وقد روي ذكرها في حديث موضوع، رواه عبد الله بن زياد بن سَمْعَان، فذكره مثل الثَّعْلَبي في تفسيره، ومثل من جمع أحاديث الجهر، وأنها كلها ضعيفة، أو موضوعة. ولو كانت منها، لما كان للرب ثلاث آيات ونصف، وللعبد ثلاث ونصف. وظاهر الحديث أن القسمة وقعت على الآيات، فإنه قال: (فهؤلاء لعبدي). وهؤلاء إشارة إلى جمع، فَعُلِم أن من قوله: {\اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} إلى آخرها، ثلاث آيات على قول من لا يعد البسملة آية منها، ومن عدها آية منها، جعل هذا آيتين.
وأيضًا، فإن الفاتحة سورة من سور القرآن، والبسملة مكتوبة في أولها، فلا فرق بينها وبين غيرها من السور في مثل ذلك، وهذا من أظهر وجوه الاعتبار.
وأيضًا، فلو كانت منها، لتليت في الصلاة جهرًا، كما تتلى سائر آيات السورة، وهذا مذهب من يرى الجهر بها كالشافعي وطائفة من المكيين والبصريين، فإنهم قالوا: إنها آية من الفاتحة يجهر بها: كسائر آيات الفاتحة، واعتمد على آثار منقولة بعضها عن الصحابة، وبعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم. فأما المأثور عن الصحابة، كابن الزبير ونحوه، ففيه صحيح، وفيه ضعيف. وأما المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو ضعيف، أو موضوع، كما ذكر ذلك حفاظ الحديث كالدارقطني، وغيره.
ولهذا لم يرو أهل السنن والمسانيد المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر بها حديثًا واحدًا. وإنما يروي أمثال هذه الأحاديث من لا يميز من أهل التفسير: كالثعلبي ونحوه، وكبعض من صنف في هذا الباب من أهل الحديث، كما يذكره طائفة من الفقهاء في كتب الفقه، وقد حكى القول بالجهر عن أحمد وغيره بناء على إحدى الروايتين عنه من أنها من الفاتحة، فيجهر بها كما يجهر بسائر الفاتحة، وليس هذا مذهبه، بل يخافت بها عنده.
وإن قال هي من الفاتحة لكن يجهر بها عنده لمصلحة راجحة، مثل أن يكون المصلون لا يقرؤونها بحال، فيجهر بها ليعلمهم أن قراءتها سنة، كما جهر ابن عباس بالفاتحة على الجنازة، وكما جهر عمر بن الخطاب بالاستفتاح، وكما نقل عن أبي هريرة أنه قرأ بها، ثم قرأ بأم الكتاب، وقال: أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه النسائي. وهو أجود ما احتجوا به.
وكذلك فسر بعض أصحاب أحمد خلافه، أنه كان يجهر بها إذا كان المأمومون ينكرون على من لم يجهر بها، وأمثال ذلك. فإن الجهر بها والمخافتة سنة، فلو جهر بها المخافت، صحت صلاته بلا ريب. وجمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد والأوزاعي لا يرون الجهر، لكن منهم من يقرؤها سرًا، كأبي حنيفة وأحمد وغيرهما، ومنهم من لا يقرؤها سرًا ولا جهرًا، كمالك.
وحجة الجمهور ما ثبت في الصحيح من أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وفي لفظ لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة، ولا آخرها واللّّه أعلم.
فتاوى أبن تيمية
ـ[أبو ذر عبد الله السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 09, 11:52 م]ـ
جزاكم الله كل خير زينتم الموضوع بمروركم و لكن سنتابع البحث أولاً ثم بعد ذلك سأرد بإذن الله على مشاركاتكم بالتفصيل
ـ[أبو ذر عبد الله السلفي]ــــــــ[25 - 09 - 09, 12:35 ص]ـ
الفصل الرابع
أدلة القائلين
بأن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها و مناقشتها
عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: «قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? قال الله حمدني عبدي فإذا قال ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ? قال الله أثنى علي عبدي فإذا قال ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? قال مجدني عبدي فإذا قال ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ? قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» رواه مسلم وفي رواية مالك: فهؤلاء لعبدي. فقوله سبحانه: " قسمت الصلاة " يريد الفاتحة، وسماها صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بها، فجعل الثلاث الآيات الأول لنفسه، واختص بها تبارك اسمه، ولم يختلف المسلمون فيها ثم الآية الرابعة جعلها بينه وبين عبده، لأنها تضمنت تذلل
¥