تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ورجع الشيخ محمد أدراجه إلى حريملاء، وأقام عند أهله مدة قصيرة وواصل طلب العلم على مشايخ بلده، وكانت له طموحات في طلب العلم وعزمات تراوده منذ أمد بعيد وأدرك أنه لا يتحقق له ذلك إلا بالسفر لطلب العلم والارتواء من ينابيعه كما هي طريقة السلف حتى لوكان ذلك بالسفر لبلاد بعيده لا يوصل إليها إلا بشق الأنفس وبتكاليف باهظة يعجز عنها كثير من الناس، فاتجه إلى صنعاء اليمن والتقى ببعض مشايخها وقرأ عليهم في الفقه والنحو والصرف والتفسير ولم تطل مدته في صنعاء ثم عاد إلى حريملاء؛ ليسافر مرة أخرى إلى الهند ليقرأ في علم الحديث والتفسير والنحو وغيرها من العلوم الشرعية وعلوم الآلة وكان له في ذلك رحلتان:

الأولى: بدأها في عام 1299 هـ، برفقة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق- رحمه الله -ومكث خلالها سبع سنين.

الثانية: في عام 1306 هـ حتى عام 1309 هـ.

فقرأ على محدث الهند العلامة الشيخ نذير حسين الدهلوي، وهو من أكابر محدثي العصر، والشيخ العلامة صديق حسن خان القنوجي، والشيخ المحدث شريف حسين والشيخ المحدث محمد بشير السندي، والشيخ سلامة الله الهندي، والشيخ حسين

ابن محسن الأنصاري الخزرجي اليماني نزيل الهند، والشيخ شمس الحق، وهؤلاء كلهم من كبار العلماء المحدثين في عصرهم وقد أقام يقرأ على هؤلاء العلماء الأجلاء في هاتين الرحلتين مده تزيد على تسع سنين لم يعرف الكلل والملل حتى صار بعد ذلك من كبار العلماء المحدثين في عصره وقد أجازه الشيخ نذير حسين والشيخ حسن بن محسن الأنصاري والشيخ سلامة الله بمروياتهم.

وفي عام 1309 هـ عاد رحمه الله من الهند بعد رحلة طويلة شاقة مليئة بالمخاطر والمخاوف أكثرها كان مشياً على الأقدام محتسباً الأجر والثواب من الله وعلى مشقة الرحلة وصعوبتها فإنها سهلت عليه حينما آتت ثماراً طيبة يانعة فيما بعد، ثم إنه بعد ذلك مكث في حريملاء مدة قصيرة سافر بعدها إلى مكة لأداء فريضة الحج، حيث رافقه في هذه الرحلة زميله الشيخ سعد بن حمد بن عتيق- رحمهما الله تعالى-، وبعد أداء فريضة الحج التقى ببعض المشايخ المحققين مثل الشيخ العلامة أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي، والشيخ المحدث الكبير العلامة شعيب بن عبدالرحمن الدكالي المغربي، والشيخ محمد بن سليمان حسب الله الهندي، فأخذ عنهم جميعاً لكنه لازم الشيخ أحمد ابن عيسى وقرأ عليه طويلاً وأجازه, ومكث بمكة قرابة عشرة شهور رجع بعدها إلى حريملاء فكان آية في الحديث والتفسير والعقيدة وعلم النحو والفرائض وكان يملي صحيح البخاري عن ظهر قلب ولا يغير من السند شيئاً.

ولّما استقر في حريملاء جلس لطلاب العلم يلقي دروساً في المسجد بعد صلاة الفجر في ثلاثة الأصول والتوحيد والنحو والفرائض إلى قرابة صلاة الظهر ثم يعود إلى بيته بعد الظهر إلى أذان العصر وهناك يقرأ عليه الطلاب في علوم الحديث والتفسير والعقيدة وغيرها، ويجلس في المسجد بعد صلاة المغرب حتى أذان العشاء ويمتلئ المسجد بالطلاب ومحبي مجالس الذكر من الأهالي فاشتهر أمره وسمت منزلته بين الناس، حتى صاروا يفدون إليه من بلدان كثيرة؛ لتلقي العلم إليه فوفد عليه طلاب العلم من الرياض وسدير والقصيم ومن القرى المجاورة، مما اضطره أن يخصص غرفاً في مسجده لسكن الغرباء من طلاب العلم.

ولّما استولى الملك عبدالعزيز رحمه الله على نجد واستتب له الأمر فيها عرض عليه القضاء مراراً، واعتذر وبّين له أن غرضه هو التفرغ للتدريس والدعوة ونشر العلم فقبل الملك عذره ووكل إليه مهمة الفتيا في منطقته، وكذلك الخطابة في الجامع الكبير في حريملاء، فكان مثالاً في الزهد والورع والاستقامة في الدين، فلا يخاف في الله لومة لائم فنفع الله به خلقاً كثيراً من طلاب العلم وغيرهم.

تلاميذه:

تخرج على يديه طلاب كثير لم يعرف منهم إلا القليل ومن هؤلاء الطلاب:

1. الشيخ عبد الله أبا الخيل من أهل القصيم.

2. الشيخ عبد الله بن حماد الرسي من أهل القصيم.

3. الشيخ محمد بن فيصل آل مبارك من حريملاء.

4. الشيخ علي بن إبراهيم بن داود من حريملاء.

5. الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن خريف من حريملاء.

6. الشيخ عبد الله بن فيصل من القرينة.

7. الشيخ ناصر بن الشيخ من ملهم.

8. الشيخ محمد الجنوبي من حريملاء.

9. الشيخ عبد الله بن رشيدان من حريملاء.

10. الشيخ عبد الله بن ناصر العمراني من حريملاء.

11. الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك من حريملاء.

12. أمير حريملاء سابقاً عبد الله بن ناصر المبارك من حريملاء.

13. الشيخ عبد العزيز بن سودا من حريملاء.

14. الشيخ ناصر بن محمد بن ناصر من حريملاء.

15. الشيخ عبد العزيز بن ناصر الناصر من حريملاء.

16. الشيخ عبد الله بن فريان من الرياض.

17. الشيخ محمد بن ناصر العمراني من حريملاء.

وفاته:

استمر في التدريس والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجدّ واجتهد وصبر وصابر حتى وافاه الأجل المحتوم يوم الجمعة لعام 1333هـ وحزن الناس لفقده، وصلى عليه خلق كثير بعد صلاة الجمعة، وخرجت حريملاء كلها لتشييع جنازته، فرحمه الله من عالم فاضل ورع جمع بين العلم والعمل.

وقد خلف رحمه الله أبناء ثلاثة: هم الشيخ عبد الرحمن وعبد الله وناصر , أما ناصر فتوفي وهو صغير، وأما عبد الله فتوفي وهو في الثلاثين من عمره، بعد أن حفظ القرآن وشرع في طلب العلم، وكان رحمه الله زاهداً ورعاً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر , وأما عبد الرحمن فهو الشيخ المعروف والقاضي المشهور، – رحم الله الجميع رحمة واسعة-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير