تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مرت أولى الأيام بجدية وحماس ونجاح في الحفظ، ولم يَدُر في خَلَد أحد أن يخضع الجميع لاختبار صعب يَبتَليهم وهذا ما حدث .. عندما انتصف الطلاب في كتاب الإيمان بدأ ينتابهم العجز والكسل ويدب فيهم الملل، وكنت أرقب الحلقة وأنا خائف مترقب للفشل في كل لحظة حتى إنني إذا جلست في مجلس التسميع كنت ألحظ بعيوني وألتفت كثيراً إلى باب المسجد أنتظرهم بكل لهفة وشوق وترقب لحضورهم. وذات ليلة طلبت منهم الحضور للمسجد لأبُثَّ لهم ما يُكِنُّه صدري في تخوف وأمل، فلما اجتمعوا ذكرت لهم توقعاتي المستقبلية ومما قلت لهم: يا أحبابي، كم أنتم اليوم؟ فقالوا: تسعة. فقلت: أنا متأكد كما أنكم أمامي أنه لن يبقى منكم إلا خمسة أو أقل. فكان كل منهم يقول: لعلي أكون أنا الذي أبقى، واستبعدوا أن يتوقف واحد منهم مع هذا الحماس المتوقد حتى إن بعضهم أقسم أنه لن يتوقف مهما كانت الظروف وكننت أقول: ستبدي لكم الأيام ما تخبؤه لكم وأنتم والميدان.! ومرت الأيام بعد هذا اللقاء، وفي اليوم السادس منه يكون أول انفراط العقد وتثلم الحلقة ثلمتها الأولى .. حين تخلف "صالح" وذلك قبل أن يكمل كتاب الإيمان، وصار تخلُّفه يتكرر ويستمر حتى علمت أنه انقطع. ومرة وافقته فسألته عن ذلك فبرر الانقطاع بأن عنده مشاريع وأعمالاً - وقد كان صادقاً -. وبعده بدأ الشك والوهن يتسرب إلى نفوس الباقين وبدأ التسيب، فتبعه "أحمد" وقد كان فرغ من كتاب الإيمان وقد كنت أُجلُّه ولا زلت، ومن بعده "عبد العزيز"، ثم أصدم الصدمة الكبرى بتخلف "فهد" الذي كنت أعلق عليه الآمال حتى إني لأذكر الحديث الذي توقف عنده وهو حديث أبي هريرة:"ألا أدلكم على مايمحو الله به الخطايا" فلم يزل يتساقطون حتى ما بقيت إلا مع اثنين: "تركي الغميز" و"عبد الرحمن"، فانتهوا من كتاب الطهارة ثم الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام، ولما انتصفوا في كتاب الحج وبالتحديد عند حديث وبرة:"سألت ابن عمر عن الطواف " صار بيني وبين "عبد الرحمن" موقف فزجرته وأنبته وأظنني أسمعته كلمة جارحة فقام قائلاً: أعتذر عن المواصلة، فقلت: أنت وما شئت وقد وليتك ما توليت، وفعلاً ينقطع، وأبقى مع ريحانة القلب "تركي الغميز" .. (من جَدوَاه تَنشر ما لم يُنشر) وحيداً فريداً.

وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرهم وعانق المجد من وافى ومن صبر

وهنا كانت محنتي إذ بقيت وحدي في الحلقة مع واحد فقط من التسعة، لكنني مع هذا لم أقطع الأمل من عودتهم "فهد"و"عبد الله"و"عبد العزيز" حيث كنت على أمل بعودتهم ..

وفعلاً .. أراد الله بهم الخير، وكان أولهم رجوعاً: (فَطِن البديهة) "فهد اليحيى" حين اهتبلت فرصة وجوده في إحدى مناسبات العائلة فأخذته وحدَّثته وبَثثتُ له حبي وارتياحي لوجوده في الحلقة وطموحاتي فيه، فما كان منه إلا أن وعدني الوعد المؤكد على أن يعود ويكمل المسيرة. ويرجع "فهد" , ولكن بعد ماذا؟ بعد أن انتصف "تركي" في الطريق، وتأخذ "فهد" الحماسة والجد فكان لا يغيب يوماً واحداً، وفرحت بهذين الطالبين أيما فرح، وما هي إلا أيام ويعود العقد إلى نظامه وترتص اللآلئ بجوار أخواتها، ويعود (مفتاح باب الندى) "صالح الصقعبي" ومن بعده (ساحر اللفظ) "عبد العزيز الراجحي"

وفي الجواهر أشباه مشاكلة وليس تمتزج الأنوار والظلم

وهنا تدخل الحلقة في طور جديد حين ينضم إليها كوكبة من النجباء وخيار الشباب يبدؤهم (من زرعت له في الصدر مني مودة) "يوسف الغفيص"، ومن بعده (حلو الشمائل) "إبراهيم الحميضي". وكان يوسف هذا فاتحة الخير إذ بدخوله اشتعل الحماس بين الحفاظ، وأُوقدت فتيلة التنافس، وإذ بالدورة تبلغ أصداءها أنحاء "بريدة" فطفق كل من حفظ القرآن يعرض عليَّ التسجيل فمنهم من يَصدُق وأقبله، ومنهم من يعتذر فأعذره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير