إنما أنزل القرآن للتطبيق لا للتعليق للشيخ عبد المجيد ريّاش الجزائري
ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[06 - 09 - 09, 04:09 ص]ـ
يتخذونه زينة في المحاريب والمحلات والصالونات
إنما أنزل القرآن للتطبيق لا للتعليق
بقلم الشيخ عبد المجيد ريّاش الجزائري
سر الانتفاع بهذا الكتاب العظيم "القرآن العظيم" يكمن في العمل به: قراءة تدبرا، وعمل بمقتضاه، وقولي: "إنما أنزل القرءان للتطبيق" لا أقصد بالتطبيق طيّه ووضعه داخل علب. كما يفعل كثير من الناس، وإنما أقصد العمل به، واتخاذه منهج حياة في كل صغيرة وكبيرة، تحليل حلاله وتحريم حرامه، والتحاكم إليه في كل ما يحدث لنا من صغائر وكبائر ...
ومما يؤسف له أن الجمهور الغفير من المسلمين حادوا القرءان عما أنزل من أجله هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ليدبروا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألباب وهذا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وليعلموا أَنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الألباب وألَمص كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وذكرى لِلْمُؤْمِنِينَ وكل طائفة من طوائف الناس حاولت أن تتجه بكتاب الله ناحيتها.
فمنهم من ليس له حظ منه إلا قراءته في المآتم، ومنهم من اتخذه وسيلة للنصب والاحتيال على عباد الله، فاتخذه راية يعلم الناس بها أنه من أهل التقوى، ومنهم ومنهم، وحتى رؤساء أمريكا حشروا أنفسهم في ذلك فهم يستدلون بما فيه مصلحتهم ـ وهم كفرة ـ فأولهم قرأ لرؤساء العرب: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، وآخر أقام الحجة على نفسه بما أشار إليه من معاني الآيات، وما مدح به المسلمين من حسن سيرتهم على مر التاريخ!
ومما انتشر ببلادنا في الآونة الأخيرة ظاهرة كتابة الآيات القرآنية على المحاريب والجدران، وعلى الألواح، وتعليقها بالبيوت
وظاهرة كتابة الآيات القرءانية وتعليقها على الجدران قادها العوام، والعامي كما قال أهل العلم» إذا دخل باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفسد أكثر مما يصلح «، وهذا هو الواقع، فالناظر في هذه الظاهرة يقف على ما يندى له الجبين، ويعرف مقدار احترام الأمة لكتاب ربها، ءايات كتبت بالمحاريب إن سلم من الخطأ كاتبها من الخطأ في كتابتها ليسلم من الخطأ في فهم معانيها، وآيات خلطت ببعضها أعظم من خلط الشكشوكة، والشكوى للذي يسمع السر والنجوى.
ـ دخلت مخبزا بمنطقة حرستا بريف دمشق "سورية" كتب صاحبه على مدخله:» أنا فتحنا لك فتحا مبينا «بفتح الهمزة من "إنا" بدلا من كسرها فقلت له: أولا: إن الآية نزلت في فتح مكة وليس في فتح مخبزك. وثانيا: الصواب فيها:» إنا «بكسر الهمزة لا بفتحها. فبدأ يلف ويدور.
وفي المدينة نفسها كتب صاحب مطعم» يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون «صدق الله العظيم" فقلت له: هذا قرآن أم حكمة؟ فقال لي: قرآن. فقلت له: لقد خلطتها تخليطا أعظم من خلطك للتبولة (التبولة نوع من أنواع السلطات الشامية بها العديد من الحشائش والبرغل)
وكثيرا ما نرى أصحاب المطاعم يكتبون» كلوا من طيبات ما رزقناكم «ولكنهم لا يكتبون:» لا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين «.
ومن دقق النظر علم أن الأمر بالأكل في قوله تعالى:» وكلوا واشربوا «دل على الإباحة بينما قوله:» ولا تسرفوا «دل على الحرمة (حرمة الإسراف) فهم يستدلون بما يفيد الإباحة ويتركون ما يدل على التحريم.
وهذا مثل الذين يكتبون:» هذا من فضل ربي «ولا يتمون الآية، وذلك أن قول الملك النبي سليمان ـ عليه السلام ـ:» هذا من فضل ربي «فيه عظة لمن اتعظ، فمن قرأ هذه الآية ولم يتعظ بما جاء فيها فعليه أن يعالج قلبه، فقد يكون قد أصابه الداء القاتل "قساوة القلب" فإن نبي الله سليمان لما رأى عرش بلقيس مستقرا بين يديه في وقت لا يمكن تصوره عقليا فضلا عن تحقيقه من أحد لم يقل كما يقول المتكبرون ممن أوتوا بعضا من حطام الدنيا وكما قال قائلهم:» إنما أوتيته على علم عندي «. فلما رأى الملك النبي ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ عرش ملكة سبأ مستقرا عنده قال:» هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
¥