الإبْرَاز لبَعْض المُكَاتَبَاتِ بيْنَ الشَّيْخَيْن الألباني وابن باز
ـ[أبو عبد الله يربح]ــــــــ[20 - 11 - 09, 09:19 ص]ـ
الإبْرَاز لبَعْض المُكَاتَبَاتِ بيْن َالشَّيْخَيْن الألباني وابن باز
الشيخ حسن آيت علجت
توطئة
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد؛
فإنَّ معْرِفَةَ أخْبَارِ العُلَمَاءِ وسِيَرِهِم، جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللهِ تعالى، وقد قال الإمامُ أبو حَنيفَةَ: «الحكاياتُ عن العُلَماءِ ومَحَاسِنِهِم، أحبُّ إليَّ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الفِقْهِ؛ لأنَّها آدابُ القَوْمِ»، وقال بعض المشايخ: «الحكاياتُ جُنْدٌ من جنود الله؛ يُثَبِّتُ بها قلوبَ أوْلِيَائِهِ، وشَاِهُدُه قوْلُهُ تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) [هود: 120]» (1).
ومن هذه الأخْبَارِ المتَعَلِّقَةِ بالعُلَمَاءِ: ذِكْرُ المُكَاتَبَاتِ والمُرَاسَلاَتِ التي تَجْرِي بَيْن أهْلِ العِلْمِ.
وقَدْ وفَّقَنِي اللهُ تعالى في هذا الصَّدَدِ، إلى الوُقُوفِ على طائِفَةٍ من الرَّسَائل المُتَبادَلَة بَيْن علَمَيْنِ مِنْ أعْلام السُّنَّة والحديث في هذا العصر، وهما الشيخان الجليلان: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ومحمَّد ناصر الدين الألباني رحمهما الله تعالى وأسكنهما الفردوس الأعلى، وذلك أثْنَاء اطِّلاعِي على كتاب «الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء» لمؤلِّفِه الشَّيْخِ محمد بن إبراهيم الحمد.
وقد اشْتَمَلَتْ هذه الطُّرُوس على عِبَرٍ ودُرُوس، وتهذيبٍ للنُّفُوس؛ فإنْ شِئْتَ أنْ تَجِدَ الاجتهادَ وعُلُوَّ الهِمَّة وجَدْتَهَا، وإنْ شِئْتَ أنْ تَجِدَ دَمَاثَةَ الأخلاقِ والآدابَ الجمَّة وجَدْتَهَا ... ، في فَوائِدَ أُخْرَى عَوَالٍ، ودُرَرٍ تَتْرَى غَوَالٍ، يَجِدُها القَارِئ في طَيَّاتِ هذه المُكَاتَباَتِ.
و لا عَجَبَ أنْ تَجْتَمِعَ هذه الخصالُ الرَّفِيعَةَ في هذَيْن العالِمَيْن الجليليْنِ؛ فالشَّيْءُ مِنْ مَعْدِنِهِ لا يُسْتَغْرَبُ، كيْف؛ وهُمَا اللَّذان أحْسَنَا في دَعْوَتِهِما وتَعْلِيمِهِما حتَّى لَمْ يَكادَا يَدَعَان للإحْسَاِن مَوْضِعاً، وسَبَقَا حتَّى جاءَ مَنْ خَلْفَهُما لَهُما تَبَعاً.
فإلَيْكَ ـ أَخِي القَارِئَ ـ هذهِ المُكَاتَبَاتِ الشَّيِّقَةِ، الَّتي تُعَدُّ مِثَالاً يُحْتَذَى في المُرَاسَلاتِ بَيْن أهْلِ العِلْمِ وطَلَبَتِه.
واللهُ مٍنْ وَرَاءِ القَصْدِ، وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
الرسالة الأولى:
كتابٌ من الشيخ الألباني إلى الشيخ ابن باز حول ترشيح الشيخ الألباني ليَقُومَ على تصحيح نسخة «فتح الباري» المُعَدَّةِ للطَّبْعِ.
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد ناصر الدين الألباني إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
فإنِّي أحْمَدُ إليكُمُ اللهَ الذي لا إله إلا هو، وأسْأَلُهُ أنْ يُدِيمَ عليْنا وعليْكُم نِعَمَهُ ظاهِرَةً وبَاطِنَةً،
أما بعد؛
فقد تلقَّيْتُ منذُ أمَدٍ كتابَكُم الكريمَ المؤرَّخَ في 20 شوال سنة 1378هـ، وقد عَلِمْتُ ما فيه مِنْ عَزْمِكُم على طبْعِ «فتح الباري» طبْعَةً جيِّدَةً، وأشْكرُ لكُم حُسْنَ ظنِّكُم بأخيكم؛ حيْثُ رشَّحْتُمُوني لأقومَ على تصْحيحِ نُسْخَتِه المُعَدَّةِ للطَّبْع، ومقابَلَتِها بالنُّسَخِ المطبوعة، والمخطوطة.
ولكنِّي أرَى أنْ تعْفُونِي مِنَ القيامِ بذلك، وتُكَلِّفُوا به غيْري؛ لا لِشَيْءٍ إلاَّ لِأنِّي أرَى أنَّ الوقتَ الذي يتطلَّبُه هذا العملُ الهامُّ، إذَا صَرَفْتُهُ فيما هو أمَسُّ باخْتِصَاصي ـ من خِدْمَةِ السُّنَّةِ، وتمْييزِ الصَّحِيح من الضَّعِيفِ منها، واسْتِنْبَاط الأحكام، والتفقُّهِ فيها أوْلَى مِنْ ذلك.
ولهذا أقْتَرِحُ عليكم أنْ تَنْظُروا في اقْتِرَاحِنا الآتي:
¥