(كنت مسافراً للدعوة الى ألمانيا و كان معي الشيخ محسن خان الذي قام بترجمة القران الكريم , فمررنا على سوريا , و عبرنا من احدى القرى و جدنا فيها مسجد و بجواره قبر , فدخلت المسجد كي أصلي و نيتي أن أنكر على وجود هذا القبر , و رفض صاحبي الدخول للمسجد , و بعد الصلاة قمت واعظاً و بدأت بكلمة عن حب النبي صلى الله عليه و سلم و فضل الصلاة عليه و الإمام و الناس يستمعون , ثم عرجت على ذكر القبور و الصلاة في مسجد فيها القبور و التبرك بها فقام الإمام غاضباً وقال للناس: قوموا صلوا السنة , فقالوا له يا شيخ أن هذا الشيخ كلامه طيب , فقلت لهم يا إخوة هذا إمامكم و عليكم طاعته , وقمت معهم و صليت السنة مع أني مسافر وليس علي سنة , ثم بعدها بدأت أكمل حديثي , فقام الإمام مقاطعاً حديثي و فتح كتاب و بدأ يقرأ منه , فقال الناس: يا إمام دع الشيخ يتحدث و يكمل حديثه , و احتدوا مع إمامهم و تشاجروا فقمت و اعتذرت منه و قلت للناس أنا سأخرج من المسجد من أراد أن يستمع إلي فليأتي خارج المسجد , فخرج كل من في المسجد و تركوا إمامهم وحيداً و أكملت حديثي معهم)
ثم انتقل الشيخ إلى مدينة جدة عام 1385هـ إلى يوم وفاته فيها بعد ظهر يوم الخميس24 ذو القعدة 1430هـ.
و كان انتقال الشيخ رحمه الله إلى مدينة جدة خير عظيم حيث كان يجول في مساجدها واعظاً و مدرساً وكانت أول مقابلتي معه عام 1416 هـ في مسجده مسجد أنصار السنة المحمدية بحي الصفا بجدة حيث يقيم دروسه و يعلم الناس السنة فترى مسجده بدون محراب ولا منارات و لا قبة , وكان محبوبا من أهل حيه و يعظمونه و يجلونه , ثم بدأ الشيخ بالتفرغ للعبادة في مكة المكرمة حيث اشترى بيتاً فيها و كان يأتينا يومي السبت و الأحد إلى جدة و نلتقي به في درس العصر مع بعض الإخوة السلفيين و بعض عوام الناس من حيّه , حيث كان لطيفا جدا في مناقشته بعض الأمور الفقهية و العقدية و يقول باللهجة العامية ضاحكاً (اللي مش عاجبه كلامي يقول قبل ما نقفل الدكان) و كنا نزوره أحياناً في بيته في مكة و نتناول العشاء معه بحضور بعض المشايخ مثل الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله و غيره , و كان إذا ودعنا عند باب بيته يظل ينتظر إلى أن نذهب بسياراتنا و لما نطلب منه أن يرتاح و يدخل إلى البيت يقول ضاحكاً باللهجة العامية: أخاف ترجعوا تاني.
الحديث عن الشيخ لا ينتهي و قصصنا و ذكرياتنا معه كثيرة لا تنسى , صاحب وجه صبوح و ضحكة بشوشة يبش في وجه من يعرف ومن لا يعرف , صاحب عبادة ما رأينا مثلها إلا في كتب السلف , فقد كان يحب الصلاة في الحرم و يصلي به جميع الفروض , ومع كبر سنه و صعوبة الركوع و السجود إلا أنه كان يصلي الفرض قائماً و كنت أسمع أناته حين يركع و يسجد , و كان لا يترك صيام التطوع أبداً , و أذكر هنا قصة مفادها , أني كنت معه عصر يوم خميس في الحرم المكي و عند إقامة الصلاة ذهبت مسرعاً إلى ثلاجة الماء أشرب من ماء زمزم , فضربني على رأسي و قال: صم يابني صم يابني أنا ما تركت صيام التطوع منذ كان عمري 18 سنة. وقد كان يرحمه الله كريماً بدون تكلف و يقول: كلوا و اشربوا و لا تسرفوا , أتيت مرة إلى بيته في مكة و معي زوار من أوروبا يزيدون عن الخمسة عشر شخصا , و حدثت الشيخ بالهاتف قبل وصولي بيته بقليل فرحب بهم , و فتح ثلاجة بيته و أخرج كل ما فيها و قدمها لهم و كان الإخوة سعيدين بلقاءه حيث كان الشيخ رحمه الله يتحدث الانجليزية و الفرنسية.
نسأل الله سبحانه و تعالى أن يغفر لشيخنا و أن يسكنه في جنات النعيم و أن يلحقه بالصالحين.
اللهم آمين
أخوكم
أبو زياد خالد بن محمد باقيس
المشرف العام على موقع ميراث الأنبياء
منقول بتصرف
ـ[أبو العلاء الحنبلي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 10:14 ص]ـ
رحم الله الشيخ وغفر له