تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاً: بعد نهاية الامتحانات الدراسية كان قد بقي على موعد الدورة أسبوع واحد، فأخذت إجازة اضطرارية في هذا الأسبوع لكي أكون في أرض الموقع حتى أستقبل الطلاب وأباشر تنظيم الأمور قبل بداية الانطلاقة، فوصلت بحمد الله إلى أرض الحرم في اليوم السادس عشر من شهر ربيع الأول بصحبة الأهل والأولاد. وما إن صارت ليلة العشرين -ليلة أول أيام الدورة- حتى أقبل الطلاب من كل فج وبدأ الجوال لا يهدأ ولا دقيقة واحدة يسألون عن المكان والموقع وكان عدد من قبل في الدورة مائة وعشرون طالباً من اثنتي عشرة جنسية، وهكذا باشرنا التنظيم والترتيب حتى تمت الأمور وأصبح الجميع في غرفهم وكان ذلك في فندق المروة.

رابعاً: وُزِّعَت الأجزاء على الطلاب وقُسِّمت المجموعات وعرف كل طالب شيخه، ثم صلوا في اليوم الثاني صلاة الصبح وأصبح الجميع على خير ثم أخذ كلٌّ موضعه في الحرم المكي أو في مسجد الشيخ ابن باز، وبدأ الحفظ وجد الجد.

يوم السبت 20/ 3 / 1422هـ اليوم الأول من أيام الدورة .. وبداية الانطلاقة في حفظ الصحيحين للمرة الأولى في برامج الدورات العلمية.

# كيف تصف لنا الأيام الأولى للدورة؟

نعم، بدأت الدورة بكل جدية وقوة، فحفظ الجميع وبدون استثناء في ذلك الصباح خمسة أوجه، وانتهى اليوم الأول والنتيجة ناجحة 100% ولما أخذ الطلاب مضاجعهم تأكدت عبر الهاتف الداخلي أن الجميع قد حفظوا خمسة عشر وجهاً في اليوم الأول. وفي اليوم الثاني استمر النشاط والتقدم على أكمله. وجاء اليوم الثالث وهو اليوم الذي كنت أخافه على مسيرة الطلاب بل كنت معلقاً النهاية على اجتيازه لأنه كان يتضمن الأحاديث الطويلة والصعبة .. ولكن عين الله كانت ترعى الجميع، فلقد مضى اليوم الثالث بنجاح أفضل من سابقيه، وحينئذ علمت أن الدورة قد كُتِبَ لها ما كنت أتطلع إليه ..

حقاً .. كانت بداية الدورة محوطة بالعناية الإلهية، بداية ناجحة بكل المعايير، الكل فيها مقبل على الحفظ والتسميع، والصوت السائد بينهم هو "عن فلان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" لست تسمع غير هذا.

# ماذا عن الطلاب وحالهم؟ كيف كان تفاعلهم وتقبلهم لبرنامج الدورة الجديد؟ وماذا عن نشاطهم في الحفظ؟

أما الطلاب. فمن فضل الله علي أني كنت أجيد أسلوبين: أسلوب استثارة الهمم واستحثاثها، وأسلوب صناعة المنافسة بين الطلاب بعد معرفة نوعياتهم. ولذلك فقد كنت أترقب الوقت الذي يتبين في من هم السبَّاقون. وما إن مرَّ الأسبوع الأول حتى تجلى المتميزون، وترشَّح عندي نفرٌ جعلتهم الطليعة في هذه المسيرة. فكان منهم: باسل الرشود، وعبد الله زكي، وتركي اليحيى، ومحمد القحطاني، ومنصور الغامدي. وبدأ التنافس المرسوم، وشحذ الهمم المدروس، وطفق الطلاب لا يعرفون شيئاً اسمه الملل أو السأم أو الفتور، وكان منظرهم يسُر الناظرين، وهيأتهم تجذب قلوب المحبين، تراهم غادين رائحين، وفي أروقة الحرم معتكفين، وعلى حفظ السنة منكبين، بل قد وجد منهم من يقضي أربعة عشر ساعة يومياً في الحفظ، حتى قال لي بعضهم -وقد مضى أسبوع على الدورة-: والله يا شيخ ما ذاقت عيني طعم النوم منذ ثلاثة أيام.

وقمت بدوري في استنهاض همم البعض الذين كانوا دون هؤلاء في الحماس والسبق قائلاً لهم: كيف أنتم؟؟ لقد هبت الركاب فهبوا وطارت الطيور بأرزاقها فشمروا .. وكانت كلماتي شديدة الوقع عليهم.

وفي الدورة تجلت من أخبار الطلاب أمورٌ أشبه بالكرامات أو المعجزات، فمنها: وجود بعض الطلاب يقرأ الصفحة مرتين وفي الثالثة يعيدها حفظاً عن ظهر قلب. ومنها: وجود من يحفظ يومياً مائة حديث دون أن يخطئ خطأً واحداً. ومنها: وجود من حفظ في يوم واحد ثلاثمائة حديث أي ما يعادل عمدة الأحكام أو قريباً منها. ومنها: وجود من يرتب محفوظاته الألف تصاعدياً و تنازلياً من النهاية إلى البداية ومن البداية إلى النهاية. ومنها: وجود من يجلس خمس عشرة ساعة متواصلة يحفظ الأحاديث دون حصول ملل أو سأم. ومنها: تفوق حفظ الكبار على من هم دونهم. وأمورٌ كثيرة شهِدَتها الدورة الأولى، ليس لها تفسير إلا أنها ببركة السنة والاشتغال بها.

# ماذا كان لهذه الدفعة من التميز بعد هذا النجاح العظيم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير