وقد فُجعُت اليوم كحالي ممن عرف شيخنا بخبر وفاته، فأصبت مُصاب الابنِ بأبيه، والخليلِ بخليله، خاصة لما أعلم من شيخنا من محبة العلم، والتزام السنة، وتعظيم الكتاب والأثر، ومحبة أهل التوحيد والسنة، وقد قال أيوب السختياني: إني لأسمع بموت الرجل من أهل السنة فكأنما فقدت عضواً من أعضائي.
فكيف بي وقد فقدت شيخا أثرياً عالماً جليلاً محباً لأهل العلم والفضل؟!
فما أكثر ما سمعته يثني على شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى وشيخنا الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي المملكة وغيرهم من العلماء.
وذكرتُ له شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان فأجلَّه وعظّمه وقال: هو أحسن الإخوان اليوم.
فعلى فراق مثل الشيخ إبراهيم بن عبدالله بن عتيق تُسكب العبرات، وتعجز الألسن عن جميل العبارات.
وعلى مثله تبكي القريحة بالأشعار لتحاكي دموع العين عند فراق الأخيار، فلم أتمالك قريحتي حتى أنشدت بلسان الحزين الباكي:
1 عَلَى الشَّيخِ بَدْرِ العِلْمِ نَسْلِ الأطَايِبِ * تَثُجُّ عُيُونِي بالدّمُوعِ السَّوَاكِبِ
2 وَيُحْرِقُ قَلْبِي وَاهَجَ الحُزْنِ والأسَى * وَقَدْ فَقَدَتْ رُوْحِي حَلَيفَ المنَاقِبِ
3 عَنَيتُ بِهِ مَنْ فَاقَ في العِلْمِ والقَضَا * وَذَلِكَ (إبْرَاهيمُ) بَدْرُ المَقَائِبِ
4 سَلِيلَ الهُدَى مِنْ أسْرةِ العِلْمِ والتُّقَى * حُمَاةِ جَنَابِ الدِّينِ مِنْ كُلّ ثَالِبِ
5 أرَدتُ بِهمْ (آلَ العَتِيقِ) وَلي بِهِمْ * شِيوخٌ لهَمْ فِي الدِّينِ خَيرُ المنَاصِبِ
6 وَمِنْ بَينِهِمْ مَنْ رَاعَني اليومَ مَوتُهُ * وَكَادَ البُكَا يُرْدِي جِدَارَ المنَاكِبِ
7 وَكِدْتُ أذُوقُ الموتَ مِنْ فَرْطِ حَسْرَتي * وَمَا الَموْتُ إلّا مِنْ أفُولِ الكَواكِبِ
8 وَهُمْ عُلماءُ الدِّين يَا وَيْحَ مُهْجَتِي * وَهَذا –لَعَمْرِي- مِنْ عَظِيمِ الَمصَائِبِ
9 وَقَدْ مَاتَ (إبراهيمُ) مِنْ بَعدِ مُدَّةٍ * قَضَاهَا بِعْزمِ النَّابِغِينَ الثَّوَاقِبِ
10 فَما بَينَ عِلمٍ يَكْشِفُ الغَيَّ والعَمَى * وَمَا بَينَ مِحْرَابٍ زَكِيّ الجَوَانِبِ
11 بِذِكْرٍ وقُرْآنٍ وخَوْفٍ وَدَمْعَةٍ * وَصَوْتٍ لَهُ في ظُلْمَةِ اللَّيلِ نَاحِبِ
12 أتَاهُ بَرِيدُ الموتِ مِنْ خَالِقِ المَلا * فَألحْقِهُ بِالسَّالِفِينَ الذَّواهِبِ
13 فَوادَعَنَا والقلبُ مِنْ فَرْطِ حُزْنِهِ * كَأنَّ بِه طَعنَ السُّيوفِ الضَّوَارِبِ
14 وَوَادَعَنَا والعينُ مِنْ لَوْعَةِ الأسَى * تُحَاكِي بِسَكْبِ الدَّمْعِ سُودُ السّحَائِبِ
15 وبَالقَدَرِ المقْدُورِ آمنتُ والَّذي * قَضَاهُ إلهِي وَاقِعٌ غَيرُ نَاكِبِ
16 وَسَلّمتُ لِلْمَولى العَظِيمِ بِحُكْمِهِ * وَلَنْ أنْتَهِجْ نَهَجَ الغَويِّ الُمصَاخِبِ
17 وَلَكنّهُ حُزْنِي عَلى فَقْدِ شَيْخِنَا * وَقَدْ بَاتَ هَذا اليومُ تَحْتَ النَّصَائِبِ
18 فيَا رَبّ يَا مَولايَ يَا وَاسَعَ العَطَا * وَيَا كَاملَ الإفْضَالِ مُسْدِي المَوَاهِبِ
19 تَمُرُّ بِسُحْبِ الخَيرِ مِنْ فَوْقِ قَبْرِهِ * وَتَغْسِل شَيْخِي مِنْ جَمَيعِ المَعَائِبِ
20 وَتَرْفَعُهُ في جَنّةِ الخُلْدِ رُتْبَةً * وَتَجْمَعَهُ بالُمصْطَفَى نَسلِ غَالِبِ
21 وتُخلِفُهُ بِالخيرِ في كُلِّ أهْلِهِ * فَأنْتَ الَّذِي تُرْجَى لِنَيلِ المطَالِبِ
22 وَتْجَمعنَا بالشَّيخِ مَعْ خَيرِ رِفْقَةٍ * بِجَنَّاتِ عَدْنٍ وَهِيَ خَيرُ الَمآربِ
23 وَيَا رَبّ يا ذَا الَمنّ وَالجُودِ والعَطَا * وَيَا خَيرَ مَدْعُوٍ ويا خَيرَ وَاهِبِ
24 أقِمْنَا عَلى التّوْحِيدِ في كُلّ لحْظَةٍ * وَكُنْ عَونَنَا في المُعْضِلاتِ النَّوائِبِ
25 وَآخِرُ مَا يَحْلو الكَلامُ بِخَتْمِه * صَلاةً عَلى المُخْتَارِ مَعْ كُلِّ صَاحِبِ
اللهم ارحم عبدك وابن عبدك وابن أمتك الشيخ إبراهيم بن عتيق، وأرفع درجته في جنات النعيم، وأخلفه بخير في ذريته أجمعين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
عضو الدعوة والإرشاد بمركز الدعوة بمحافظة الطائف
عضو الجمعية العلمية السعودية لخدمة السنة وعلومها