تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيها لورودها عن الإجماع، وأما الانفراد بالفتوى ممن قل علمه، أو ضعف إدراكه فهذا لا ينبغي، بل على المسلمين التعاون في سبيل إرشاد المسلمين لما فيه خير لهم في العاجل والآجل، وهذا لا يتأتى إلا بالاجتماع في أمر الفتوى في قضايا الأمة المصيرية وخاصة في زماننا هذا الذي كثر فيه من يفتي بغير علم، ودخل في مجال الفتوى من ليس من أهلها.

يقول الإمام مالك:إن عمر بن الخطاب وعامة خيار الصحابة رضي الله عنهم كانت ترد عليهم المسائل وهم خير القرون الذي بعث فيهم النبي"، وكانوا يجمعون أصحاب النبي " ويألون ثم حينئذ يفتون فيها (إعلام الموقعين لابن القيم). فنصيحتي لأهل الفتوى الاجتماع عليها وخاصة في المجامع الفقهية التي وضعت لهذا الغرض، وعلى المجامع الفقهية أن تقوم بحصر العلماء وطلبة العلم المتخصصين في علوم الشريعة بأبوابها المختلفة والعمل على جمعهم في جلسات، أو مؤتمرات، أو ندوات لمناقشة تلك المسائل والقضايا التي تعرض عليهم، ليكون ذلك حافزاً لهم على الاجتماع ولم الشمل، وليكون رادعاً لأهل الهوى والمقلدين بالرجوع عما هم واقعون فيه من الفتوى بغير علم ومن ثمَّ تصدر هذه المجامع ما تراه مناسباً في كل قضية.

وعلى الدول الإسلامية تشجيع تلك المجامع والعمل على تقويتها وفتح الباب لكل متخصص في علوم الشريعة ليشارك في بحوث تلك المجامع ليعم الخير والنفع جميع المسلمين ولترجع لهم عزتهم ومكانتهم بين دول العالم أجمع.

الفتوى المباشرة مسؤوليتها عظيمة

* تعليقكم على ظاهرة الإفتاء المباشر في القنوات الفضائية وسر عدم ظهوركم الإعلامي؟

ــ منصب الإفتاء ذو أهمية عظيمة ويكفي أنه توقيع عن رب العالمين، والذي يفتي يقوم مقام الأنبياء والمرسلين والعلماء الربانيين، والفتوى المباشرة أصبحت إحدى متغيرات العصر ومنجزاته التي يجب توظيفها والانتفاع بها حسب ما يمليه الشارع الحكيم، والناظر في تأثيرها يجد أنها ذات تأثير كبير على من شاهدها أو حضرها أو سمعها من حيث الإيجاب أو السلب، والإعلام المرئي والمسموع اليوم أصبح محوراً أساسياً في منظومة الحياة لمختلف شرائح وطبقات المجتمع، بل وأصبحت الفتوى تصل الآن لكل أحد في شتى بقاع العالم، لذا فتأثيرها قوي، وشأنها عظيم، وأصبحت الفتوى مصدراً من مصادر التوجيه المباشر، بل ومصدراً لتوجيه الرأي العام وقناة من قنوات الاتصال الجماهيري. لذا فأهمية الفتوى المباشرة كبيرة وذات تأثير على العام والخاص، فإذا كان القائم بها ممن هم معروفون بالتقوى والصلاح والعلم كانت الفتوى مقبولة ومستساغة، وأما إن كانت الفتوى ممن لا علم عنده ولا ورع ولا تقوى كان تأثيرها ضعيفاً في الغالب، ولكن الذي يجعلها ذات تأثير في بعض الأحيان أن أصحاب القلوب المريضة ومرضى الهوى يتلقفونها تلقف الملهوف لأنها توافق هواهم ومرض قلوبهم، لذا فينبغي النظر فيمن يفتي أو يتعرض للفتوى من خلال هذه القنوات المباشرة، وعدم تقديم من لا علم لهم في التصدر للفتوى المباشرة لأن من يقولها ربما لا يهتم بتأثيرها بقدر ما يثبت أنه أهل لها، وللأسف الشديد أن هناك كثيراً ممن يتعرضون للفتوى لا يحملون حتى القليل من العلم الشرعي، بل ربما يتعرض للفتوى الفنانون، والممثلون، والراقصات، وغيرهم، وقد سمعنا الكثير عن هؤلاء الذين أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ] (العنكبوت)، فأي خطورة بعد هذا الكلام العظيم في تحذير من تسول له نفسه بالتصدي للفتوى. وفي الناحية الأخرى يجب فتح المجال لأهل العلم والتخصص في العلوم الشرعية في التصدي لهؤلاء والعمل على إفهام الناس بما يريده هؤلاء من إضلالهم، والتنبيه على أخذ الفتوى ممن لا خلاق له.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير