تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: كان الشيخ ساكناً قريباً منا جداً في حي الحَبُّونية، وكنت أخرج من المعهد العلمي وهو يخرج من الإفتاء، ولم يكن عندي ولا عنده سيارة، بل كان بيته بالإيجار أيضا، فكنا نركب مع سيارات النقل و (الوانيتات) يوصلوننا مع عامة الناس، فكنت أراه يركب مع العامة، وأحياناً أكون بجانبه، وقد طوى مشلحه (البشت)، ومعه أوراقه أو الجريدة، ثم ننزل سوياً، وكلٌّ يذهب إلى بيته، ومضينا مدة ولا أعرف أن هذا هو الشيخ الغديان!

إلى أن طلب مني أحدهم كتاب الأشباه والنظائر للسيوطي، فسألته عن السبب، وامتنع، ثم كررت عليه، فأخبرني أنه اتفق مع بعضهم على قراءته على الشيخ ابن غديان القريب منا، فقلت: أحضر معكم، وذلك من بضع وثلاثين سنة، وبقيت ملازماً للقراءؤة عليه حتى قبيل وفاته.

فكان الشيخ رتب لنا عدة دروس، وأقرأنا في عدة فنون، حتى في النقد الأدبي.

وقال: الشيخ من المبرزين في الأصول والقواعد الفقهية، وكان من المتبحرين بذلك بين علماء نجد، ويمتاز في ذلك على سائر شيوخنا الكبار، ومرات كان يتوسع ويفصل في الدرس ويغوص في المسائل حتى لا أفهم أنا والموجودين من كلامه شيئا يُذكر! واستفاد في ذلك كثيراً من الشيخ عبد الرزاق العفيفي.

ولما انتقل إلى شارع عسير قرب الإفتاء رتب دروساً خاصة كثيرة للطلاب، حتى للمبتدئين، وبذل نفسه للقراءة عليه.

وحاولنا معه مراراً أن يؤلف فكان يرفض، ومرة ألححنا عليه أن يكتب في الفروق فوافق ثم اعتذر.

وكان غاية في التورع، وكثيراً ما يكتب في توقيعاته على فتاوى هيئة كبار العلماء: أنه متوقف في المسألة، كثيراً ما يقول في درسه: لا تكتبوا كلامي، وافهموه فقط.

وكانت قراءته للقرآن جميلة خاشعة، ولا يسمح بالتسجيل، وسُجِّل له خلسة.

وزرته في مرضه وسألتُه: هل أحضرت معك شيئا ليسليك ويروح عنك، فأجاب: نعم، تفسير ابن جرير! فأحضرت له بعض الكتب مثل أخبار الحمقى والمغفلين ونحوه، وأظنه لم يفتحها.

وأخبرنا من سنتين أو ثلاثة في منزله أن عمره 83 سنة.

وكان يحدثنا أحياناً عن مجريات حياته، ولكنا للأسف لم ندونها عنه، وهو درّس في الشريعة وقتاً، وفي المعهد العالي للقضاء، مع عمله القديم بالإفتاء.

ومرة زرناه في المسجد قديماً، وكان سماحة الشيخ عبد الله العقيل، فقال لنا: هذا الشيخ ابن عقيل كبير، وهو جَدّ!

قال محمد زياد: وسمعت شيخنا عبد الله بن عقيل حفظه الله يقول: لما كنت قاضياً في الرياض عملت اختباراً لطلاب الشريعة، وكان عندها الشيخ ابن غديان والشيخ ابن جبرين من الطلاب معهم.

وترحّم عليه وتأسف عندما اتصلت به معزيا البارحة، وكان اليوم في مقدمة من حضر للصلاة عليه، وألغى درسه لذلك، وذهب للمقبرة على الكرسي المتحرك، وكان من العلماء الأعيان جماعة، منهم المشايخ عبد العزيز آل الشيخ المفتي (وهو الذي أمّ الناس عليه)، وصالح اللحيدان، وعبد الرحمن البراك، وعبد الكريم الخضير، وغيرهم.

وممن حضر في المقبرة الشيخان عبد العزيز بن قاسم، وعبد العزيز الراجحي.

وكانت الجنازة عظيمة حافلة، ودُفن في مقبرة أم الحمام قرب جامع الملك خالد.

وأخبرني شيخنا القاسم عن ابن الفقيد الشيخ سعود أنه رأى والده الأسبوع الماضي في المنام كأنه في اجتماع هيئة كبار العلماء، وقام وقال: أين الطريق؟ فأخذه أحد المشايخ من أهل بلده وخرج. مع رؤيا أخرى. أولها أنها تقديم ورفعة ونعمة، ولعلها كذلك ولكن يظهر أنها كانت علامة على دُنُوّ أجل والده الفقيد.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وعوض المسلمين من أمثاله.

-----

ومما يُعرف عن الشيخ بساطته وتلقائيته في الجواب وقد يحصل في ذلك طرفة، ومنه ما سمعته من شيخنا العلامة عبد الكريم الخضير حفزه الله أن أحد الطلبة المتعالمين تناقش مع الشيخ الفقيد، ومما قاله له: هم رجال ونحن رجال، بعني الأئمة السابقين، فقال له الشيخ: بل هم رجال وأنت حمار!

وأخبرنا الشيخ نشوان النشوان أنه سمع الشيخ في برنامج نور على الدرب وسأله المذيع -وسماه- سؤالا، فأجاب باستفاضة وتعمق في قاعدة المصلحة، وبعد الجواب قال له المذيع، لو توضح هذه القاعدة الجديدة، فقال: هذه قديمة وليست جديدة، فقال: أقصد قد لا يفهمها السائل. فأجابه: بل قل أنت أنك لم تفهم!

وحدثنا شيخنا ابن عقيل في أكبر ظني، أن الشيخ تحدث معه أن فلانا تخرج في الشريعة، فقال الشيخ الفقيد: تعرف أن كلية الشريعة هذه الأيام محو أميّة!

ـ[أبو أسامة الحضرمي]ــــــــ[03 - 06 - 10, 11:48 ص]ـ

رحمه الله وغفر له

ـ[أبو عبدالرحمن البدراني]ــــــــ[03 - 06 - 10, 12:45 م]ـ

قبل عدة سنوات ذهبت إلى الشيخ عبدالله بن غديان رحمه الله في دار الإفتاء وكان في ذلك الوقت هناك قضية أشغلت الناس وهي قضية المسعى الجديد سألته عن رأيه في المسعى الجديد فامتنع عن الإجابة وأمرني بالذهاب إلى المفتي العام فأعدت عليه السؤال مرة أخرى فقلت يا شيخ أبغى رأيك في المسألة فقال لي أقولك رح المفتي فلما ألحيت عليه في الثالثة تبسم وقال يا ولدي الكلمة تُعرف بالكلمة والعقال يُعرف بمية عقال!!

وسألته أيضا ً عن حكم لبس الشباب للملابس الرياضية التي تحتوي على اسماء لاعبين كفار وبعضها تحتوي على صليب فقال لي ما يجوز ثم قال اكتب لي في ورقة هذا السؤال وأبجاوب عليه وأوقع عليه ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير