(يا «قَاسمَ» المغرِبِ الأقصى و «أشهَبَهُ») في رثاء العلامة ابن عدود رحمه الله تعالى ..
ـ[أبو أسيد الصالحي]ــــــــ[08 - 05 - 09, 03:32 م]ـ
نوائبُ الدهرِ تَعْرُوْنا بذِي الدارِ=لا تعرفُ المَيْزَ بين الضيفِ والجارِ
كمْ فرَّقت أمرَ قومٍ بعدما بَرَمُوا=وغزْلَهُم نَقَضَتْهُ دونَ إنذَارِ
تَسقِي كؤوسَ المنايا من يلاطِفها=تدورُ ما بين عُشاق وسُمَّارِ
حتى إذا انفَضَّ عندَ الصبحِ سَامِرُهُمْ=وصارَ يَحمَدُ في الليلِ السُّرَى السَّارِي
ألْقَتْ عَصَاها على بابِ الإِمَامِ وقَد=شَكَّتْ بمِدْرَى المَنَى من كان في الدارِ
قد كان فيها الذي نالَ المكارِم من=أَعلى ذُرى المجدِ في سَاحات أخْيارِ
الشيخُ «عَدُّوْدُ» يا لَهفِي ويا حَزَنِي=على إمامِ العلومِ، المنهلِ الجاري
تاجِ التقى، سلسبيلِ المكرُماتِ، أخِي=عِزٍّ، وشيخِ الوقارِ، الضيغمِ الضَّاري
قد حَلَّتِ اليومَ في الأصقاعِ فاجعةٌ=وخَيَّمَ الحُزْنُ في أرجاءِ أَقْطَارِ
مُرابطُ القُطرِ في شَنقِيطَ حَافِظُهَا=وافتْ مَنِيَّتُهُ .. يا هَوْلَ الاخْبَارِ
هذا هو النَّقْصُ من أَطرافِ عَامِرَة=واللهُ يَحْكُم .. والدُّنْيَا بأقدارِ
ماتَ الذي عاشَ للدينِ الحنيفِ إذا=عاشَ الوَرَى في اكتنازٍ بعد إكثارِ
ماتَ الذي قد حَمَى للدينِ حَوْزَتَهُ=وكانَ للُّغَةِ الغَرَّا كَمِغْوَارِ
أَعَزَّهَا بعدَ أن كَادت تُراوِدُهَا=يدٌ تُدنِّسُهَا باللؤْمِ والعَارِ
فَرَدَّهَا خِدْرَهَا بِكْراً فما افْتُرِعَتْ=وما تَرَقَّتْ إليها كَفُّ خَوَّارِ
...
قد غضَّ طَرْفاً عن الدنيا وزخرُفِها=ولم يُرى رَاكِعَاً من خوفِ جَبَّارِ
لم تُثْنِهِ عن بيانِ الحق لَائِمَةٌ= أو مَنْصِبٌ أو رُشَا عُبَّادِ دِيْنَارِ
لم يُلْقِ بَالاً بِمدحِ المادحينَ .. ولم=يَهُمُّهُ ذمُّ حُسَّادٍ وفُجَّارِ
عَفُّ اللِّسانِ، كَرِيمُ الطبعِ، ذو شَرَفٍ=صَوْمُ الهواجِرِ، قَوَّامٌ بأسحَارِ
...
يبكِي «خليلٌ» .. كذاك «المقدسي» وقد=أخرجتهمْ من خَبايا مُتحفَ آثارِ
يبكيكَ صاحبُ «تسهيلٍ» و «كافيةٍ» =يبكي «القُنَانِيُّ» مَعْ «سِيْدِيَّ مُختَارِ»
والمذهبُ المالِكيُّ اليومَ صار يُرى=مُصَدَّعَ الجَدْرِ مَحفُوفَاً بأخطارِ
تبكي عقيدةُ صِدْقٍ قد صدعْتَ بها=رُؤوسَ قومٍ .. وصارُوا مِثْلَ مِحْيَارِ
تبكي مجامعُ فقهٍ طالما ازدَهرت=بفقهكمْ، وارْتَوتْ من نهركَ الجَارِي
تبكي محاضِرُ علمٍ أنت مِشْعَلُها=طُلابُهَا اليومَ أيتامُ بلا دارِ
تبكي كذاك بحورُ الشعرِ من أَسَفٍ=على نِطَاسِيِّهَا .. سَبَّارِ أَغْوَارِ
...
