وتلك نماذج معدودة مما جَهِدَ الرجل نفسَه في حضور هذه المؤتمرات والندوات والأخذِ بنصيب ذي أثر فاعل فيها:
- مؤتمر مشكلات تعليم اللغة العربية بالجامعات العربية - بالإسكندرية.
- مؤتمر تقنية الحاسوب واللغة العربية- الرياض بالسعودية.
- مؤتمر العلاقات الإسلامية البيزنطية- سالونيك اليونان.
ومن نماذج الندوات:
- الندوة الأولى لتعليم اللغات - جامعة الكويت.
- الندوة الأولى للّسانيات - الرباط - المغرب.
- ندوة مشكلات تعليم اللغة العربية للناطقين باللغات الأخرى - كوالا لامبور (ماليزيا).
أما المؤتمرات والندوات التي شرُفت بحضوره، مقتصرًا على المناقشات والتعليقات، من حيث عددُها وزمانها ومكانها، فحدِّث عنها ولا حرج، وليس لدينا من الوقت ما يسوّغ لنا الكلامَ عنها أو الإشارة إليها.
السادة الحضور:
كل ما ذكر من نماذجَ أو صورٍ للنشاط الفكري المتنوع الصفات والسمات، لا يعدو أن يكون حَسْوَةَ طائر من بحر عميق. إنها مجرد لافتات تنبئ عن طبيعة البضاعة وصنوفها، وتُفْصح عن تفردها وامتيازها بالطبع والصُّنْع. وهي بضاعة أو مخزونٌ منها لا يستطيع امتلاكَها أو التصرف فيها إلا القليل من الرجال، وفي مقدمتهم زميلنا الكريم الدكتور الراجحي.
وليس هذا فقط، فلقد برزت إلى الوجود بضاعات أخرى أعمقُ تأثيرًا وأكثرُ انتشارًا ونفعًا. بضاعاتٌ ذات طعوم ومذاقاتٍ متنوّعةٍ، تلبّي حاجة المتخصصين، وتمنح مفاتيح المعرفة اللغوية والثقافية للجماهير العريضة. طرحها صاحبنا المحتفى به على هؤلاء وأولئك في صورة كتب مؤلفة ومترجمة، ودراساتٍ وبحوث كثيرة.
ولسنا بقادرين في هذا المقام على أن نقف عند كل هذه الآثار وقفات خاصة. وتكفينا الإشارةُ إلى نماذج منها بذكر عناوينها، وهي أمارة مضامينها، والكاشفةُ عن مجالاتها، وما خُصِّصت له من البحث والدرس.
ومن اللافت للنظر - إعزازًا وتقديرًا - أن جاءت هذه الأعمال والآثار لتغطيَ مساحاتٍ واسعةً من مجالات الفكر الإنساني بصنوفه المتعددة: في الفكر اللغوي والأدبي والثقافي والاجتماعي، وحقولِ المعرفة العامة. وكان للفكر اللغوي منها النصيبُ الأكبر، وفاء بمسؤولياته في إطار اهتماماته، بحكم موقعه الذي رُسم له أو رسمه لنفسه. كتب وأجاد في الدرس اللغوي، القديم منه والحديث والعام والخاص، والنظري والتطبيقي. ولم يكن كل ذلك مقصورًا على مستوى من التحليل اللغوي دون آخر، بل غطّى مجملَ الفروع اللغوية بمنهج مقبول معتدّ به، بعيدٍ عن الاضطراب أو الخلط بين المناهج، كما نلمسه أحيانًا من بعض الدارسين المتخصصين وغير المتخصصين.
وهذه نماذج من أعماله اللغوية، مشفوعةً بأمثلة من مجالات الفكر الأخرى:
- النحو العربي والدرس الحديث - النحو العربي وأرسطو - دروس في المذاهب النحوية - دروس في شروح الألفية - فقه اللغة في الكتب العربية - النظريات اللغوية المعاصرة وموقفها من العربية - اللهجات في القراءات القرآنية - التطبيق الصرفي - التطبيق النحوي - علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية - أسس تعلّم اللغة وتعليمها (مترجم بالاشتراك) - مشكلة تعليم النحو لغير الناطقين بالعربية - كلام الأطفال - اللغة وعلوم المجتمع.
وفي الأدب والأسلوب: علم الأسلوب والمواءمة.
وفي الثقافة والمعارف العامة: الشخصية الإسرائيلية - هيراقليطس فيلسوف التغير - عبد الله بن مسعود.
أيها السادة:
ماذا يعني هذا الإنتاج الغزير، والجهدُ الفائق الذي لا يعرف الكلل أو الملل؟ إنتاج متواصل الحلقات في الزمان والمكان، وجُهْد الأوفياء المخلِصين من شباب الشيوخ و شيوخ الشباب الذين اكتملت لديهم الأدوات الفاعلة من فتوّة الشباب وحُنْكة الشيوخ.
فلو اقتصرنا في هذا المقام - نظرًا لضيق الوقت - على أعماله في الميدان اللغوي العام، لأوجزنا الكلام في جملة واحدة: الدكتور الراجحي علم نادر المثال، يرود ويقود ويرشد ويوجّه. ولم يقف هذا وذاك عند فترة من الزمان محدودة، أو موقع من المكان خاص، أو جانب من الدرس اللغوي دون آخر. لقد اتسعت جهوده وامتد فكره إلى مجمل مسارات الدرس اللغوي، في فلسفته واتجاهاته ومناهجه ورجاله على امتداد الزمان المتعاقبةِ خطواتُه واتساعِ المكان المتراميةِ أطرافُه في القديم والحديث.