تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(كَرَائِمُ التَّرَاجِم) صَفَحَاتٌ مِنْ أعْلامِ العَصْرِ

ـ[علي العجمي]ــــــــ[20 - 05 - 09, 01:00 ص]ـ

كَرَائِمُ التَّرَاجِمِ

صَفَحَاتٌ مِنْ أعْلامِ العَصْرِ

مُحمَّدٌ العُثَيْمِيْنُ حُمُوْدٌ العُقْلاءُ

بَكْرٌ أبو زَيْدٍ

تَألِيْفُ

ذيَابْ بْن سَعْد آل حَمْدَانَ الغَامدِيّ

بِسْمِ اللهِ الَّرحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ لله رَبِّ الأرْضِ والسَّماءِ، الَّذِي تَفَرَّدَ بدَوَامِ الحَيَاةِ والبَقَاءِ، وحَكَمَ على خَلْقِهِ بالمَوْتِ والفَنَاءِ، وخَلَقَ المَوْتَ والحَيَاةَ للابْتِلاءِ، أحمَدُهُ على سَوَابِغِ النِّعَمِ وضَوَافي الآلَاءِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أفْضَلِ الرُّسُلِ والأنْبِيَاءِ، وعلى آلِهِ السَّادَةِ النُّجَبَاءِ، وأزْوَاجِهِ الطَّهَرَةِ الأنْقِيَاءِ، وأصْحَابِهِ البَرَرَةِ الأتْقِيَاءِ، وعلى مَنْ تَبِعَهُم مِنَ الصَّفْوَةِ الأوْلِيَاءِ، إلى يَوْمِ الحَشْرِ واللِّقَاءِ.

أمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ بَعْضُ مَهَاجِمِ القِلْبِ، وأُلْقِيَاتِ الفُؤادِ، ممَّا قَدْ يَرْتَجِلُهَا الابْنُ عِنْدَ فَقْدِ أمِّهِ وأبِيْهِ، والصَّاحِبُ عِنْدَ فِرَاقِ خَلِيْلِهِ وأخِيْهِ، والتَّلْمِيْذُ عِنْدَ مُصَابِ شَيْخِهِ ومُرَبِّيْهِ ... إنَّها عُصَارَةُ قَلْبٍ رَقْرَاقَةٌ، ودَمَعَاتُ عَيْنٍ مِهْرَاقَةٌ، كَانَ صَعْبًا على المُصَابِ حَبْسُهَا بَلْهَ تَأخِيْرُهَا، فَهِي غَلَّابَةٌ قَلَّابَةٌ، بَلْ إخَالُهَا مُغِيْرَةً مُثِيْرَةً، يَضْعَفُ اللَّبِيْبُ عَنْ قِيَادِهَا، والحَازِمُ عَنْ لِجَامِهَا ... !

* * *

إنَّها أحَاسِيْسُ سَاكِنَةٌ، ومَطَاوِي كَامِنَةٌ، يَعْجَزُ اللِّسَانُ عَنْ ذِكْرِهَا، وتَضِيْقُ القَوَافي عَنْ وَصْفِهَا!

إنَّها حُبَاسَاتُ صَدْرٍ، وخَافِيَاتُ فِكْرٍ ... لا هَمَسَاتٌ فتُسْمَعُ، ولا رَكَزَاتٌ فتُحَسُّ ... حَتَّى إذا طَرَبَهَا البَشِيْرُ أو رَابَهَا النَّذِيْرُ، جَلْجَلَتْ في صَكَّةٍ، وهَمْلَجَتْ في رَكَّةٍ، وثَارَتْ بخَيْلِهَا وأقْبَلَتْ برَجْلِهَا؛ لتَخْرُجَ بَعْدَ احْتِبَاسٍ، ولتَسْتَبِيْنَ بَعْدَ الْتِبَاسٍ، فحِيْنَئِذٍ لا يَسَعُهَا إلَّا فَلَتَاتُ لِسَانِ المُصَابِ، أو صَرِيْفُ القَلَمِ في بَيَاضِ الصُحُفِ، أو أخْطَاطُ رِيَاضِ الكُتُبِ!

* * *

حَتَّى إذَا اسْتَوَتْ على سُوْقِهَا، وخَرَجَتْ مِنْ ضِيْقِهَا؛ نَظَرَ إلَيْهَا المُصَابُ نَظْرَةَ الحَائِرِ، ووَقَفَ عَلَيْهَا وَقْفَةَ السَّادِرِ، مُتَّهِمًا نَفْسَهُ في ذِكْرِهَا أو فِكْرِهَا، ظَانًّا بقَلَمِهِ في شِعْرِهَا أو نَثْرِهَا، ولَوْ أقْسَمَ بالله أنَّ لِسَانَهُ لم يَحُطَّهَا، وأنَّ بَنَانَهُ لم يَخُطَّهَا لما حَنِثَ ولا أثِمَ!

فَكَأنَّهُ مِنْ هَوْلِ السَّكْرَةِ، وهُيَامِ الفِكْرَةِ: مُقَادٌ لا قَائِدٌ، وسَامِعٌ لا مُتَكَلِّمٌ؛ حَتَّى إذَا غَالَبَ نَفْسَهُ، وقَارَبَ رَأسَهُ، عَرَفَ مَا هُنَا، وعَلِمَ أنَّ مَا كُتِبَ في نَثْرٍ، أو نُظِمَ في شِعْرٍ، كَانَ قَدَرًا مَقْدُوْرًا، وشَيْئًا مَسْطُوْرًا!

ومَهْمَا اتَّهَمَ أو ظَنَّ؛ فإنْ أحْسَنَ فِيْما سَطَّرَ وحَبَّرَ بَعْدَ صَبْرٍ وتَرْجِيْعٍ، فلْيَحْمَدِ الله تَعَالى، وإنْ كَانَتِ الأخْرَى فَلا يَلُوْمَنَّ إلَّا نَفْسَهُ، والله غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ.

* * *

وسَوْقًا بَعْدَ تَسْوِيْقٍ؛ فإنِّي أقِفُ بنَفْسِي هُنَا طَالِبًا مِنَ الخَالِقِ العَفْوَ والمَغْفِرَةَ، ومِنَ الخَلْقِ الصَّفْحَ والمَعْذِرَةَ: فإنَّني مَا ذَكَرْتُ هَذِهِ الوَرَقَاتِ المُقْتَضَبَاتِ في سِيْرَةِ هَؤلاءِ الأئِمَّةِ الأعْلامِ، إلَّا بِرًّا لهُم، وحَقًّا إلَيْهِم، بَيْدَهَا نُصْرَةً للحَقِّ في أهْلِهِ، وإغَاضَةً للبَاطِلِ في أهْلِهِ، وتَسْلِيَةً لرُوَّامِ العِلْمِ، وتَذْكِرَةً لمؤرِّخِي الأمَمِ.

كَمَا أنَّني أبْدِي وأعِيْدُ؛ بأنَّ ذِكْرِي هُنَا لسَيَرِ هَؤلاءِ الأعْلامِ لَيْسَ مِنْ مَآتي الإحَاطَةِ، بَلْ مِنْ نُثَارِ اللُّقَاطَةِ، فَهِيَ شَذَرَاتٌ في نَظَرَاتٍ، ومُقْتَطَفَاتٌ في فَقَرَاتٍ، جَرَّهَا القَلَمُ في بَيَانٍ، ومَدَّتْهَا الذِّكْرَى بَعْدَ نِسْيَانٍ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير