[مواقف من حياة الإمام عبدالعزيز بن باز - بقلم تلميذه الشيخ محمد بن لقمان السلفي]
ـ[عبد الله الأثري الجزائري]ــــــــ[24 - 06 - 09, 06:38 م]ـ
[مواقف من حياة الإمام عبدالعزيز بن باز - بقلم تلميذه الشيخ محمد بن لقمان السلفي]
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فقد زار دولة قطر –حرسها الله- قبل حوالي أسبوعين فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن لقمان السلفي حفظه الله ألقى خلال زيارته بعض الدروس وزار بعض الأخوة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وغيرها، وقد قدّر الله أن ألتقي بفضيلة الشيخ مرتين في جهة عملي إحداهما في مكتبي بتاريخ 16\ 5\1430هـ، وقد رأيت الشيخ غاية في التواضع، دمث الخلق وكان يخبرنا كثيراً ببعض مواقفه مع الإمام عبدالعزيز بن باز.
وقد أهداني الشيخ حفظه الله أحد كتبه القيّمة وترك على مكتبي مقالة كتبها عن شيخه الإمام عبدالعزيز بن باز فيها ذكر لشيء من سيرته وسيرة الشيخ ابن باز وبعض المواقف الخاصة بينهما، وقد كتبها الشيخ محمد بن لقمان السلفي في عام 1423هـ بعد وفاة الشيخ ابن باز.
وقد رأيت أن أنشر هذه المقالة خاصة أن لم أجدها قد نشرت سابقاً في الإنترنت وفيها بعض الفوائد من سيرة الشيخ ابن باز رحمه الله.
أبدأ أولاً بذكر شيء عن كاتب المقالة:
هو الشيخ الدكتور محمد بن لقمان السلفي، أحد ملازمي الشيخ ابن باز رحمه الله، درس الشيخ في الجامعة الإسلامية قادماً من الهند في أيام رئاسة الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وقد لازم الشيخ ابن باز منذ عام 1382هـ حتى وفاة الشيخ.
كان الشيخ محمد بن لقمان السلفي يعمل سكرتيراً خاصاً للإمام ابن باز لشؤون الترجمة في الرئاسة العامة للإفتاء والدعوة والإرشاد.
يشغل الشيخ محمد بن لقمان السلفي حالياً منصب كبير الباحثين بمكتب سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله، كما يشغل منصب مدير جامعة ابن تيمية في ولاية بيهار بالهند، علماً بأن الشيخ يحمل الجنسية السعودية وهو من أصل هندي.
وهذا نص المقالة.
إن صبيحة يوم الخميس الموافق 27\ 1\1420هـ التي حملت إلي نبأ وفاة شيخي رحمه الله كانت صبحاً كنت أخاف من مجيئه كلما كنت أرى صحته متدهورة، لأني كنت أظن –وكان ظني صادقاً- أنه سيكون له وقع شديد على قلبي ودماغي. فقد اشتغلت بعد صلاة الفجر في ذلك اليوم في بحوثي حسب العادة إلى الساعة السابعة والنصف، ثم عدت إلى فراشي منهكاً مرهقاً لأستريح قليلاً وآخذ قسطاً من الراحة قبل أن أعود إلى بحوثي مرة أخرى. وما إن غلبني النوم حتى سمعت رنين الهاتف يوقظني، ويمتد يدي إليه متوقعاً أنه مكالمة من الأخوة في جامعة ابن تيمية بالهند حسب عادتهم أنهم غالباً يتصلون بي صباح الخميس لأخذ رأيي في بعض الأمور المتعلقة بالجامعة. ولكنها لم تكن كما ظننت، بل كان صوت أخي في الله الدكتور عبدالوهاب خليل من مكة المكرمة، ولم تكن نبرات الصوت عادية ولم يكن الحديث واضحاً، وكأنه يريد أن يلقي في ذهني أن الخبر غير عادي وأن النبأ عظيم، وأنه يجب علي أن أستعد لسماعه وتحمله.
وإذا به يخبرني عن فاجعة كبرى، ألا وهي موت شيخي ومرشدي إمام أهل السنة في هذا العصر عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
أعدت سماعة الهاتف إلى مكانها وقلت "إنا لله وإنا إليه راجعون" ...
وأخبرت أهلي بالخبر الذي كنت أخاف من سماعه، وجلست في مكاني ساكتاً واجماً وغلبني البكاء، بكاء الطفل الذي يفقد أبويه، وانهمرت الدموع التي لا تريد أن تنقطع، واللسان يلهج بالدعاء والترحم لفقيد الأمة الإسلامية. ولم أعد إلى طوري المعتاد واعتدالي المعهود إلا بعد أكثر من ساعة.
والله يعلم أنه لم يطرأ عليّ مثل هذا الوجوم في حياتي قبل هذا اليوم، وذلك من شدة هول الخبر الذي لم أكن مستعداً لسماعه.
ولكني تذكرت قول الله تعالى-وقوله حق- مخاطباً نبيه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم (إنك ميت وأنهم ميتون) وتذكرت قوله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، إفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)
¥