رحمك الله يا شيخنا، يا قدوتنا، يا أستاذنا، يا معلمنا، رحمك الله رحمة واسعة، فقد نزلت بضيافة الله و تلقتك ملائكة الله، فقد قلت لي ليلة وفاتك و نحن عائدون إلى منزلك بابتسامتك المشرقة: "إنني أنتظر لقاء الله" و ليس غريب على أمثالك من أهل الصفاء و المعرفة أن يقول مثل هذه الكلمة عندما يستشعر بقرب اللقاء. فقد كان لك ما انتظرت و فتحت لك السماء أبوابها لاستقبال روحك الطاهرة بعد أقل من عشر ساعات من قولك لي هذه الجملة.
فقد كان لقاء الله في يوم الجمعة بعد ان اغتسلت و صليت و قرأت تنتظر الصلاة، هذا اللقاء الذي تنتظره بكل شوق و حب و استعداد تام، فهنيئا لك يا سيدي ما قدمت لهذا اللقاء، هنيئا لك بلقاء الأحبة محمدا و صحبه، هنيئا لك بمثواك الأخير بجوار السيدة خديجة رضي الله عنها.
هذا العالم الرباني الجليل الذي اتصف بصفات السلف الصالح رضوان الله عليهم.
إنه الشيخ عبد الغفار بن عبد الفتاح الدروبي، المربي الزاهد، الفقيه المحدث، القارئ المقرئ، النحوي الشاعر، المجاهد الصابر، الأب الرحيم، الزوج العطوف، صاحب الفضائل و الشمائل التي تندر أن تجتمع برجل واحد.
تجلت بشخصيته أسمى معاني الصبر و الثبات على المبدأ في زمن الفتن و المحن و تبدل الثوابت، رأيت في شخصيته معاني التوكل و الإيمان العميق الذي يزداد تألقا يوما بعد يوم، عالما متواضعا بكل معاني التواضع،
تجلت شخصيته بمعاني الزهد الحقيقي، و الرضا القلبي، و الوقار، و الحياء، و الصمت و الملاحظة، فقد كان قرآنا ناطقا متحركا، يهيمن القرآن الكريم بأخلاقه و معانيه السامية على كل حركات الشيخ و سكناته. من رآه من بعيد هابه، و من رآه من قريب أحبه، و من جالسه و عايشه عشقه، لما يرى فيه الناظر و الجالس و المعايش من صفات الهيبة و الوقار و الكمال و الجلال.
كلامه مسك و عنبر، نظراته مختلفة عن باقي البشر، صمته يذكرك بصفة سيد البشر، حنانه و عطفه على كل البشر، الصغير و الكبير، و القريب و البعيد، الزوجة و الإبن و الأحفاد، يشهد بذلك كل من عرف و عايش الشيخ عبد الغفار.
رحمك الله يا سيدي يا أبا فيصل رحمة واسعة، و عوض الله الأمة الإسلامية من أمثالك ليكونوا كما كنت، و نسأل الله الذي أكرمنا بصحبتك في هذه الدنيا أن يحشرنا معك يوم القيامة تحت لواء النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رحم الله الشيخ رحمة واسعة، وجزاه خيراً عما قدَّم من علم نافع وعمل صالح مبرور، وعوَّض المسلمين خيراً عن فقد علمائهم و صلحائهم الذين قل نظيرهم في عصرنا هذا.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[23 - 01 - 09, 09:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
من عنده تسجيلات للشيخ - رحمه الله - فيرفعه لنا مشكورا مأجورا