تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأعوذ بالله تعالى من دعوى فَجّةٍ يكون علي وزرها، وإنني إذ أسطر ههنا ما أسطر وأرجو به أن يكون قرة لعيون أهل الغربة في الدين، وذرَّ رماد في عيون الخالفين، لأقرُّ إقرار معترف بذنبه بقصور الباع وقلة البضاعة، على أنني أسأل الله تعالى أن يجعل ما فتح عليّ به سبحانه مباركاً كالماء الطهور لا يضره شيئ على حد الوارد في حديث بئر بُضَاعة، ولئن جرت ألسنة بعض الإخوان عفا الله عنهم بما لست له أهلا فإنما هو لحسن ظنهم بي، وأدعوه سبحانه أن يبلغني ما يرجونه فيّ، وأن يجعلني خيرا مما يظنون، وأن يغفرلي ما لا يعلمون، وأن يفتح لي من العلم كنوزاً وكنوزا، فلست أنازع بحمد الله تعالى بأن ما أجهله أكثر مما أعلمه، وفوق كل ذي علم عليم فيارب زدني علما.

فأقول بياناً للمقصود، مستعيناً بالله الواحد المعبود:

خادم العلم وأهله أبو الوليد خالد بن فتحيِّ بن خالد بن حسين بن قاسم بن خليل بن خالد بن محمد بن حسين بن إبراهيم الآغا الغزّيُّ الأنصاري، ولدت فجر الاثنين الثانيَ عشر من ربيع الأول – وهو بحمد الله يوافق المشهور من مولد النبي صلى الله عليه وسلم – سنة (1386) في غزة هاشم من الأرض المباركة ردها الله وسائرَ بلاد المسلمين إلى المسلمين من أبوين كريمين يرجع نسبهما إلى أسرة كان جدها الأكبر يسكن حلب الشام، وكان وزيراً في الدولة العثمانية يدعى الآغا إبراهيم، والآغا لقب منحته إياه الدولة العلية ويعني (السيد أوالشريف)، كذا سمعته من نحو عشرين عاما من بعض كبارنا نقلاً عن كتاب (إتحاف الأعزة في تاريخ غزة) لعثمان الطباع رحمه الله، وذكر أن الكتاب مخطوط في بعض المكتبات التركية والله أعلم، ثم اطلعت في كتاب أعلام فلسطين لعادل مناع أن مخطوط الكتاب موجود عند ورثة المصنف في قطاع غزة، والله أعلم، وأما أصولنا فتعود إلى نجد والحجاز، ومنهم من كان يسكن المدينة المنورة وهؤلاء هاجروا إلى عاصمة الدولة العثمانية سنة 1070 من هجرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ولهذه القبيلة تاريخ حافل في الشام وفلسطين، وكثير من رجالاتها يشاركون في الحكم من زمن العثمانيين، وخاصة في غزة وخان يونس، كما ينتسب إليها جماعات من العلماء والصالحين، والله أعلم.

وكان جدي لوالدي رحمه الله وسَمِيِّي وكلانا سميُ سيف الله المسلول رضي الله عنه يدعوني منذ ولادتي (بالشيخ) كما سمعته من الوالد مراراً فكان هذا من حُسْن الفأل ويُمْنِ الطالع ولله الحمد والمنة.

وبعد احتلال أعداء الله اليهود لعنهم الله غزة وبقية بلاد فلسطين عام (1967 م) هاجر بنا الوالد أعزه الله الى أرض الحجاز وللمترجم من العمر دون العامين، فنشأت هناك حتى فرغت من جميع مراحل الدرس النظامي، وكان الوالد أحسن الله إليه شديد العناية بي من الصغر، أقرأني كتاب الله تعالى ولي من العمر نحوُ عشر سنين، وحفظت منه ما تيسر حتى فرغت من حفظه بعد ذلك في مدة يسيرة ولله الحمد، وكان مما نفعني الله تعالى به أن حبب إلي القراءة والمطالعة واقتناءَ الكتب منذ الصغر، وكان هذا من حسن تدبير الوالد أثابه الله، فطالعت من الكتب التي تناسب مراحل العمر نحو ألفي كتاب أو يزيد، وكثيرٌ منها في أخبار الصحابة والتابعين والسير والمغازي والفتوح، فأكسبني هذا ملكة حسنة في الإنشاء ولله الحمد، وكنت شديد الميل لعلوم اللغة والأدب والشعر، أرغبَ في علوم الشريعة مني في غيرها، حتى صنفت كتاباً ولي من العمر نحو ستة عشر عاما عنوانه (الترغيب والترهيب في الكتاب والسنة وأثرهما في تقييم النفوس) يكون في نحو مئة صفحة من القطع الصغير أثنى عليه كل من رآه والحمد الله على فضله، ورُمتُ في تلك المدة قرض الشعر فنظمت قصيدة طويلة لم يُبْقِ منها عارض النسيان غيرَ بيتين من مطلعها

علمتُ بأنَ دينَ الله باق به يُبْنى لنا المجدُ التليدُ

فعادت بالرضا أغوارُ نفسي رياضاً إذ علمتُ بما أريدُ

وقد ضمنتها ليلَ الألم وفجرَ الأمل حملني على كتابتها ما كان يترامى إلى سمعي من جراح أمتنا، وليتني وجدت يومها من يعجل بي إلى الخير الذي حُزْتُه فيما بعد لكنه أمر الله تعالى وكل شيء عنده بمقدار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير