تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأولى: أنه حينما يقرأ فروع المسائل في الروض المربع يكلف الطلاب بالبحث عن العبارات الجوامع في الكتاب إن وجدت ومنها على سبيل المثال (الطلاق معتبر بالرجال). وإن لم توجد فإنه يأتي بقواعد من كتب القواعد ويبين للطالب كيف بنيت هذه الفروع عليها ومنها على سبيل المثال: (اليقين لا يزول بالشك) في بعض مسائل الطلاق وأشهد في هذا المقام أنه –رحمه الله- فتح لنا طريقة وطرقاً في البحث والتحليل والنظر، سواء في فهم العبارات الفقهية الجزئية أو في عودها وإعادتها إلى أصولها الكلية وقواعدها الفقهية. هذا بعض ما علق في الذاكرة من طريقته في التدريس رحمه الله.

أما ما عرف من سيرته –غفر الله له- فقد كان مثالياً غاية في المثالية في تواضعه وإنكاره لذاته وبعده عن المجامع العامة ليس ضعفاً ولا رغبة عن الناس والتعامل معهم، ولكن حرص منه على مجلسه ووقته في المحافظة عليه، وصرفه فيما يفيد من العلم وتحصيله ومذاكرته والبحث فيه، وهو يستقبل إخوانه وأصدقاءه، ومحبيه وطلابه، بحفاوة بالغة، وبذل كريم، فهو لطيف المعشر، عذب الحديث، يختار الكلمات، يحترز أن تصدر عنه كلمة نابية، أو عبارة ناشزة، فهو مرهف الشعور مؤدب وقور، في مجلسه فوائد وفي صداقاته تميز. ومع هذا الأدب الجم فإنه مثالي في الصرامة والوضوح وإحقاق الحق والمناقشة الموضوعية، بل انه يغبط على مثاليته وانضباطه الاجتماعي المستقيم وتدينه وصلاحه وإخلاصه، في علمه وعمله، وتعليمه وعلاقاته. لقد كان مثال الجدية في تعليمه وحرصه على طلابه ومتابعته لهم وإرشادهم والحرص على تفتيح مداركهم، وبث روح التفكير والبحث والثقة بالنفس.

أما إنتاجه الفكري وآثاره العلمية فإن شيخنا لم يكن كثير الإنتاج على الرغم من حفظه وقته واشتغاله بالعلم والبحث والمطارحات العلمية مع جلسائه من اهل العلم والفكر، بل أغلبهم متخصصون من زملائه ونوابغ تلاميذه، ومع هذا فإن له إنتاجاً حسناً، قليل في عدده رصين متين في نوعه وكيفه، وفي ربط بين الكمية والكيفية يأتي قول أستاذنا الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان –حفظه الله- وهو يعلق على مؤلفه: (مصطلح المذهب المالكي).

يقول: (قضى في تأليفه ما يقرب من عشرين عاماً متوالية، ليس للمالكية إطلاقاً مثله لم يشتغل أثناء تأليفه بعمل آخر سوى التدريس). أ. هـ، والكتاب ليس كبير الحجم مقارنة بما صرف فيه من السنين، ولكنه البحث والتمحيص، والتدقيق والعناية، التي جبل عليها شيخنا رحمه الله.

كما ألف كتابين، أحدهما: المذهب عند الحنفية، والآخر المذهب عند الشافعية، وقد حظيت بالقبول وترجمت إلى اللغات التركية والفارسية. وحقق مع زميله وصديقه أستاذنا الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان مجلة (الأحكام الشرعية) على مذهب الإمام أحمد، وكتاب (الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان) للشيخ زكريا بيلا –رحمه الله- واشتركا كذلك في بحث (التطور القضائي في المملكة العربية السعودية) وهو بحثٌ باللغة الإنجليزية، وكتب الدكتور محمد إبراهيم بحثاً عن المسؤولية الاجتماعية للفرد والدولة في القانون السعودي، وهو أيضاً باللغة الإنجليزية.

كما نقل – رحمه الله- إلى العربية بعض كتب الرحلات، ولقد قال فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان وهو زميله العارف به، الخبير بفقهه: (إن حياته شريط ناطق لجلائل أعماله العلمية في التأليف التي يستمد منها أساتذة الجامعات في الحقل الفقهي، أسس مبادئهم الفقهية، وبخاصة في الفقه الإسلامي المقارن جدير بأن يلقب بـ (أبي حنيفة الصغير) .. الخ).

وبعد فهذه كلمات يسيرة ومقالة مختصرة عن هذا الشيخ الجليل، والعالم النبيل، تذكيراً بمقامه الكريم، وفضله العظيم، فجزاه الله عن العلم وأهله خيراً، وأحسن إليه فيما قدم، وغفر له من ذنبه ما تأخر وتقدم، وأبقى ذكره ولا حرمنا أجره، إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[ابواويس]ــــــــ[24 - 05 - 09, 07:55 ص]ـ

رحم الله الشيخ محمد وحفظ الشيخ صالح، وجزاك الله خيرا على الموضوع.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير