ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[22 - 06 - 09, 02:57 م]ـ
http://alukah.net/articles/1/4315.aspx
الشيخُ عبدالفتاح الإمام
عالِمٌ مِن علماء بلدنا دِمَشْق، لم يُعطَ حقَّه مِنَ الدِّراسة والتعريف، كان - رحمه الله - سَلَفِيَّ الاتِّجاه، حريصًا على إصلاح أمَّته، مُتَحَمِّسًا جدًّا للإسلام ولِدَعْوة المسلمينَ إلى أن يأخذوا بالوسائل التي تجعلهم منَ المُتَقَدِّمينَ في العِلم والاختراع، وكان يرى أنَّ هذا إنْ تَحَقَّقَ في المسلمينَ سادتِ الأمَّة، وكانتْ في صدارة الأُمم، وهذا الذي ينبغي لها أن تكونَ عليه؛ لأنها حاملةٌ لأعظم رسالة، وتابِعة لخاتَم الرُّسل وأفضلهم، ويبدو أنه كان مُعْجَبًا بالمفسِّر الأستاذ الشيخ طنطاوي جوهري [1] (1870 - 1940)، وقد تأثَّر به، وبِمَنْحَاهُ في التفسير.
وُلِدَ الشيخ عبدالفتاح الإمام في مدينة دِمَشق سنة (1294 هـ، 1877 م)، ودَرَس في مدارس دِمَشْق، وقَرَأَ على المشايخ فيها عُلُوم العربيَّة، والفِقه وأصوله، والحديث، والتفسير، وحَفِظ القرآن، وبعض المُتُون على عادة طُلاَّب العلم في عَصْره.
ثم رَحَلَ إلى إستانبول - عاصمة الخِلافة الإسلاميَّة - ودَخَل المدرسة الحربيَّة فيها، وتَخَرَّج ضابطًا في الجيش العُثماني، وشارَكَ في الحَرْب العالميَّة الأولى، وأُرْسِل إلى البَلْقان، فكان فيها مُدَّة الحرب، وعاد إلى بلده دِمَشْق، فعمل في المكتبة الظاهريَّة بضع عشرة سنة، ثم تَفَرَّغَ للكتابة والتأليف والدَّعوة إلى الله، والحَضّ على تَرْك البِدَع واجتنابها.
وأنشأ جَمْعيَّة سَمَّاها: "لجنة الشُّبَّان المسلمين"، وكان يكتب عن نفسه أنَّه المُبَشِّر بالإسلام، رئيس لجنة الشُّبَّان المسلمين، أنصار الفضيلة بدِمَشق، فقد كتب في كتابه: "الاكتشافات العلميَّة تشهد بالحِكَم البالِغة التي بلغها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم"، صـ 86 ما يأتي: "نحن - لجنةَ الشبان المسلمين - نَتَحَدَّى العالَم، فنقول: يستحيل أن يوجدَ ما ينفع الفرد أوِ الجماعة، ماديًّا أو معنويًّا؛ إلاَّ وهو موجود في الإسلام، ويستحيل أن يوجدَ ما يضر الفرد أوِ الجماعة إلاَّ وقد مَنَعَه الإسلام، وقد أرْصَدْنا ألف لِيرة [2]؛ جائزة لِمَن يأتينا بجزئيَّةٍ واحدةٍ تشذُّ عما قُلنا، أفلا يحقُّ لنا أنْ نقولَ للإسلام:
سِرْ فِي بِقَاعِ العَالَمِينَ منَاهِلاً وَانْشُرْ عَلَى الآفَاقِ نُورَكَ كَامِلاً
وَابْسُطْ عَلَى الأَرْضِ السَّلاَمَ فَقَدْ غَدَا رُكْنُ السَّلاَمِ بِكُلِّ وَادٍ مَاثِلاً
وشَارَكَ في تأسيس جمعية التَّمَدُّن الإسلامي، وقد أُسِّسَت في دِمَشْق عام (1352 هـ، 1932م)، وكان أول رئيسٍ لها الشَّيخ حمدي السفرجلاني، ثم تَوَلَّى رياستها الشيخ حسن الشطي وآخرون.
وقد عَمِل فيها الأساتِذة الأجلاَّء: محمد بهجت البيطار، وأحمد مظهر العظمة، ومحمد بن كمال الخطيب، ومحمد أحمد دَهْمان، ومحمد سعيد الباني، وسعيد الأَفْغاني، وحمدي الخَيَّاط، وكامل شاشيط، ومحمد أبو الفرج الخطيب الحسني، وزهير الشاويش، وغيرهم.
وقد أصْدرتِ الجمعيَّة مجلتها الشَّهيرة: "مجلة التَّمَدُّن الإسلامي"، وأصدرتْ عددًا منَ الكُتُب يُقارِب المائة، وأنشأتْ عددًا منَ المساجد، وأقامتْ مدرسة التَّمَدُّن الإسلامي، وأقامتْ عددًا منَ المحاضَرات، وقد حضرتُ بعضها، وكان لي الشَّرَف بأن ألقيتُ بعضها، وقَدَّمَتِ الجمعيَّة مساعدات صحيَّة لِعدد كبير منَ المرضى ... إلى غير ذلك منَ الإنجازات الطِّبِّيَّة.
وكان الشيخ عبدالفتاح الإمام يَنْشُر في مجلتها – "مجلة التَّمَدُّن الإسلامي" - مقالات إسلاميَّة إصلاحية، وهذه المجلَّة منَ المجلاَّت الإسْلاميَّة الرَّائدة في بلاد الشام، وقد صدر أول عدد مِنْ أعدادها عام 1935م، وقدِ استطاعتْ على قلَّة الموارد المادية أن تُعَمَّر أكثر من نصف قرن، تدعو إلى الله على بصيرةٍ، وتستكتب عددًا مِن علماء العالَم الإسلامي، وكان الأستاذ الفاضل أحمد مظهر العظمة (توفي 1403 هـ - 1982م)، القائم بِشُؤونها تحريرًا وإدارة ومحاسبة - رحمه الله رحمة واسعة.
¥