وكان له مناصحات عند ولاة الأمر واجتماعات بهم وكان سمو الأمير سلمان أمير منطقة الرياض يجله ويقدره ويصفه بأنه ناصح أمين ... وصدق الأمير في مقولته فهو ليس من طلاب الدنيا ولم تكن الدنيا مطمعه ... بل هو من طلاب الآخرة نحسبه كذلك ... ويصدع بكلمة الحق ولو كان عند أكبر مسؤول ... كان رحمه الله له دور في إصلاح السجون فهو يقوم بزيارة للسجون بين فترة وأخرى ... وأذكر زيارة لي معه للسجن أنه قال لي سوف أذهب إلى عنبر القتلة وأنت اذهب إلى عنبر المسكرات ... فقلت له ياشيخ أحد يختار هذا العنبر؟! قال: لعل الله أن يتوب أحد منهم على يدي قبل أن يؤخذ للقصاص أو يستفيد من العلم الشرعي قبل أن يموت.
وكان بيت الشيخ بيت صلاح وتقوى من والديه وشقيقاته وزوجاته وأبناءه ... وكانت زوجته أم ميمونة رحمها الله صاحبة الخلق الطيب والمعاشرة الحسنه مع زوجها الصالح ... الزوجة الوقورة المربية الداعية .. ذكر لي الشيخ رحمه الله أن له معها مواقف تذكر وتشكر ولها مواقف تجلت فيها أنها الزوجة المؤمنة القانتة الصابرة المحتسبة ما عند الله.
وبناته الثمان ذوات أدب جم وخلق وعفاف من الكبرى ميمونة رحمها الله الحافظة لكتاب الله بالقراءات العشر والتي كان لها وصية مكتوبة كما ذكر لي أحد الأحبة ... وأصغرهما الجازي نسأل الله أن يجعلهن شفعاء وذخرا لوالديهما يوم أن يلقينه في الدار الآخرة.
وكانت وفاته رحمه الله ليلة الأربعاء مايقارب الساعة التاسعة مساء ... وانتشر خبر وفاته سريعا إلى أحبابه وفي منتديات الانترنت في حوالي الساعة العاشرة والنصف ... وكان خبرة علينا كالفاجعة وتوالت الاتصالات والرسائل تنقل خبر وفاة الشيخ وزوجته وثلاث من بنياته وإصابة ما تبقى من بنياته ثم توجهت أنا وأحد الأحبة إلى موقع الحادث في الساعة الثانية عشر والنصف ... فإذا با الشيخ مسجى وزوجته وبناته في سيارة الإسعاف رحمه الله وزوجه ... وإذا بوالده الصابر المحتسب المسترجع المؤمن بقضاء ربه وان ما عند الله له خير وأبقى من هذا العرض الزائل والفاني. ثم شاهدنا الأمير الشهم البطل سمو الأمير خالد بن طلال والذي حضر إلى موقع الحادث كيف لا وهو رجل المواقف والذي تولى الإشراف على حادث الشيخ وأهله ... لحظة بلحظة بل واتصل على سمو الأمير سلمان حفظه الله وأطلعه بالخبر فوجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان توجيهاته حفظة الله بتسهيل أمور الموتى وكذلك اصدر أمره بنقل المصابين إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي وهذا ما عرفناه وعهدناه من أمير الرياض فهو رجل المواقف والمهمات وخاصة مع العلماء والدعاة والمصلحين لاحرمكما الله الأجر ياصاحبي السمو الملكي.
وانت ياصاحب السمو الأمير خالد بن طلال فوقفتك مع الشيخ رحمه الله وموقفكم الشجاع دليل على حبكم للشيخ وتواضعكم الجم ... فلك منا خالص الدعاء والثناء ولقد عظمت في أعين العلماء والدعاة والأخيار بعد هذا الموقف النبيل والشهم.
كانت جنازته رحمه الله مهيبة وبدا العشرات يتوافدون إلى مسجد الراجحي منذ الساعة الحادية عشرة للفوز بالمشاركة في تغسيله رحمه الله ... وقد تم تغسيله بعد صلاة الظهر مباشرة واجتمع على تغسيله العشرات ولكن أغلق الباب ولم يتسنى إلا لبعض من المشايخ أمثال الشيخ متعب الطيار والشيخ محمد الفراج والشيخ خالد الروقي وتم تغسيله وكانت أصبعه السبابة مرفوعة إشارة إلى حسن الخاتمة بالتوحيد والتي كانت دعوته في حياته رحمه الله والسواك في جيبه فجعل آخر عهده بالدنيا السواك وكلمة التوحيد وحضرت الجموع لتوديعه في المغسلة و امتلأ مسجد الراجحي قبل صلاة العصر وتقدم المفتي للصلاة علية وكانت جنازته رحمه الله مشهودة وحضور مهيب وحشود كبيرة تقدر بعشرين الف مصل ... امتلاءت بهم ساحات المسجد والساحات الخارجية وأغلقت الأبواب والطرق حتى تم الصلاة عليها ... ونقل رحمه الله إلى مقبرة النسيم ولم تستطيع الجموع من التحرك من المسجد لكثرة إغلاق كثيرا من الشوارع وكانت جموع في المقبرة تنتظر جنازة الشيخ وتم دفنها ولم يتيسر لكثير من الناس الوصول إلى القبر لكثرة الزحام وصلى عليه جموع كبيرة بعد دفنه وبعد ذهاب الجموع وقف والده عند قبره وألقى كلمات تكتب بمداد من ذهب وتذكرة للأبناء للبر بأبائهم قال والد الشيخ عبدالعزيز"اللهم إني أمسيت هذا اليوم وأنا راض عنه فأرض عنه اللهم انه كان بارا بي وبوالدته فأرفع درجته وأكرم نزلة وضيافته".
وفي ختام كلمتي هذه إن هذه الحشود وهذه الجموع التي اجتمعت في تشييع جنازة الشيخ إنما هي دليل صدقه مع ربه فجعل له القبول في أرضه وأحبه أهل السماء فأحبه أهل الأرض فجنازة الشيخ واعظ لكل مخالف ومظهرة لفضل أمثالة من الدعاة و المصلحين"وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" وتخاطب أهل البدع و الظلال موعدكم يوم الجنائز.
وأسأل الله العظيم كما ختم الشيخ حياته في روضة من رياض الجنة في درسه في منزله في صفة أبواب الجنة ونعيمها ... وكان على موعد للقاء ربه بين الرياض والدمام ... وكما اشتاق رحمه الله إلى الجنة ونعيمها فأشتاق الله للقائه وختمها بالتوحيد بسبابته عند مماته ... ثم وشحها والده حفظة الله عند القبر بذلك الدعاء المهيب "اللهم إني أمسيت راض عنة فارض عنة" أن يرفع درجه الشيخ في عليين ..
.اللهم ياكريم الكرماء أكرم وفادة الشيخ وزوجه وبناته وألبسهم لباس السعداء واحشرهم في زمرة الأنبياء والشهداء والصالحين وأربط على قلوب والديه وأخيه وشقيقاته وبنياته المصابات وأحباؤهم إنك سميع مجيب الدعاء وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلة وصحبة وسلم.
إبراهيم بن محمد القحطاني
الرياض
http://www.lojainiat.com/index.php?action=showMaqal&id=8612
¥