تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان الشيخ مشغولاً بأمور المسلمين، شغلته أوضاعهم، ومشكلاتهم، ومصائبهم عن نفسه وصحّته وأهله وماله، وقد أهمَّه ما هم عليه من ضعف، واستكانة، وخنوع، فانطلق يدعوهم إلى القوة، وتربية النشء عليها، وهذه لا تتأتّى إلا إذا رُبِّيت الناشئة على الإسلام.

ويرى أن هذه مهمة العلماء .. ومن أجل ذلك أسس جمعية التربية الإسلامية التي فتحت لها مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية لتعليمهم وتربيتهم التربية الإسلامية السليمة، وكذلك كان يريد من جمعية الأخوة الإسلامية التي أسسها مع تلميذه الصواف، وكان رئيساً لها. لقد كانت تربية النشء من همومه الكبيرة التي لا تفارقه، يدعو إخوانه ويلحّ عليهم في هذه الوظيفة المهمة.

فلسطين:

كانت فلسطين همّه الكبير، وشغله الشاغل، أسس من أجلها الجمعيات وحضر المؤتمرات، وجمع المعونات، وجنّد المجاهدين، وأرسلهم إلى فلسطين، من أجل استنقاذها من براثن اليهود المحتلين، وحاضر من أجلها في العديد من الدول والمدن والجمعيات، وبيّن للمسلمين خطورة هذه القضية على العرب والمسلمين، ما لم يبادروا إلى العمل الجاد المكافئ لأعمال اليهود ومن يقف وراءهم من دول الاستكبار العالمي المعادية للإسلام والمسلمين.

حضر المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في ساحة المسجد الأقصى في 27 من رجب 1372هـ للنظر في قضية فلسطين، وشؤون إسلامية أخرى، وكان الداعي إلى المؤتمر الشيخ محمد عبد اللطيف دراز رئيس جبهة الكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية، باسم الجمعية، التي مقرها في القاهرة، وهو مؤتمر شعبي مبرأ من وصمات السياسة التي فرّطت في حقوق المسلمين، وأكسبتهم عاراً لا تمحوه سوى الدماء.

حضر الزهاوي هذا المؤتمر بصفته رئيساً لجمعية إنقاذ فلسطين، ومعه سكرتير الجمعية الشيخ محمد محمود الصواف، وتخلّف الداعون إلى المؤتمر، فبادر الشيخان، الزهاوي والصواف إلى تبني فكرة المؤتمر، وصارا أصحابها، وجمعا العلماء والخطباء وشباب الدعوة الإسلامية من الإخوان المسلمين، وعقد الجميع اجتماعات متواصلة، وتشاوروا وتذاكروا في قضية فلسطين، وقضايا المسلمين، وقد أسفر عملهم عن تأسيس مكتب دائم في القدس أسموه: مكتب الإسراء والمعراج، ليكون نقطة التقاء وارتكاز وانطلاق.

ثم عاد الوفد العراقي إلى بغداد، وقد صمموا أن يتجهوا –بعد الله تعالى- إلى الشعوب الإسلامية، وأعلنوا يأسهم من الحكام ومن تصرفاتهم الخائبة التي نكّست رؤوس العرب، وفضحتهم في العالمين، واعتبروا القضية الفلسطينية هي قضية الإسلام الكبرى في هذا العصر، ومن الممكن أن تكون المنطلق الصحيح لخدمة قضية القضايا في مشكلات المسلمين، وهي قضية الإسلام نفسه.

قررت جمعية إنقاذ فلسطين الدعوة إلى المؤتمر الإسلامي بمناسبة شهر المولد النبوي الشريف من 27 ربيع الأول حتى الثالث من ربيع الثاني 1373هـ (3/ 12/1953) واستطاع الزهاوي جمع الأموال لهذا المؤتمر من الحكومة العراقية، ومن التجار الأغنياء العراقيين، ووجّهوا الدعوة إلى قادة العالم الإسلامي.

ثم سافر الزهاوي والصواف إلى مصر والسعودية، والتقوا رجال الحركة الإسلامية، والعلماء، ثم عادا إلى الأردن، فالقدس، لاستقبال المدعوين قبل الموعد ببضعة أيام.

وقد حضر المؤتمر 75 شخصية إسلامية، كالأستاذ سيد قطب، وعصام العطار، وعلال الفاسي، والقليبي، والورتلاني، والأميري، وسعيد رمضان، وكامل الشريف، ومحمد عبد الرحمن خليفة، وسواهم من القادة، واعتذر قادة آخرون، ووصلت إلى المؤتمر مئات البرقيات المؤيدة والتي تبدي استعدادها للقيام بما تكلّف به.

أعلن المؤتمر بطلان الوضع الذي أحدثه اليهود في فلسطين من تقسيم واحتلال وتشريد للفلسطينيين، وغصب لحقوقهم. واعتبار الصلح مع إسرائيل، أو التعامل معها خيانة عظمى، والتفكير في تدويل القدس مؤامرة استعمارية يقف العالم الإسلامي في وجهها .. إلى آخر ما هنالك من قرارات وتوصيات لو عمل العرب والمسلمون بها، لكانت الحال غير الحال، وكان للزهاوي جهود مبرورة هائلة في انعقاد المؤتمر الذي اختاره رئيساً دائماً له بالإجماع، ثم انطلق في رحلة استمرت سبعة أشهر طاف فيها عدداً من البلدان الإسلامية، والتقى الكثير من القادة والمفكرين الإسلاميين، وجمع الأموال، واستجاش العواطف، واستثار العقول من أجل هذه القضية الكبرى التي خانها من خانها، وتآمر عليها من تآمر،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير