تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا أرى بأساً أن أذكر –تحدثاً بنعمة الله- أني أحد أولئك الذين يعتزون بالإنتماء إليه، وقد بايعته –رحمه الله- فيما يراه النائم، وعرضت رؤياي على سماحته فبشرني بالخير، وقد عبرت تلك الرؤيا بنفسي بأني سأقوم بعمل دعوي امتداداً لدعوة شيخي. وقد ظهر تعبيرها في صورة جامعة ابن تيمية وجمعية شيخ الإسلام ابن تيمية التعليمية الخيرية ومركز العلامة عبدالعزيز بن باز للدراسات الإسلامية في الهند.

وقد درست عليه العقيدة الطحاوية في الجامعة وحضرت دروسه ولم أزل استقي من منهله الصافي المستمد من الكتاب والسنة حتى لقي ربه.

لم تنقطع صلتي به بعد تخرجي وسفري إلى مدينة الرياض

سافرت إلى مدينة الرياض بعد تخرجي من كلية الشريعة بالجامعة للبحث عن عمل في مجال التدريس، ولكن الله أراد لي خيراً مما أردت، فحصلت على وظيفة المترجم الانجليزي في إدارة الدعوة بالخارج بدار الإفتاء.

وكان رحمه الله يأتي إلى مدينة الرياض في كل صيف وفي كل رمضان تحقيقاً لرغبة محبيه في هذه المدينة. فكنت في رمضان أصلي التراويح خلفه في المسجد الجامع الكبيرة بالديرة، وكنت آتي إليه متجاوزاً عدداً من المساجد لأصلي خلفه، وهو لا يراني، ولكنه الحب في الله والرغبة الشديدة الجانحة في القرب منه والاستفادة من أقواله وأفعاله وخطواته. وكنت أتابع أخباره حتى أعلم موعد مجيئه إلى الرياض، وكنت أقرأ له فتح الباري وأناقشه في بعض المسائل الحديثية والفقهية والقواعد النحوية، فلا يغضب ولا يتضايق بل يفرح وتبدو الابتسامة على نواجذه رحمه الله.

كنت أحاول ألا تفوتني مجالسه في منزله مدة إقامته في الرياض. وقد كنت همزة وصل بينه وبين كثير من العلماء البارزين الذين كانوا يأتون من شبه القارة الهندية الباكستانية لزيارة المملكة. وقد استمر بي هذا الحال حتى انتقل إلى رحمه الله.

كريم أخلاقه وعظيم تواضعه

ومن الوقائع التي تدل على كريم أخلاقه وعظيم تواضعه، أنه دعا العالم الهندي الشيخ فضل الله الجيلاني شارح الأدب المفرد للبخاري إلى مأدبة الغداء، فلما جلس الشيخ وضيوفه حول المائدة، سأل عما إذا كان حضر الخادم اليماني الذي كان يغسل الأواني في منزله ليأكل معه، فقيل له أنه لم يحضر بعد، فبدأ يناديه، ولم يشرع في الأكل حتى تأكد من حضوره واشتراكه معه وضيوفه في المأدبة.

وقد سألني الشيخ فضل الله الجيلاني عمن يكون ذلك الولد، هل هو ابن الشيخ؟ فأخبرته بأنه خادم من اليمن يغسل الأواني في منزل الشيخ. فكاد أن لا يصدقني وبدأ يبكي ويقول: إن هذا التواضع العظيم والرحمة بالضعيف لم أر له مثيلاً في حياتي ولم أقرأ عنه في تاريخ حياة الصحابة والتابعين.

كان رحمه الله شديد الحب للنبي صلى الله عليه وسلم

كانت نبرات صوته تتغير، وتهتز رأسه كلما جاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا كان شديد الحب للسنة النبوية لا يريد منها بدلاً، ولحبه للسنة كان شديد الحب لإمام السنة أحمد بن حنبل وأمير المؤمنين في الحديث محمد بن اسماعيل البخاري والإمام مسلم بن الحجاج وغيرهم من أئمة الحديث في القرون الأولى والمتأخرة مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله.

وكان يقول عنه تلاميذه: إن شيخنا يحفظ فتح الباري (غير مرتب) وإنه إذا قال عن حديث: لا أعلم، فهو مجهول الهوية غالباً، كما قيل عن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: "الحديث الذي لا يعلمه ابن تيمية فهو ليس بحديث".

شهرته بالإهتمام بالمسلمين في العالم كله

وقد اشتهر الشيخ –رحمه الله- بالاهتمام بأمور المسلمين في العالم كله، منذ أن كان شاباً، فقد قرأت كتاباً للعالم الهندي الشهير الأستاذ مسعود عالم الندوي باللغة الأردية، عنوانه "رحلتي إلى البلاد العربية" وقد حصلت عليه في المكتبة السعودية أول مقدمي إلى الرياض، فقرأت فيه عن الأستاذ مسعود (وكان من أهل الحديث السلفيين)،

عندما وصل إلى المدينة المنورة قادماً من بلاد الشام أراد أن يسافر إلى مدينة الرياض لزيارة الشيخ رحمه الله، وهذا في الأربعينيات من التاريخ الميلادي، ولذلك لشهرته بين علماء الهند وباكستان بعلمه الغزير وسلفيته وتحرره من ضيق التقليد الجامد إلى سعة الكتاب والسنة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير