[من أعلام العقيدة في قطر]
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[15 - 11 - 09, 12:31 م]ـ
هذه سيرة مختصرة عن أحد أعلام قطر الذين خدموا الدعوة في عهد مؤسس الدولة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله وابنه الشيخ عبد الله رحمه الله، ذلكم هو الشيخ محمد بن حسن المرزوقي رحمه الله والذي كان بحق علم الدعوة السلفية في شرق الجزيرة العربية في زمنه كما يقول مؤرخ الجزيرة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله، وللشيخ المرزوقي شهرته وصيته الذائع في زمانه في كل من قطر الخليج ونجد، ولعل ظروف الفقر وانشغال الناس بتحصيل المعاش وما يسد الرمق إثر وفاة الشيخ كانت من أهم الأسباب وراء عدم الاهتمام بتدوين ونشر آثار الشيخ وسيرته رحمه الله، لذا رأيت لزاما علي وقد هيأ الله لي الوقوف على مآثره وسيرته العطرة أن أنقل شيئا من عبقها وأريجها مذكرا نفسي وعموم إخواني من أهل قطر والخليج خاصة والمسلمين عامة تخليدا لذكر مثل هذا العلم الذي عاش فوق تراب هذا البلد الطيب – قطر- ردحا من الزمن حاملا لواء السنة والعقيدة الصحيحة قامعا كل بدعة وضلالة في الدين رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به مع العلماء الربانيين والدعاة المخلصين في جنات ونهر في مقعد صدق عتد مليك مقتدر، وهذا أوان البدء في سرد سيرة الشيخ المرزوقي ومواقفه، فأقول وبالله أستمد العون والتوفيق:
هو الشيخ الرحالة العالم الجليل والشاعر النحرير محمد بن حسن بن أحمد المرزوقي، وهو ينتمي إلى قبيلة المرازيق التي ترجع إلى قبيلة العجمان العربية ولا أدل على ذلك من قوله في إحدى منظوماته:
وناظمها ذو الفقر ذاك محمد سلالة مرزوق وقد ألف الكرا
إلى قطر يعزى وذاك عرينه وقد حل قدما من محافلها الصدرا
ولد رحمه الله بمدينة الوكرة جنوب قطر أواسط الفترة الأخيرة من القرن الثالث عشر الهجري، ونشأ بها ثم انتقل إلى الأحساء وقد كانت آهلة بالعلم والعلماء على المذاهب الفقهية الأربعة، ثم توجه إلى مكة المكرمة زادها الله شرفا وتكريما ليواصل طلبه للعلم ثم رجع إلى بلده قطر ليستقر به المقام بجوار حاكم قطر الشيخ قاسم رحمه الله الذي هيأ له سكنا بجواره ـ بمنطقة الوسيل ـ وكان يقدمه ليؤمهم في الصلوات والدروس وكان الشيخ المرزوقي يزاول مع الإمامة مهنة الطواشة (وهي تجارة اللؤلؤ) التي كانت رائجة في الخليج العربي ذلك الوقت، و قد دام على ذلك حتى وافى الأجل الشيخ قاسم رجمه الله والذي أوصى بالشيخ المرزوقي خيرا وقدر له مبلغا ماليا كما جاء ذلك ضمن وصايا الشيخ قاسم رحمه الله، وقد رثاه الشيخ المرزوقي بالأبيات التالية، والتي قدم لها المرزوقي بقوله: هذه المرثية في قاسم بن ثاني رئيس قطر لمحمد بن حسن القطري في رمضان عام 1331هـ:
"لما غاب بدر المجد والهدى، وغاض بحر المكارم والندى بموت الأمير الأمجد والإمام الأوحد ذي الفضل الجزيل والمجد الأثيل قاسم بن ثاني في 15 شهر شعبان من ليلة الجمعة عام 1331هـ، رثاه خله القريب وصديقه الغريب، المذكور أعلاه سلمه الله وتولاه:
أيا عين فابكي واسكبي العبرات وجودي بقان اللون لا الدمعات
لعل فؤادي ثم ينجو من الردى ويذهب وسواسي لدى الصلوات
أيا نفس فابكي من يقاسمك العنى يبادر من ناواك بالهلكات
نديمك من دون الأنام فاندبي إذا لم تموتي فاسبلي العبرات
فيا عين لا تبكي على فقد هالك سوى قاسم بالدمع والزفرات
إلى أن يقول:
شهادة توحيد تكررها له وتسألنا هل جاء وقت صلاة
وهل أكلوا ضيفي وهل لبسوا الكسى كعادتك الغراء قبل ممات
ولما تولى الحكم الشيخ عبد الله بعد وفاة أبيه الشيخ قاسم -رحمهما الله- كان المرزوقي يحظى بمكانة خاصة عند الشيخ عبد الله –رحمه الله-، وقد كتب الشيخ المرزوقي قصيدة يمدح فيه الشيخ عبد الله وقد ذكرها الشيخ عبد الرحمن الدرهم –رحمه الله- في كتابه نزهة الأبصار يقول في مطلعا:
تدوم بالعز والإقبال والظفر في نعمة الله تبقى مدة العمر
إلى أن قال:
وأفصحت بلسان الحال قائلة وفي ابن قاسم عبد الله بالظفر
أعني ابن ثان من سارت بسيرته الـ الركبان تمدحه في البدو والحضر
¥