يا «قَاسمَ» المغرِبِ الأقصى و «أشهَبَهُ» =من للنوازلِ في بَدْوٍ وحُضَّارِ
دقائقٌ في كتاب الله غامضةٌ=فمن يُبَيِّنُهَا فِينَا كأقمارِ
ومشكلاتُ حديثٍ من يُحَلِّلُهَا=يُبِيْنُ مِصدَاقَ آثارٍ وأخبارِ
ومن يَحُلُّ لنا في النحو معضلةً=ومن يُمَيِّزُ شَكْلَ العينِ للقَارِي
ومن يَفُكُّ عن «القاموسِ» كربَتَهُ=ومن يؤَنِّسُهُ في وَحشَةِ الغَارِ
ومن يُبَيِّنُ أنسابَ الأنامِ ومن=يقولُ ذا لِإيَادٍ أَو لأَنْمَارِ
ومن تُرى اليومَ يا «عَدُّوْدُ» يُطْرِبنا= بقولِ «لا أَدْرِيْ» .. لَا يَجْرُوْ على النَّارِ
بالأمسِ قد مُلِئَتْ أُذْنِي بِصَوتِكُمُ=واليومَ قَدْ مُلِئَتْ بالدمعِ أبْصَارِي
تُوُفِّيَتْ مَعْ وفاةِ الشيخِ ما أَمِلَتْ=عَيْنِي .. وأَرْجُو لِقَاهُ عندَ غَفَّارِ
مع النَّبيينَ والأَصْحَابِ والشُّهَدَا=على الأرائِك في سِربالِ أبرارِ
...
«أُمَّ القُرى» اصْطَبِرِيْ لستِ الوحيدَةُ قد=فُجِعْتِ بالشيخِ .. لا .. بلْ كُلُّ الَامْصَارِ
تبكي الحجازُ .. ونجدٌ لم يَجِفَّ لها=دَمْعٌ .. ولم تَغْتَمِضْ أَجْفَانُ «أَدْرَارِ»
يَا «آلَ عَدُّوْدَ» صَبْراً في فَقِيْدِكُمُ=واللهُ يخلفنا خيرا بزخَّار
عَزَاءَنَا «للدَّدَوْ» .. إنْ ماتَ خالكُمُ=بكُمْ «شُهَيْلَةُ» تُرْوَى بعدَ إِقْفَارِ
سُدُّوْا مَسَدَّ الإمَامِ الفَذِّ واصْطَبروا=وَأَكْمِلُوا بعدَهُ أَعْمَالَ إِعْمَارِ
لو كان يبقى على ظَهْرِ الجَبُوْبِ فَتًى=لعاشَ فِيْنَا رسولُ الوارثِ البارِي
عليه تترى صلاةُ الله ما قُصِدَتْ= «أُمُّ القُرَى» في عَشِيَّاتٍ وَأَبْكَارِ
أبو أسيد علي الصالحي-الرياض 9/ 5/1430هـ
ـ[معاذ بن محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 - 05 - 09, 04:15 م]ـ
بالأمسِ قد مُلِئَتْ أُذْنِي بِصَوتِكُمُ=واليومَ قَدْ مُلِئَتْ بالدمعِ أبْصَارِي
...
جزاكم الله خيرا
أجدت وأحسنت بارك الله فيكـ
....
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[11 - 05 - 09, 10:32 م]ـ
بارك الله فيك ...
قصيدة راائعة.
ـ[أبو عمر الطائي]ــــــــ[12 - 05 - 09, 07:19 م]ـ
قصيدة رائعة ... وكلمات متناسقة ...
أحس وأنا أقرؤها ... بسلاستها إلا بيتاأو بيتين ... والقليل لاحكم.