ومن المفيد أن نذكر أن الدكتور يرحمه الله أشرف على مئات من الرسائل العلمية في جامعتي الإسكندرية وبيروت العربية خاصة والعربية عامة , وامتد هذا النشاط ليشمل جامعات آوربية وأذكر انه سافر أكثر من مرة إلى ألمانيا لمناقشة بعض الرسائل هناك كما أشرف على بعض الرسائل مشاركة مع أستاذ آخر ألماني, ومما يتصل بنشاطه العلمي أيضاً اتصاله بجامعات (كازاخستان) وغيرها من الدول الإسلامية التي انفصلت عن روسيا ,وأذكر أنه مر بنا في مكة وبصحبته وكيل جامعة الإسكندرية وهما في طريقهما إلى (كازاخستان) لتأسيس قسم للغة العربية هناك ومن همته العالية أنه أدى العمرة بدلاً من أن يمكث في مطار جدة ليستقل الطائرة التي تقله إلى كازاخستان, ولو أردت أن أتكلم عن همته في العبادة حين كان يحضر إلى مكة لكتبت في ذلك صفحات كثيرة, لله دره ما أكثر شمائله, فهو بحق شيخ فاضل وقدوة تحتذى ولا يفوتني أن اذكر أنه حين درس وهو معيد في جامعة بيروت العربية حظي بالقبول هناك وربى أجيالاً, كلها تثني عليه وتدعو له, فأفضاله عمت وعلومه نفعت.
لقد ترك _يرحمه الله_ عددا من الكتب التي أثرت المكتبة العربية وذاع صيتها وانتشر أمرها منها:
1 - التطبيق النحوي والصرفي وهما كتابان معتبران مقرران في عدد كثير من الجامعات العربية, اخبرني أنه بدأ بهما في لبنان في ليالي رمضان بعد أداء صلاة التراويح فكان يشعر بأنه سيقدم شيئا مفيدا إلى المكتبة العربية.
2 - إعراب بعض السور القرآنية وقد شاركه في ذلك الدكتور بدري عبد الجليل.
3 - فقه اللغة في الكتب العربية وهو كتاب مقرر في عدد من الجامعات العربية.
4 - اللهجات العربية في القرآت القرآنية وهو متميز في بابه رائد في موضوعه.
5 - النحو العربي والدرس الحديث وهو كتاب له منزلة خاصة عند المشتغلين بعلوم العربية و علم اللغة الحديث.
وهناك كتب أخرى ومحاضرات كثيرة ألقاها في النوادي الأدبية والمؤتمرات الدولية يضاف إليها تلك المحاضرات التي كان يلقيها على طلبة الدراسات العليا لقد أفدنا منه كثيرا في فهم نظرية
(دي سوسير) التي كانت حديثة الدراسة في جامعاتنا العربية لقد شرحها لنا من نصها الانجليزي مقارنا إياها بالظواهر اللغوية العربية, ومثل ذلك حين حدثنا عن (بلومفيلد) و النحو الأرسطي وغير ذلك مما يتصل بالدراسات اللغوية الحديثة, وقد سجلت كثيرا من هذه المحاضرات مع محاضرات الأستاذ القدير عبد المجيد عابدين – بل الله قبره بوابل رحماته – حول عبارة (هيّ بن بيّ وهيان بن بيان – وعبارة أشد الهلّ و أوحاه) إذ كان مولعا بالتحليل اللغوي الراقي ومقارنته بالساميات فكان يعجب ويطرب ويبدع غير أن عوادي الزمن أتت عليها كلها , وكم أتمنى أن يقوم باحث بتناول جهود أستاذنا الفاضل الدكتور عبده الراجحي - يرحمه الله - في كتاب يجمع فيه كل جهوده اللغوية فالمكتبة العربية بحاجة إلى مثل ذلك , ولا ننسى أخيرا أن نشير إلى أنه تعاقد مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض وألقى كثيرا من المحاضرات في النوادي الأدبية , وشارك في مناقشة عدد من الرسائل في الجامعات السعودية أيضاً منها جامعة أم القرى , وقد اتصل حين مكوثه في السعودية مع رجالات العلم والأدب فسعدوا به كما سعد بهم, وكان معجبا بالحركة اللغوية النشطة في المملكة ومثنيا على إخوانه هنا على ما رآه منهم من كريم الخصال وحميد الفعال, ولحبهم إياه دعوه أكثر من مرة لزيارات علمية ,وأخبرني أن أصول عائلته تعود إلى الممكلة العربية السعودية وأن واحدا من آل الراجحي اتصل به وتحادثا كثيراً عن تلك القرابة الحاصلة بينهما.
رحمك الله يا أستاذنا الفاضل, وأنزل على قبرك شآبيب رحماته وتغمدك بألطافه وأدخلك جناته ,وفرحنا بلقائك تحت لواء سيد المرسلين عند رب جواد كريم فأنت كما قال القائل:
خيالك في عيني وذكرك في فمي
ومثواك في قلبي فأين تغيب.
عزيزي القارئ لعل ما قدمته في هذه العجالة يلقي ضوءا على أستاذنا الذي ندر مثيله في هذا الزمن الذي كسد فيه علم العربية وندرت علماؤه, ولا حول ولا قوة الإ بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ألهم الله أهله وإخوانه وطلابه الصبر والسلوان.
ـ[أبو عبد الله بن رضا]ــــــــ[19 - 05 - 10, 10:22 ص]ـ
رحمه الله رحمة واسعةـ فقد كان نعم العالم يمد لنا يد العون دائما، وكنا بئس الطلاب نقصر ونتكاسل، فيغفر لنا.
اللهم أسكنه فسيج جناتك، واحشره في زمرة الشهداء والنبيين والصالحين، وألحقنا به على خير حال.