تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[شتا العربي]ــــــــ[12 - 01 - 10, 05:36 م]ـ

وداعا صديق العمر ورفيق الدرب عبد العظيم الديب بقلم الدكتور يوسف القرضاوي

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=200419

ـ[شتا العربي]ــــــــ[17 - 01 - 10, 09:28 ص]ـ

ورحل عاشق الجويني .. الزاهد عبد العظيم الديب ـ أكرم كساب

أكرم كساب

17 - 01 - 2010 00:15

رجل من الزمن الماضي ..

عالم من الطراز النادر ..

وإنسان بمعنى الكلمة ...

عبد العظيم الديب .. العالم الرباني هذا هو أدق وصف له .. يعلمك بنظراته، كما يعلمك بكلماته ... كان رحمه الله مربيا بضحكته إذا ضحك، وبابتسامته إذا ابتسم، وبهمسه إذا همس. وبصمته إذا صمت.

أراه ـ والله حسيبه ـ كان عالما ربانياً، وذلك لأنه علِم وعمل وعلّم.

لقد رحل عبد العظيم الديب ولعلي أكون آخر من زاره في بيته، فقد لقيته في يوم الجمعة الماضية وجلست معه ثلاث ساعات ونصف أحدثه ويسمع إلي، ولم أكن أشعر أن هذا هو اللقاء الأخير ولكنني خرجت من عنده، وأنا أتذكر قول الشاعر:

وإذا النفوس كن كباراً تعبت في مرادها الأجسام

إن عبد العظيم الديب يعد من الندرة بمكان، وأحسب أن الشاعر قد قصده حين قال:

وجد القنوط إلى الرجال وإليك لم يجد القنوط سبيلا

ولرب فرد في سمو فعاله وعلوه خلقاً يعادل جيلاً

ولكني اليوم أقول ما قاله علي رضي الله عنه: العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف مثله.

وما أحسن قول الشاعر:

لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاه تموت ولا بعير

ولكن الرزية فقدُ حرٍّ يموت بموت خلفه كثير

وكان والله حرّا. لم يجامل أحدا، ولا مالئ أحدا، وإنما كان جرئيا في الحق، يسكت إذا كفاه غيره الكلام، لكن إذا صمت الجميع وكان الموقف يستدعي الكلام نطق بالحق، وإذا نطق ألجمت صراحته الجميع.

و لست أدري –والله - عن أي شيء أتحدث؟

عن أخلاقه ونبله؟ أم عن همته وهمه؟ أم عن علمه وعمله؟

لن أتحدث عن العالم النحرير.

ولا عن المحقق الكبير.

ولا عن الصولي البارع.

ولا عن المربي العظيم.

ولا عن العالم الغيور.

ولا عن الجبل الأشم.

ولا عن النجم الذي هوى.

ولا عن راهب العلم والفكر.

وإنما سأتحدث وبعجالة عن بعض إنسانية هذا الرجل، ومنها:

1 - عمله في صمت:

عاش عبد العظيم الديب شعاره:

كن رجلا أن أتوا بعده يقولون مر وهذا الأثر

وكان والله يخبر أثره عنه، كالوردة تنبيء عن وجودها برائحة تبعثها في أي مكان.

ولقد كان أويس القرني لهذا العصر الذي نعيش فيه ... ، إي والله كنت أراه كذلك- كما يراه الكثيرون غيري - إنه يذكرك بأويس القرني، أتدري أخي الحبيب من أويس القرني؟ إنه الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم" رواه مسلم. ولم يكن أويس بالمعروف لدى الناس، وهكذا كان عبد العظيم الديب. تشعر بأنه رحمه الله – والله حسيبه – ممن جاء وصفهم في الأثر: إن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا ولم يدعوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة.

لقد عاش عبد العظيم الديب في عصر تقاتل فيه الناس من أجل الظهور على الشاشات ... واللهث خلف الصحف والمجلات، لكنه ـ رحمه الله ـ آثر أن بعيداً عن هذا كله، فلا يظهر إلا في القليل النادر، لأنه كان يرى أن الصورة التي يظهر فيها الدعاة والعلماء في وسائل الإعلام ما هي إلا كصورة (أسد السيرك) الذي يطلب ليقدم فقرة ثم يعود إلى قفصه، فهو يقدم المطلوب منه، لا المعتقد لديه. إلا من رحم ربك وقليل ما هم .... فهو أسد لكنه كما وصفه عبد العظيم الديب (أسد سيرك).

2 ـ متواضعاً في غير مهانة:

نعم والله، لقد كان تواضعه يجبر كل من يراه إلى حبه وسماعه، يدخل إليه المسكين من طلبة العلم وفي جعبته القليل من العلم فيحدث الشيخ بما لديه فيسمع له الشيخ منصتاً كأنما يسمع الكلام لأول مرة حتى إذا فرغ محدثه، وخلت جعبته، تفجر الديب كالبركان، وفاضت ينابيع العلم من ثناياه، وسرد الآراء من كل حدب وصوب، وأتى بالدليل تلو الدليل كأنما يقرأ من كتاب مفتوح، أو من محاضرة أعدها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير