[رأي الشيخ في حركة الإخوان]:
يقول الشيخ: (بالنسبة \"للإخوان المسلمين\" أسسوا وأنا طالب في أولى ثانوي في الأزهر، وزار طنطا التي كنت أدرس فيها \"حسن البنا\"، مؤسس حركة الإخوان المسلمين، وكانوا يبذلون كل جهد لجمع الطلاب معهم فجاءني عدد من الطلاب وألحوا علي لأحضر، وكان عدد الطلاب في طنطا ذلك الوقت قرابة (1000) طالب؛ ولم يكن أحد منهم معفيا لحيته سواي وطالب آخر اسمه محمود عبدالوهاب، فكانت تلك علامة من علامات التدين فكانوا يحرصون على حضوري أشد الحرص، وبالتالي ألحوا على أن أحضر معهم محاضرة \"الحسن البنا\" التي سيلقيها في حضرة جموع الطلاب الحاشدة.
فجئت بعد صلاة العصر وبدأ يخطب، وكان رجلاً فصيحاً بليغاً مؤثراً، فأذكر أنه استمر من بعد صلاة العصر حتى غربت الشمس ولم يقم أحد لصلاة المغرب وانتظرت أن يوقفوا الخطابة لإقامة الصلاة، فلم يفعلوا، ثم انتظرت قليلاً فقمت فصليت وحدي.
ثم عندما انتهى \"حسن البنا\" من خطبته قام رجل متسماً بزي المشايخ وأخذ يثني على الشيخ \"البنا\" حتى بالغ في الثناء عليه، حتى جعله كأنه يقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أحد الجالسين واعترض على الشيخ فقام \"البنا\" مرة أخرى وقال أبياتاً من الشعر منها:
إن الله قد جعل الأقل لنوره ... مثلاً من المشكاة والمصباح
إشارة إلى قوله تعالى في سورة النور {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ...... } إلخ الآيات ..
ومنذ ذلك اليوم (وأنا أخذت انطباعاً سيئاً عن جماعة \"الإخوان المسلمين\")،وكان ميولي طبعاً \"لأنصار السنة\"،ولذلك اختاروني بعد مدة رئيساً لهم في مقاطعة الشرقية حتى جئت إلى هذه البلاد).
ثم تحدث الشيخ عن أسباب انتشار هذه الحركة فقال: (أنا لا استبعد أنهم كانوا يمدون بمال، ولا أعرف من كان يمدهم بالمال، ولكن الدعاية لهم كانت في غاية القوة، ودعاية محكمة، ويظهر لي أنهم أخذوا مجموعة من الدعوات السابقة كجماعة \"إخوان الصفا\" وغيرهم من الذين أسسوا جمعيات فيما مضى، وكان لها تأثير على الأمة الإسلامية، استفادوا من الدراسات السابقة).
ثم أجاب الشيخ عن سر انتشارها فقال: (كالقبول الذي تحظى به \"جماعة التبليغ\"، وأكثر الذين ينتمون إلى \"الإخوان المسلمين\" ما كانوا من أهل العلم إلا القليل كالشيخ: \"سيد قطب\"،\"محمد الغزالي\" .. من أوائلهم وكان لهم تأثير).
سأل بعدها الشيخ عن \"سيد\" و\"الغزالي\" وأنهم كانا قطبا الرحى فأجاب: (لا .. لا يعتبران قطبا رحى؛ لأن كلا منهما له ميوله العلمي،\"والسياسة\" أحياناً تغريهم،\"فمحمد الغزالي\" مثلاً كان يتباهى بأنه أول داع للاشتراكية، وأنه دعا إليها قبل عبدالناصر).
ثم سأل عن مذهب \"الإخوان\" فأجاب: (لا أعلم لجماعة \"الإخوان المسلمين\"مذهباً سوى (جمع الناس)،يعني \"جماعة التبليغ\" تماماً، والفرق أن \"جماعة التبليغ\" أكثرهم من (العوام)،وهؤلاء (أيضاً ولكن لهم خطط مدروسة).).
ثم سأل السؤال التالي: (هناك عدد من المفارقات فأنت تقول إنهم يمدون بمال، وأن أكثرهم مغرم بالسياسة إلى حد كبير، في حين نجد أنهم الأعداء الألداء للنظم السياسية خاصة في مصر، وكانت لهم الصولات والجولات المعروفة، حتى إن أحد أعدائهم يقول: إن من أصول مذهبهم \"إسقاط الرأس\" فكيف توفقون هذه مع تلك؟).
فأجاب الشيخ: (من يقول أنهم أعدى الناس للتنظيمات السياسية؟! وإسقاط الرأس ليكونوا هم الرأس، وليس بإسقاطه ليقوموا ديناً قيماً، بايعهم عبدالناصر وبايعوه، وعبدالناصر لم ينتصر إلا بتحكمه في \"الإخوان المسلمين\" فاستغلهم أسوأ استغلال حتى تمكن، (فعبدالناصر إنما تمكن بهم).
سأل الشيخ سؤال آخر يتعلق بما سبق: (هل تريد أن تقول أن عبدالناصر هو الذي فرش لهم الأرض بالورد ثم قلب لهم ظهر المجن بعدما تمكن؟).
فأجاب حفظه الله: (لا، لم يفرش لهم الأرض، وإنما كان \"الإخوان المسلمون\" أقوى الأحزاب الموجودة، وظاهرهم الدين، والشعب أصله الإسلام، وهو غريزة في نفوس الناس، فإذا جاءهم داع باسم الإسلام انهالوا وراءه، فهم كانت (فرصتهم لجمع عدد ضخم من الناس، وكان رؤسائهم يخططون تخطيطات وأكثرها سرية) قد يكونون عدة جماعات من بينهم لا تدر الجماعة الواحدة عن الأخرى.
¥