وكان عددٌ منَ العلماء ينشرون فيها، ومنهم المُحَدِّث الشيخ محمد ناصر الدِّين الألباني، فقد نشر فيها سِلْسلة مقالات، أَضْحَتْ فيما بعدُ كُتُبًا هي: "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، و"سلسلة الأحاديث الضَّعيفة"، وفي المجلة الكثيرُ منَ البُحُوث والأفكار الرائدة، وللحديث عن المجلة مجال آخر.
كنتُ أراه كثيرًا وأنا صغير، كان يمرُّ أمام دُكَّان سيدي الوالد - رحمه الله - في سوق مدحت باشا التجاري، وكان يسلِّم علينا كلَّما مَرَّ، وما كنتُ أراه إلاَّ حاملاً كُتُبًا بِيَدِه.
كان - رحمه الله - قصير القامة، نحيل الجسم، أزْرق العينين، ذا لِحية بيضاء، ويلبس عمامة بيضاء على طَرْبوش أحمر، وكان يلبس (بدلة محكمجية) - كما كانتْ تُسَمَّى - ويبدو أنه كان ميسورًا منَ الناحية المادِّية، ولم يَتَزَوَّج.
وكانتْ له غرفة في المدرسة العادلية، التي تَقَعُ في سوق العصرونية، مقابل دار الحديث، التي كان يقيم فيها الإمام النووي - رحمه الله - (ت 676 هـ).
وكان له نشاطٌ جَيِّد في مكافَحَة البِدعة، والدَّعوة إلى السُّنة، وإلى تعلُّم العلوم التَّجريبية؛ حتى تكون أمة الإسلام في مصافِّ الأمم المُتَقَدِّمَة.
كان يدعو إلى ذلك في وسط تَسُود فيه الطرق الصوفيَّة، وكان شديدًا على المخالفينَ، وقد حَدَّثني صديق لي أنه لَقِيه مرةً، فطلب منه أن يَتَرَفَّق في دعوته، فقال له: إنِّي ماضٍ في طريقي لا أخاف في الله لَوْمة لائم، ثم استشهد بقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التحريم: 9]، ومضى على خُطَّته.
وقد أَلَّفَ رسائل كثيرة، تمتازُ عناوينُها بالطول، وكان يطبعها على نَفَقَتِه، ويوزِّع بعضًا منها مجانًا.
ويحسن أن أوردَ ما وَقَفْتُ عليه من أسماء رسائله، فهي تدل على اهتماماته وعلى مستوى تحسُّسه بالواقع الذي كان يحياهُ المسلمون، وبإيمانه بالإسلام، واعتزازه به.
وهذه أسماء الرَّسائل والكُتُب التي وقَفْتُ عليها:
1 - الاكتشافات العلميَّة تشهد بالحِكَم البالغة التي بَلَّغها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم.
2 - صوت الطبيعة يُنادي بعظمة الله، (وهذه الرسالة في التَّوحيد على الأسلوب القرآني).
3 - العلم والعقل شاهدان بعظمة الله.
4 - سيدنا محمد هو المَثَل الأعلى في الكمال الإنساني بأسلوبٍ جديدٍ.
5 - مؤتَمر الأديان، أو الخصائص المحمديَّة والمزايا الإسلاميَّة.
6 - عظمة الإسلام في شَتَّى ميادين النَّشاط الإنساني.
7 - الكتاب الذي لا بدَّ منه في هذا العصر.
8 - القضاء والقدر ثابتان شرعًا وعقلاً، والاكتشافات العلميَّة تشهد.
9 - الجبر ضلال ومُحال شرعًا وعقلاً، والناس يشهدون.
10 - السلام العالمي لا يتم إِلاَّ بالإسلام.
11 - المسلمون كيف تَقَدَّم الأولون منهم؟ وكيف تأخروا اليوم؟ وكيف يستردون مجدهم؟
12 - بشائرُ الإسلام وخصائصه، نصوص صريحة منَ الكُتُب المُقَدَّسَة عند الأمم تُبَشِّر برسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم.
13 - الإسلام والنصرانية، مقارَنة وشهادات بأقلام أقطاب العالَم اليوم.
14 - الحقوق في الإسلام ما بلغتْ أمة في قديم العصور وحديثها ما بلغه المسلمون في الحضارة والعمران.
15 - المرأة في الإسلام، لم تصلِ المرأة الغربيَّة إلى ما وصلتْ إليه المرأة المسلمة منَ الحقوق.
16 - الرِّقُّ والإسلام، ما أنقذ الرَّقيق إلا الإسلام.
17 - الإسلام والعِلم، أمر بالعلم النافع بقوة ما بلغها دين منَ الأديان.
18 - الحضارة الإسلامية لا نظير لها في تاريخ الحضارات قديمًا ولا حديثًا.
19 - الحضارة الحاضرة قَبَس منَ الإسلام.
20 - المستقبل للإسلام، وسيُمَدِّن العالَم أخيرًا كما مَدَّنه أولاً، ولتعلمُنَّ نبأه بعد حين.
21 - تفسير القرآن الكريم كاملاً، التفسير العصري القديم، وقال عنه: هو عصري بِبَيَانِه الواضح، وبرهانه العلمي الجديد، وهو قديم باتِّباعه منهج السَّلَف، وإعلانه الحَرْب على الابتِداع في الدِّين.
22 - مولد عصري.
23 - الإسراء والمعراج ثابتان بالشريعة والعلم والعقل والطبيعة.
24 - حكم الإسلام في بيان الحكمة في: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج.
25 - حكمة المُحَرَّمات في الإسلام.
¥