أنْ تأمُروا بإرْسَالِ المَلْزَمَةِ بعد الانتهاءِ من تصحيحِها، وإعدادِها للطبع؛ لأُلْقِيَ عليها نظرةً سريعةَ؛ لعَلِّي أعْثُرُ على بعض الأخطاء؛ فأُصَحِّحَها، ثم أعلِّقَ على بعْضِ المواطن التي يبْدُو لي ضرورةُ التَّعليق عليها، ويُمْكِنُ حَصْرُ ذلك بالأُسُسِ التَّالية:
1 - التنبيه على حديث صحيح ضعَّفَه المؤلِّفُ، أو سكَتَ عنه.
2 - التنبيه على حديث ضعيف قوَّاه المؤلِّفُ، أو سَكَتَ عنه.
3 - التَّصْرِيحُ بالحَقِّ الموَافِقِ للكتاب والسنَّة في المسائِلِ الَّتي تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لها بتفْصيلٍ دُون أنْ يُرَجِّحَ قوْلاً.
4 - تَوْضِيحُ بعْضِ الموَاطِنِ التي تحتاجُ إلى إيضاح ـ لا سيَّما ما كان فيها ذا صِلَةٍ بالعقيدة السلفية ـ، وليس ذلك على طريقة الاسْتِقْصَاء والتَّتَبُّعِ؛ فإنَّ هذا يَتَطَلَّبُ فرَاغاً وجهداً كبيراً، وإنَّمَا على قَدْرِ ما يتيَسَّرُ لنا.
وباختصار: نرَى أنَّ إخْرَاجَ الشَّرْحِ بهذه التَّحْقيقَاتِ أنْفَعُ للنَّاس، لا سِيَّماَ وقد بَلَغَني مِنْ مَصْدَرٍ ثِقَةٍ، أنَّ أحَدَ المغَارِبَةِ مِنَ المُحَدِّثِين مِنَ المُتَصَوِّفَةِ، قَدْ أعَدَّ العُدَّةَ لطَبْعِ هذا الكتاب ـ أيضاً ـ، ولا شكَّ أنَّه سيُعَلِّقُ عليه تعليقاً يوجِّهُ فيه القُرَّاءَ إلى ضلالاتِه وبِدَعِهِ، التي مِنْها: حَمْلُهُ الحديثَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَ ... » قالوا: وفي نجْدِنَا يا رسول الله؟ قال: «هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ» الحديث ... ممَّا يحْمِلُهُ على إخواننا المُوَحِّدِين من أهل نجد، ويُسَمِّيهِم؛ بَلْ يُلَقِّبُهُم بالقَرْنِيين.
وهذا الحديثُ في البخاري ـ كما تعلمون ـ، أفلا ترَوْنَ ضرورةَ التَّعْليقِ عليْهِ، وعلى أمْثَالِه ممَّا يصْرِفُهُ المُبْتَدِعُون عنْ حقيقته، ويسْتَغِلُّونَهُ للردِّ على الموَحِّدِين، وتَأْييدِ إشْرَاك الضَّالين من المسلمين؟
ثُمَّ إنَّنا نغْتَنِمُ هذه المناسبةَ لنُقَدِّمَ إليْكُم بعْضَ الاقتراحَاتِ المتعَلِّقَةِ بطَبْعِ الكتاب، حتَّى يَخْرُجَ أنيقاً مَرْضِيًّا:
1 - ذِكْرُ الباب في نصف السطر.
ترقيم الكتب والأبواب بأرقام متسلسلة بحيث ينحصر عدد أبواب كل كتاب؛ فإنَّ ذلك ممَّا يُسَاعِدُ على الانتفاعِ من الفهارس الموضوعة للبخاري ككتاب «مفتاح كنوز السنة».
3 - إعطاءُ كُلِّ حديثٍ رقماً متسلسلاً إلى آخر الكتاب ـ وبذلك يتَّضِحُ عددُ أحاديثِ البخاري ـ على أن يكون أول السطر.
4 - ذكر الباب كعنوان في منتصف الشرح.
5 - ذكر الباب في رأس كل صفحة.
6 - تشْكيلُ ما يُشْكِلُ من الشَّرْحِ.
7 - إصدارُ كُلِّ مجلَّدٍ على عِدَّة أجزاءٍ، كما فعلوا أخيراً بلسان العرب، والطبقات الكبرى؛ تيسيراً على الرَّاغبين في شراء الكتاب أنْ يَشْتَروه.
8 - تغْليفُ كُلِّ جُزْءٍ بغلاف ملوَّنٍ منْقُوشٍ، على نمط «اللسان» و «الطبقات».
هذا ممَّا يحْسُنُ لنا ذِكْرُه، ونسألُ اللهَ تعالى أنْ يُوفِّقَكُم لطبْعِ الكتاب على غايةٍ من الصِّحَةِ والكمال، واللهُ تبارك وتعالى يتولَّى جزاءَكُم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعلى مَنْ كان عندكُم من الشيوخ والأساتذة والإخوان.
أخوكم/محمد ناصر الدين الألباني
دمشق 28/ 11/1378ه
- الرسالة الثانية:
كتابٌ من الشيخ ابن باز إلى الشيخ الألباني يتضمَّنُ تَوَاصِياً حول بعض الأمور في العلم والدعوة.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرَّم فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني وفقه الله،
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أما بعد؛
فقد وصلني كتابُكُم الكريم الذي بيد الشيخ محمد بن ناصر العبودي ـ وصَلَكُم الله بِهُدَاهُ ـ، وسرَّني كثيراً لإفادَتِه عنْ صِحَّتِكُم، واستِمْرَارِكُم في التَّأليف، والتَّدريس، والدَّعوة إلى الله؛ الحمد لله على ذلك، وأسأله سبحانه أنْ يَزيدَكُم من التوفيق، وأنْ يَمْنَحَكُم النَّشَاطَ المتَوَاصِلَ في كل ما يَنْفَعُ المسلمين؛ إنَّه جواد كريم.
¥