ما زال عندي – بعد ثلاثين سنة - بعض هذه الكتيبات التي استعرتها من مكتبة المدرسة، ولن أعيدها إلى وزارة التربية والتعليم إلا بحكم قضائي! وهكذا في مكتبة المتوسطة وأوائل الثانوية، ثم انقطعت عن القراءة في المراهقة عدة سنوات بائسات، فلما كنت في الحادية والعشرين من العمر فتحت باب المكتبة وأغلقت باب الدنيا ورائي ...
س: يشدد البعض على أن القراءة الناجحة هي التي تكون بصحبة القلم وتدوين تلخيصات لما يقرأ .. ما رأيك في هذا القول، وما المنهجية التي تلتزم بها في القراءة؟
ج: إذا كانت القراءة للمتعة فلا معنى لصحبة القلم، هل تأخذ القلم بين يديك وقت القراءة لتضع خطوطاً حمراء تحت هلوسات أنيس زكي في " ثرثرة فوق النيل "؟ أو ما تحث به علاء الأسواني عن شخصية شيماء محمدي في روايته " شيكاغو "؟
وإما إن كانت القراءة للفائدة مع المتعة – وهذا قليل بين القراء – فيستحسن صحبة القلم لتعليق فائدة من الكتاب أو تقييد شاردة، وأما أنا فلا اقرأ بصحبة القلم أبداً، وقد كنت لا أنسى موضع الكلام من الصفحة مهما تباعدت الأيام وكثرت المجلدات .. وأما اليوم الحاضر - ومع أني ما زلت صغيراً نسبياً - إلا أن ذاكرتي قد تغيرت علي كثيراً فما هي بالتي كنت أعهد، أصبحت الحافظة لافظة ... لكن الحقيقة أني لم أندم على عدم التقييد، وليس لدي نية لصحبة القلم أثناء القراءة، لأني غير مستعد نفسياً لمثل هذا (ما لي خلق) كما تقول العامة.
وعلى ذكر التعليقات على الكتب، فإني لم أقرأ أجمل ولا أحفل من تعليقات أحمد خيري على كتبه على الرغم من شطحه المعروف، قد كنت صورت شيئاً من تعليقاته العالية لنشرها ثم لم أنشط لذلك ...
س: غير اكتساب الثقافة .. ماذا يمكن أن تضيف القراءة بالنسبة للشخص؟
ج: ستضبف له القراءة اغترابا روحياً ولا سيما في المجتمعات الجاهلة ... نعم ستضيف القراءة للمرء حسداً كثيراً من أقرانه لازدياد كمية الإنسان فيه، وتجاوزهم بنموه العقلي، وستفقده القدرة على إقامة العلائق الاجتماعية والتكيف مع الناس، ومعرفةً جديةً بشركات نقل الأثاث لكثرة تنقله بمكتبته من بيت قديم إلى بيت أقدم منه ليتحيف فارق الإيجار حتى يشتري به كتباً تتراكم على خيباته، هذا بالإضافة إلى قدر لا بأس به من زيادة حجم العدسات ... في كثير كثير من المزاياً والفضائل التي لا يجمل بي ذكرها في مثل هذا المقام يا أستاذ.
ـ[أبو معاذ الأسمري]ــــــــ[25 - 02 - 10, 02:14 م]ـ
[فلما كنت في الحادية والعشرين من العمر فتحت باب المكتبة وأغلقت باب الدنيا ورائي ...
تلك العزلة (الهدلقية) أخرجت لنا فيضاً من نثير الفكر والأدب وحزمة من غذاء العقل والروح وبنمط رائق وفاتن.
وهل هنالك أطيب على النفس من الوقوع في شراك مقالة كتلك المقالات المشرقة المتينة بعد أن أوشكت في نفسك على سب الشبكة العنكبوتية وأعرضت بوجهك عنها ضجراً وتأففاً , لأنك لم تغنم بمقالة رصينة وهاجّة تٌضيء أركانها , فجاء ذلك الهدلق الجميل ليٌجبر كسرنا ويعوضنا عن أيام خلت.
لستٌ ناقداً (بنيوياً) (تفكيكياً) ولا أجيد الحفر (الاركيولجي) ولن أتكلف على لساني عبارات مظلمة مغلقة مثل (النقد الهرمي) أو (الأنطولوجيا) و (العقل الأداتي) فهذا مسار من يتنطع بفضول القول ويتكثر بلغو القول دون وعي منه.
ولكني سأقولها جازماً وعن وعي ودراية أنها مفردات مٌستعذبة مٌستملحة وألفاظها مثل الزلال أو أرق، وعقولنا تأنس كثيراً عند العثور على تلك الأدوية (الهدلقية) الباهظة الثمن،و مقالاته صٌنعت لتكون طويلة الأجل وتكشف محارتها عن معاني ضافية متجددة وعلى غرر الفوائد وهو البصير بموضعها اللائق بها.
ذلك النمط من الكتابة يأخذك بتلابيبك رغماً عنك ويجعلك طوع أمره مٌنقاد له؛ لكنه الانقياد اللذيذ, لأنك في نهاية المطاف سترضى كل الرضا عن الحصيلة المتينة التي ستخرج بها من حجرة الأديب (عبدالله الهدلق) بعد أن دخلتها خالي الوفاض عابس الوجه فقير الشعور.
والشكر موصول للأخ (محب الأدب) على هذا المقال ....
ـ[عبد الله آل أبو عليان]ــــــــ[25 - 02 - 10, 10:53 م]ـ
..
رائع ..
أما رجلٌ يزودنا بكامل اللقاء؟
:)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[25 - 02 - 10, 11:23 م]ـ
جزاك الله خيرا
هل هذا كل اللقاء أم هناك تكمله؟
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[25 - 02 - 10, 11:33 م]ـ
أتعني أن نسبة يعود إلى بنو زيد القضاعيين في نجد؛ الذين هم فرع من نهد قضاعة؟؟
ـ[بندر التركي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 05:59 ص]ـ
وباقي اللقاء أين نجده
فهل من مغيث لنا بماء فكر الهدلق
ـ[محمد بن نبيل]ــــــــ[26 - 03 - 10, 05:38 م]ـ
أين بقية الحوار ياقومنا؟!