تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت وفاته فاجعة عظيمة ومصيبة أليمة, تلقاها الدكتور عبده وأسرته بالصبر والإحتساب على أمل اللقيا بابنهم في جنة عرضها السموات والارض كما قال لي الدكتور عبده _رحمه الله_ لقد حضر بعد موت ابنه ومعه أسرته إلى مكة معتمراً و اتصل بي هاتفياً قائلا: أنا أمام باب الملك عبد العزيز آمل أن أراك ولا أستطيع تلبية أي دعوة في منزلكم الآن, فهرعت ورأيته فمما اخبرني به أن ما حصل لابنه (محمد) كان يتوقعه منذ أن كان محمد صغيرا, وأنه كان يستشعر بأن هذا الولد سيخطف منه اختطافا, لذا تحقق ما كان يستشعره بتلك الفاجعة حامداً الله وداعياً أن يجمعه به في الجنة وحدثني عن صبر (أم محمد) وقوة إيمانها أمام المصاب الجلل وأنها أقوى منه وأجلد.

2 - أما الجانب الثاني الذي أود الحديث عنه فيتمثل في مواقفه النبيلة الدالة على جبلة كريمة وأرومة أصيلة, فبره لأساتذته لا تخفى على أي طالب من طلابه فمما اذكره ذلك الجهد الذي بذله في جنازة أستاذه وأستاذنا الدكتور حسن عون _رحمه الله_ لتظهر جنازته لائقة به مع انه يخالفه في كثير من أرائه العلمية, ومن ذلك أيضا إشغاله الدكتور (عبد المجيد عابدين) بعد تفرغه لكبر سنه في قسم الدراسات العليا فكان نعم العالم والمربي والموجه, ومن ذلك موقفه من الدكتور محمود الطناحي – رحمه الله- الذي أنصفه حين تقدم إلى الترقية في مصر فلولا الله ثم الدكتور عبده الراجحي لما حصل الدكتور محمود الطناحي على درجة أستاذ, لأن أعماله العلمية التحقيقية لم ترق لأفراد اللجنة لكن الدكتور عبده وجد في هذه التحقيقات ما يدل على استحقاق الدكتور الطناحي لهذه الدرجة

أما مواقفه مع الطلاب فحدث عن البحر ولا حرج, وأكاد اجزم انه لا يوجد طالب وافد درس في قسم اللغة العربية في جامعة الإسكندرية إلا وللراجحي-رحمه الله - أياد بيضاء ومواقف كريمة معه, وأنا واحد منهم لقد كان لي نعم الأب الحاني والموجه والعالم النير والشيخ الفاضل والمربي الكامل , ومن كرمه مع طلابه أنه حين انتهت إعارته في المملكة العربية السعودية في الرياض أهدى كل أثاث بيته إلى أحد الطلاب الوافدين الفقراء.

وما ذكرناه من مواقفه النبيلة ومروءاته الأصيلة هو غيض من فيض, فهو كما قال الشاعر:

*ولو أن ثوبا حيك في نسج تسعة

وعشرين حرفاً في علاه قصير.

3 - أما الجانب الثالث فهو تكوينه العلمي ونشاطه المعرفي نشأ في بيئة علمية راقية فالأساتذة الذين ذكرنا بعضاُ منهم في جامعة الإسكندرية هم من العلماء البارزين المعروفين, يضاف إلى ذلك أن الدكتور عبده ذو ذكاء لماح وذهن وقاد وحافظة قوية, فتهيأت له أسباب التمكن من العلوم التي تخصص فيها, ومما يجب أن نعرفه أن الشيخ الدكتور (محمد محمد حسين) العالم المشهور المعروف كان من أهم المؤثرين في حياته العلمية , فقد قرأ عليه في بيته وهو طالب عددا من الدواوين الشعرية منها ديوان (ذو الرمة)

أما اتصاله بالدرس اللغوي الحديث فقد تم على كبر كان يرحمه الله دائم النصح بتعلم اللغات الأجنبية وكان يقول ((احمدوا الله على أن وجد من يوجهكم إلى ذلك) نحن تعلمنا ذلك بعد سن الأربعين أجاد اللغات الألمانية والانجليزية وشيئا فيما احسب من الفرنسية ,

وكان يلقي محاضرات في معهد (جوته) الألماني في الإسكندرية ويطلب منا حضورها ,وقد أقام علاقات ثقافية وثيقة مع الجامعات الألمانية وما زلت اذكر (المستشرق فيشر الصغير) حين زار جامعة الإسكندرية واستمعنا إلى محاضراته التي ألقاها علينا وكان ممن يناقشه بقوة وصرامة الرجل العالم (بوخاطر) مدير مركز الأصوات في الإسكندرية, فقد كان هذا الرجل بحق عالماً لا يبارى.

ولقد امتد نشاط الدكتور العلمي ليشمل مصر والعالم العربي والإسلامي ففي مصر صار علما من أعلامها اللغويين البارزين كون مع الدكتور أستاذنا الفاضل محمود فهمي حجازي مدرسة لغوية متميزة لا سبيل الآن في هذه العجالة للحديث عنها وعن خصائصها, كانا يتبادلان مناقشة الرسائل بينهما ,واحد يمثل جامعة القاهرة والآخر يمثل جامعة الإسكندرية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير