- ثانيها: يوم خرجنا مع الحفاظ في إحدى النزهات، وقد كنت أعددت كلمة لأثبت بها الحفاظ وأرفع معنوياتهم، وإذ بـ"يوسف الغفيص" يطلب أن يتحدث فأذنت له، فتكلم بكلام وضع فيها النقاط على الحروف، وأكد للجميع أن مسيرة الحفظ ستسمر، ولن يعيقها أحد، وتخلف الواحد أو أكثر لن يضر إلا صاحبه، فالمحجة ظاهرة والطريقة سُنية ... , ويعلم الله كم ارتحت كثيراً لكلامه، فلقد أثلج صدري وأزال ما علق في خاطري تجاه من انقطع عن الحلقة، ومنذ ذلك اليوم ولـ"يوسف" مكانة خاصة في قلبي، ومن يومها وأنا أوليه كل عناية وأفيده ما استطعت، وبالمقابل كنت أسأله وأستفيد منه أيضاً، وعلمت بما لا يدع للشك مجالاً أنه رجل له مستقبل كبير، ولقد قلت له يوماً: يا"يوسف" إن شاء الله ستكون من حفاظ الكتب الستة، فقال: صحيح يا شيخ! ممكن هذا؟ وابتسم، فقلت له: أنت مؤهل، وأنا متأكد من ذلك كما أن بعد اليوم غداً
- وثالثها: يوم شعرت أني حصدت حصاد ما بذرته؛ كان ذلك عام 1412هـ حين رأت اللجنة العلمية بالقصيم أن تقام مسابقة لحفظ السنة النبوية، فرحبتُ بذلك ورحب الجميع بها، ووضعت المسابقة على سبع مراحل .. أولاها في حفظ الصحيحين ثم في حفظ مختصر البخاري ثم في حفظ مختصر مسلم ثم في حفظ ألف حديث ثم في حفظ خمسمائة حديث ثم في حفظ خمسين حديثاً. وظهرت النتيجة المبهرة المفرحة: كان العشرة الأوائل من طلابي - ولله الحمد والمنة -.
# كيف اتصلت هذه الحلقات بفكرة دورات الحرمين؟
? بعد أن انتقلت إلى جامع "الملك فهد" بـ"الصفراء" استمر تسجيل الطلاب في الحلقة فالتحق في تلك الفترة: (بارع النسب) "شافي بن سلطان العجمي" ثم (من كل حُسن فمن عينيه أوله) "عمر بن عبد الله المقبل" ثم "فهد الشتوي" ثم "محمد بن عبد الله السيف" ثم (من بَلَوتُه فلم أزدد إلا رغبة في إخائه) "عبد المحسن المطيري" و"عبد القادر العامري" ثم التحق "وليد الحسين" ثم "محمد الخضيري" و"تركي بن عبد الرحمن اليحيى" إلا أنه انقطع ثم واصل في الدورات المكثفة بمكة المكرمة.
ثم توقفت الحلقة لعائق معتبر استمر ثلاث سنوات، ثم زال العائق - بحمد الله - وانتقلت إلى مسجد "حسان بن ثابت" بحي الإسكان، وكانت مواصلة التحفيظ بعد ذلك لكن على قلة وضعف، وكان أول من بدأ (من شُقَّ من عُود المحامد عوده) "بدر بن إبراهيم الغيث" ثم (الثقف اللقن) "نايف العجمي". ثم تولدت فكرة الدورة المكثفة الصيفية في الحرم المكي ثم الدورات المكثفة الفصلية، ولا زال العطاء مدراراً والإقبال متواصلاً والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[أبو عدي القحطاني]ــــــــ[10 - 12 - 09, 10:55 م]ـ
(3)
{قصة الدورات الصيفية في الحرم المكي والحرم المدني}
# بداية الدورات في مكة، حدثنا عنها، كيف كانت؟
استمر عطاء الحلقة الحديثية في بريدة طيلة عشر سنوات , حتى وصلت حلقات تحفيظ السنة إلى أكثر من عشر حلقات قام عليها نبذة من الحفاظ الأوائل.
وحين رأيتُ الحلقة قد بدأت تشق طريقها وتأخذ مكانتها في الساحة العلمية .. بدا لي أن أنتقل بها إلى طورٍ أكبرَ وأوسعَ ليعُم نفعها ويعظُم أثرها، فقمت بإعادة النظر في البرنامج وإعداد خطة جديدة لدورة جديدة يختلف نظامها عن الطريقة الأولى سواء من حيث المادة أو من حيث القدر المحفوظ، ثم درست البداية والنهاية والمدة وحجم المقرر بصورة دقيقة ومضبوطة حتى اكتملت عندي الصورة النهائية للدورة، ومن ثمَّ اخترت المكان .. فلم أجد أفضل ولا أنسب مكان لإقامتها من بيت الله العتيق في مكة المكرمة مهبط الوحي ومبعث النبي -صلى الله عليه وسلم-.
# كيف مهَّدت للدورة حتى يتم انتقالها من القصيم إلى مكة؟
في عام 1421هـ وفي شهر رمضان المبارك ذهبت إلى مكة للعمرة في العشر الأواخر، وهناك بدأت أعمل للبرنامج الدعاية والإعلان وأقوم بتسجيل الطلاب المتميزين الذين أعلم من قرائن الأحوال أنهم قادرون على تطبيق الخطة المرسومة لحفظ الصحيحين، وكذا في كل مجلس أحضره كنت أقوم بالدعوة إلى هذه الدورة الحديثية الجديدة .. ومن سجلتُه أخذت رقم هاتفه. ومضت الأيام .. وما إن اقتربت العطلة الصيفية المزمَعُ إقامة الدورة فيها حتى سجلت ما يقارب المائتين طالب. وكان بعض المشايخ قد اقترح علي أن أقوم بترسيم الدورة من قبل وزارة
¥