تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكن قصاصة من كلام من ابن جبرين أو خطبة منه قلبت الدنيا ظهراً على عقب , وتلقفتها القنوات الإخبارية مباشرة , وسعت الصحافة لإبرازها والحديث عنها فالمتحدث هو العالم الجليل وبطل الرياض العظيم.

كلامه عنهم طار في الشرق والغرب وأصبح تاريخاً لوحده , كما فعلت فيهم يوماً من الأيام خطبة إمام المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي , لقد تعالت صيحات الرافضة مطالبة النصارى بمحاكمة ابن جبرين!! , تعالت صيحاتهم المشبوهة مطالبة بمحاسبته علناً وهو طريح الفراش يصارع المرض لا يدري عن نفسه , فهل رأيت مريضاً يهابه ملايين الأصحاء في الأبدان!! , فصحة العقل والدين لا يعدلها صحة وقوة , ومرض العقل والدين لا يصلح معه شيء آخر.

ابن جبرين رغم فتاواه في الرافضة قد بين مراراً للطلاب والناس مغزى الفتاوى , فبيان الحق لا يعني استحلال الدماء وخلخلة الأمن , ففرق بين البيان العلمي وحماية عقول الناشئة والعامة , وبين القتل والتدمير وإزهاق الأرواح.

وهذا حق وعقل , ومتى اجتمع الحق والعقل الرشيد صلحت البلدان وعمرت الأوطان وحميت الأديان , وإذا نظرنا كيف أن الله أمر بجهاد المنافقين , وأمر بالغلظة عليهم , وهذا الأمر بجهادهم جاء في أكثر موضع , ولم يكن أمراً للندب بل هو للوجوب , ومع ذلك لم يأمر الله بقتلهم , ولم يأمر الله بزعزعة الأمن في المدينة النبوية التي كثر فيها المنافقون في عصر النبوة , وقد تَرَك النبي صلى الله عليه وسلم قتلهم تقديراً لشعور الناس العام وحتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه.

وكان النص القرآني يفضحهم ويفضح مخططاتهم , ويُشِّهر بأعمالهم , ويتحدث عن صفاتهم وطريقة كلامهم , ولكن بقيت شخوص كثير منهم مجهولة لكثير من الصحابة , حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر نفراً يسيراً من الصحابة عن شخوص المنافقين وأسمائهم , وعاش الناس في ظل دولة إسلامية , تطبق شرع الله , وتقيم حدود الله , وهي تعلم أن من بين أبنائها ومن بين أعضائها شياطين في المكر والفساد والعناد.

وإذا كان هذا حال القرآن مع المنافقين فهكذا حال العلماء الربانيين مع أهل البدع , فهم يبينون للناس دين الله , ويفضحون المخططات ويجهزون عليها , يقولون الحق بدون مواربة أو ضبابية أو غموض وتلبيس , فدين الله له رجال يحمونه , وله رجال يذودون عن حياضه , ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

وكلام أهل العلم يجب أن يفهم على أنه للبيان والحقيقة , وليس استغلالاً لواقع سياسي أو مطمع دنيوي , وأعمال الجُهال لا يلام عليها العلماء , وإلا لحذفنا آيات العداوة من المصحف مع اليهود والنصارى حتى نجامل اليوم الغرب ونسير في ركاب حضارتهم.

******************

الرحالة الكبير في جبال وصحراء المملكة:

الحق الذي لا مرية فيه أنه بعد وفاة شيخه ابن باز أصبح عالم الرياض الأكبر , ومفتي الناس , ومعلم الناس الخير , الشيخ الذي يتترس الشباب الأقوياء بفتاواه ومواقفه ويكون أولهم في الصف , صاحب الرحلات الصيفية الوعظية والإرشادية الطويلة جداً.

تراه وهو شيخ كبير تتناوشه الأمراض , يسافر في كل صيف يطوف المملكة من شرقها إلى غربها , ومن الجنوب إلى الشمال , يقطع الآف الكيلومترات , يبحث عن الناس في المدن , أو في البوادي , يبحث عنهم في مدينة عالمية , أو قرية ساحلية , أو مجموعة تعيش في الجبال بعيداً عن الحضارة , لا يهمه ذلك , المهم أنه سيجد بشراً يتحدث معهم , سيجد أقواماً يرشدهم إلى الله, سيجد أناساً يسألونه فيجيب.

يجلس بين الناس بكل حب وود ونقاء , يبين لهم أحكام الشريعة بوضوح ويسر , يراعي ظروفهم , ويتكلم بما يناسب عقولهم , يتكلم ولا يمل هو من الحديث المكرر فهو يتكلم في هذه القرية , ويعيد الموضوع عند جارتها , وهكذا بدون ملل , ربما شرح لهم كتاباً وأقام أياماً , وربما عقد لهم دورة علمية مكثفة كل سنة , يكتب لهم التزكيات والتوصيات , ويزور مشاريعهم الخيرية ويجلس مع أعضائها , ويلتقي بالقضاة وطلبة العلم والدعاة الذين يحرصون أن يروه ويجلسون معه , مع أنه لا يحمل صفة رسمية للزيارة , بل يسبق زيارته أحياناً تنسيق مع رجال الدعوة هناك , لا يدخل قصور المسئولين والأمراء في المناطق إلا نادراً , تراه يسكن في منزل متواضع أو فندق عادي , يظنه الإنسان يستعجل نشاطه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير