" حدّثني ولد الشيخ عبد الرحمن – يعني السعدي – أَنّ الشيخ محمد بن عثيمين كان يمشي مع أبيه إلى مكان الدعوة التي يدعى إليها الشيخ عبد الرحمن السعدي فيسأله طيلةَ الطريق حتى يصل إلى بيت المدعو؛ ثم يعود الشيخ محمد، ويدخل مع الشيخ عبد الرحمن – أحياناً - .. ".)
? ( ... قال رحمه الله تعالى: " ومما شجعني على التأليف: أنه في حياة شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله تعالى – كنا نقرأ عليه في العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكنت كطالب أكتب عليه شرحاً للآيات والأحاديث، ولكلام الشيخ ابن تيمية، وأظنني كتبت أربعة دفاتر، ولكني ما كملتها، إلا أنني إذا كتبت شيئاً عرضته على الشيخ عبد الرحمن رحمه الله، وكان يشجعني على ذلك كثيراً ".)
? وبَعْدَ سبع سنوات من هذه الرحلة العلمية المباركة، والملازمة التامة للشيخ السعدي، وثني الركب في حلقته وملاحقته في جلوسه وسيره في الجامع وخارجه، مع ما وهبه الله تعالى للمترجم - أعني شيخنا ابن عثيمين من الذكاء والفطنة والجد والاجتهاد.
بعد هذه المدة تأهل ابن عثيمين لأن يجلس، ليقوم بالتدريس سنة 1371هـ في حلقات المبتدئين في حياة شيخه وتحت إشرافه.
وقد سبق بيان أن هذا المنهج هو الذي سلكه السعدي مع طلابه، فبعد أن كان التلميذ ابن عثيمين يَدْرُس في حلقات المبتدئين على الشيخ المطوع أصبح الآن مدرساً في حلقات المبتدئين، تحت توجيه شيخه السعدي. رحمهما الله تعالى).
المرحلة الرابعة
ابن عثيمين في المعهد العلمي بالرياض
وبين يدي علمائه ومشايخه
? (( ... ففي سنة 1372هـ وبعد افتتاح المعهد العلمي بسنة، التحق الشيخ بالمعهد.
وكان المعهد يعمل في ذلك الوقت بما يسمى (نظام القفز) والذي يقول الشيخ عنه:" دخلت المعهد العلمي من السنة الثانية، والتحقت به بمشورة من الشيخ علي الصالحي، وبعد أن استأذنت من الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى، وكان المعهد العلمي في ذلك الوقت، ينقسم إلى قسمين: خاص وعام، فكنت في القسم الخاص، وكان في ذلك الوقت من شاء أن يقفز، بمعنى أنه يدرس في السنة المستقبلة له في أثناء الإجازة، ثم يختبرها في أول العام الثاني، فإذا نجح انتقل إلى السنة التي بعدها، وبهذا اختصرت الزمن ".
وبهذا يتبين أن الشيخ دخل المعهد العلمي وعمره حوالي خمسة وعشرين عاماً).
? ( ... يقول الشيخ عبد العزيز الداوود (عضو في دار الإفتاء):إن الشيخ لما قدم الرياض كان مميزاً بالعلم والفهم، وكان يشير إليه الطلاب بالتميز ").
ابن عثيمين بين يدي العالم المفسر الأصولي البارع
محمد الأمين الشنقيطي
في المعهد العلمي
(1325هـ - 1393هـ)
? ( ... وقد حدّد شيخنا ابن عثيمين أبرز الأمور التي استفادها من شيخه محمد الأمين الشنقيطي في قصة طريفة حدثت بين مقاعد الدراسة في المعهد.
فاستمع إليه وهو يقول:
" كنَّا طلاباً في المعهد العلمي في الرياض، وكنا جالسين في الفصل، فإذا بشيخ يدخل علينا، إذا رأيته قلت:
هذا بدوي من الأعراب، ليس عنده بضاعة من علم، رث الثياب، ليس عليه آثار الهيبة، لا يهتم بمظهره، فسقط من أعيننا.
فتذكرت الشيخ عبد الرحمن السعدي، وقلت في نفسي: أترك الشيخ عبد الرحمن السعدي، وأجلس أمام هذا البدوي؟.
فلمّا ابتدأ الشنقيطي درسه، انهالت علينا الدرر من الفوائد العلمية، من بحر علمه الزاخر، فعلمنا أننا أمام جهبذ من العلماء وفحل من فحولها، فاستفدنا من علمه، وخلقه، وزهده، وورعه ".)
ابن عثيمين مع شيخه الثاني العلامة المحدث
الفقيه الورع أبي عبد الله، عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1330هـ - 1421هـ)
? ( ... ويذكر في موطن آخر أمراً تأثر به هو في غاية الأهمية فيقول: " إنني انتفعت بقراءتي عليه من حيث التوجيه والانتقال من العكوف على الكتب الفقهية، وتمحيص الأقوال وتلخيصها، انتقلت من هذه المرحلة إلى مرحلة الحديث، ولست من الذين يصح أن ينسبوا إلى علم الحديث، ولكني اتجهت إلى علم الحديث ".)
? ( ... فقد أثمرت هذه التلمذة والتي لم تمتد أكثر من سنة داخل المعهد العلمي، وإن كانت استمرت بعد ذلك عن طريقة السؤال والزيارة، والمشورة، وغير ذلك ..
¥