وبعد فترة من الزمن عقدت مسابقة لتعيين وعاظ بالأزهر، وأئمة وخطباء بالأوقاف، وقدمت فيها أنا والعسال ونجحنا، وكانت وظيفتنا الرسمية: الإمامة والخطابة، ووظيفتنا الفعلية التى انتدبنا لها العمل بقسم النظار والأوقاف، ومقره سطوح وزارة الأوقاف.
ولأن كثيرا من أنشطتنا كان مشتركا، فقد اشتركنا كذلك فى التفكير فى الزواج، وتكوين البيت المسلم معا، بعد أن استقر عملنا الوظيفى فى الأوقاف، فبدأ كل منا يبحث عن بنت الحلال، حتى وجدت ضالتى فى سمنود غربية، ووجد هو ضالته فى طنطا.
وما هى إلا فترة قليلة حتى قدر الله أن يرحل أحمد عن الشقة التى استأجرناها معا فى حدائق شبرا، شارع الشيخ عبدالرحمن قراعة، ليسكن فى مكان آخر فى شبرا أيضا هو وبعض أشقائه، لأهيئ هذه الشقة لدخولى فيها، وبعد قليل وفق العسال للزواج أيضا.
كان وضعى أنا وأخى العسال فى وزارة الأوقاف مريحا، ولكنه قلق غير مستقر، لهذا فكرنا جديا أن ننتقل إلى الأزهر، ولا سيما أن شيخنا العلامة محمود شلتوت هو الآن شيخ الأزهر، وإمامه الأكبر، وقد كان، وفى عام 1960م حضر لمصر الشيخ عبدالله بن تركى من قطر، وهو المسئول عن العلوم الشرعية فى وزارة المعارف، وقابلته أنا والأخ أحمد العسال وسُرَّ بهذا اللقاء الشيخ ابن تركى، وطلبنا رسميا من الأزهر.
وسافر العسال إلى قطر، دون اعتراض، أما أنا فاعترضت المباحث العامة على سفرى، فبقيت فى مصر، وبعد مرور سنة دراسية، وإلحاح من قطر، وافقوا على إعارتى إلى قطر لأعمل مديرا للمعهد الدينى الثانوى، وكان فى استقبالى حين وصلت العسال وإخوانه من أصدقائنا القدامى، وبتُّ وأسرتى عند العسال.
ومما ابتلينا به بعد وصولنا إلى مصر لقضاء الإجازة فى صيف سنة 1962أنهم ساقونا إلى سجن مبنى المخابرات المصرية فى سراى القبة، وبعد أسئلة وتهديدات، أبقونا نحو خمسين يوما، على الرغم من عدم توجيه تهمة لنا.
وجاء موعد سفرنا إلى قطر فى منتصف سبتمبر، ولم يؤذن لنا بالسفر، وبدأ العام الدراسى، ولم نتمكن من مغادرة مصر. وعدنا أنا والعسال لمباشرة عملنا فى الأزهر. ولم تكف وزارة المعارف فى قطر عن إرسال البرقيات إلى الأزهر، للسماح لنا بالسفر لمباشرة عملنا هناك، ويبدو لى أن هذه البرقيات وصلت إلى إدارة المخابرات التى كان على رأسها رجل الاستخبارات الشهير صلاح نصر، وفوجئنا يوما باستدعائنا لمقابلته فى مكتبه فى المبنى الذى كنا ضيوفا عليه سبعة أسابيع، وكانت مقابلة لها أبعاد خاصة ثم شكرْنا صلاح نصر على حسن استقباله وتذليل عقبة سفرنا إلى الدوحة مرة أخرى.
وبعد فترة قرر العسال أن يغادر الدوحة إلى لندن للدراسة، للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة كامبردج، وقد فكرت أن أفعل ما فعل، ولكن كان عندى أربع بنات، لم أجمع من المال ما يكفى للإنفاق على هذه الأسرة التى يرجى أن تتزايد، وقد شاء الله ألا يرزق العسال بأولاد، وكان ذلك عونا على السفر للدراسة.
وفى السنوات الأخيرة عرض الإخوان أكثر من مرة، منصب المرشد العام على الفقير إليه تعالى، فاعتذرت لأكثر من سبب، ومن ذلك ما عرضه علىّ الأستاذ مأمون الهضيبى بعد أن تولى منصب المرشد أن يتنازل عن منصبه، ويسنده إلىّ بموافقة الإخوان طبعا، إذا قبلت ذلك، وأرسل هذه الرسالة مع الأخ الصديق المفكر المسلم الكبير محمد عمارة، الذى حاول أن يقنعنى فلم يفلح. وعرف ذلك العسال، فكان تعليقه: خيرا فعلت، إن الله تعالى يريدك أن تكون مرشدا للأمة كلها، لا لجماعة من الجماعات، وإن علا شأنها!
وفى كل المشروعات الإسلامية التى تبنيتها، كان العسال يعاضدنى ويشد أزرى، ورغم أن إقامتى كانت فى قطر، وإقامته كانت فى مصر، فهو كان يوالينى دائما بالسؤال عن طريق الهاتف .. ونسأل الله البر الكريم، الذى جمعنا على الحب فيه، أن يجمعنا فى ظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه سميع قريب.
من مقالات الأستاذ الدكتور أحمد العسال رحمه الله:
دروس مستفادة من القرن الماضي
( http://www.fustat.com/ummah/2_assal.shtml)
العمل الإسلامي ومعركة التحدي الحضاري
( http://www.fustat.com/ummah/7_assal.shtml)
ـ[محمد بن القاسم اليماني]ــــــــ[18 - 09 - 10, 04:59 م]ـ
رحمه الله
ـ[سهيل حسن عبدالغفار]ــــــــ[08 - 11 - 10, 01:24 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة و أدخله جنة الفردوس، و ما أحلى الأيام التي قضينا تحت رئاسته في الجامعة الاسلامية العالمية، فجزاه الله خير الجزاء