفارس، الشيخ حمد بن عبدالله الفارس، الشيخ عبدالمحسن بن الشيخ محمد بن عبدالله الفارس ووالده الشيخ عبدالوهاب عبدالرحمن الفارس، الشيخ عبدالوهاب عبدالله الفارس، الاستاذ عبدالعزيز عبدالله الفارس، إضافة إلى العديد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية المرموقة من رجالات هذه الاسرة الكريمة، ولا تكفي هذه العجالة لذكر جميع اسمائهم.
ولد في 17ــ12ــ1937 في منطقة المباركية، ووالدته هي ابنة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن فارس، فهي من بنات عمومته.
بدأ مسيرته التعليمية في سن السابعة لدى الملا مرشد محمد السليمان في مدرسته شبه النظامية، ثم بعد ست سنوات التحق بالمعهد الديني في موقعه الاول، وهو موقع سوق الذهب حاليا في المباركية، ثم توجه الى القاهرة طلبا للعلم في رحاب الازهر الشريف حتى عاد منه خريجا عام 1962.
بدأ حياته الوظيفية رئيسا لقسم التوجيه الديني في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في عهد وزيرها آنذاك الشيخ مبارك الحمد الصباح، واستمر في تدرجه الوظيفي حتى صدر مرسوم اميري بتعيينه وكيلا مساعداً «لشؤون الحج والمساجد» عام 1969.
وقد كان له برنامج اذاعي واخر تلفزيوني معروف اسمه «دنيا ودين» من عام 1964 الى عام 1969.
وقد طبعت له وزارة الاعلام مشكورة كتابه «الاجوبة النافعة في المسائل الواقعة».
لقد تجلت ثقة المسؤولين به وبعدالة شخصيته وحسن سمعته في عدة مظاهر، منها تكليفه برئاسة بعثة الحج الكويتية عدة مرات، ورئاسة لجنة شراء العقارات الخاصة بالوقف، واللجنة الدائمة للمعونات الخارجية.
اما بصماته الوظيفية فأبسطها ارتفاع عدد المساجد في فترة توليه المسؤولية عن قطاع المساجد من مائتين الى ثمانمائة وخمسين مسجدا، وقد شهدت تلك الفترة تنسيقه الجيد والناجح مع الجهات المعنية الاخرى كالاشغال والبلدية.
كما ساهم في طرح فكرة معهد الامامة والخطابة وانشائه، الامر الذي ساهم في زيادة فاعلة في عدد الائمة والخطباء.
بصمات وظيفية كثيرة، لكن لضيق المساحة عن الاحاطة بانجازاته اختم بالجانب الاجتماعي للمرحوم، حيث كان آية في صلة الرحم وصلة ذات البين وتفقد الاصدقاء حتى اخر لحظة من حياته او حياتهم، وقد بلغ به الوصل بهم حد الاتصال الشخصي بهم كل صباح حين اقعده المرض عن الخروج اليهم في مجالسهم. ولكونه «حمامة مسجد» فقد ترك في مسجده فراغا كبيراً، خصوصا في المسجد الذي بناه باسم ابنه عثمان رحمه الله، حيث يشعر كل من حوله بدفء اجتماعي يحيط به محبيه.
اما حسن تربيته فلا تسل عنه، ويكفيك الذرية الطيبة التي اورثها طباعه الكريمة فالتفوا حوله في حياته، ووصلوا رحمه واصدقاءه حين اقعده المرض، ولا يزالون على العهد ان شاء الله.
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته.
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
[email protected]
ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[03 - 11 - 08, 09:21 م]ـ
للدكتور / عصام عبد اللطيف الفليج
ورحل الفرسان
تفتقد الكويت كل يوم علما من اعلامها ورمزا من رموزها، وليس لنا الا القبول بقضاء الله عز وجل، فهذه سنة الحياة، والإيمان الحقيقي يبرز في مثل هذه المواقف، كما ان معاني الوفاء تعلو هنا، ومن جهل الناس بعلمه وفضله ليس منقصة فيه، فالله أعلم بعباده، وهو أكرم وأرحم وأجود وأعدل.
والعبرة ليست في التأبين والعزاء وذكر المآثر، لأنها امور تخصه، وليست العبرة بالتكريم والتخليد، لأنه ذهب الى ربه، ولكن العبرة في الاعتبار ممن مضى .. الاعتبار من العطاء والإخلاص، الاعتبار من نهل العلم والإفادة به .. الاعتبار من التميز والإبداع .. الاعتبار من الإنجاز والمبادرة .. الاعتبار من الصمت والوفاء .. الاعتبار من الكبار الذين يحق ان نطلق عليهم «كبار».
بالأمس افتقدنا العم الشيخ عبدالرحمن عبدالوهاب الفارس - رحمه الله - الذي ذاع صيته في الكويت منذ أكثر من اربعين عاماً، فمنذ وعيت على الدنيا وأنا أسمع عنه وسمعته الرائعة في مختلف المجالات، فقد اجرى قفزة نوعية في مفهوم إدارة المساجد بعيداً عن التلقائية والتقليدية، سواء من حيث البناء أو التأثيث أو تطوير الخدمات والمرافق العامة للمسجد وملحقاته، فكان أول من قام بفرش المساجد بالسجاد بعد الحصير، وتوفير برادات الماء بدل الزير «الحب»، وإدخال التكييف بعد المراوح، كما ارتفع عدد المساجد في عهده من 200 الى 850 مسجداً، وساهم في نشر حلقات القرآن وتشجيع حفظ كتاب الله، وطباعة المصاحف، وحث الائمة على التوعية الدينية للمصلين من خلال الدروس والخواطر الدينية والايمانية والاخلاقية.
وكانت له بعض المؤلفات القيمة، والبرامج الاذاعية والتلفزيونية، كما كان يقوم بعقد القران للمئات من الاسر في الكويت، وكان الناس يحرصون عليه لتقواه وورعه، فكان مضرب مثل في ذلك .. رحمه الله رحمة واسعة، وادخله فسيح جناته.
.............
انهم الفرسان الذين عندما ترجلوا افتقدناهم في الميدان، وستفتقدهم الاجيال والاوطان، فكانوا مثالا رائعا في كل شيء .. وهكذا هم اهل الكويت «الحقيقيون» .. عطاء لا ينضب، واثر لا ينسى، وذكرى خالدة، وقد آن الاوان لأن يكونوا نبراسا لابنائهم اولا ولشباب الكويت ثانيا لينهلوا من هذا المعين الصافي، ويتعلموا منهم معنى الاخلاص والوفاء والبذل والعطاء .. عطاء بلا حدود، وبذل بلا ثمن سوى حب الوطن.
...
قال ابن تيمية رحمه الله: «ليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم الآخرة .. الا نعيم الايمان».
تاريخ النشر 02/ 11/2008
¥