تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد أن أنتهينا من تفسير تلك الآيات المباركة بالقرآن نفسه ...

الآن سنطرح شرح حديث شريف صحيح .. لنرى هل يتوافق مع ما نقوله حول تفسير تلك الآيات .. ونسأل الله الإخلاص والتوفيق والسداد ..


وبما أننا في فتنة لا يعلمها إلا الله عز وجل .. فهذا حديث من أحاديث الفتن الصحيحة ..

جاء في (الجامع الصحيح المختصر للإمام البخاري): [حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا حسين بن الحسن قال: حدثنا بن عون عن نافع عن بن عمر قال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال: قالوا وفي (نجدنا؟!)، قال: قال اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال: قالوا وفي (نجدنا؟!)، قال: قال هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان]

أسحموا لي فلن أضيع وقتكم بالتحدث كعادة الآخرين في محاولة إثبات أين تقع نجد ويغض الطرف عن أصل ولب الحديث ألا وهو .. قرن الشيطان .. لأن مسألة تحديد الموقع .. بالنسبة لي شخصياً ... أمر مفروغ منه ..

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/ 46)
(قوله قرن الشمس ويحتمل أن يريد بالقرن ... قوة الشيطان ... وما يستعين به على الإضلال ... وهذا أوجه .......... ).

وفي تحفة الأحوذي (10/ 315) .. :
((قرن الشيطان) أي .. حزبه ... وأهل وقته وزمانه ... وأعوانه ... ذكره السيوطي وقيل يحتمل أن يريد بالقرن ... قوة الشيطان وما يستعين به على الإضلال).

ودعونا نحصر الألفاظ التي جائت في هذه التعاريف .. (قوة الشيطان + حزبه + أهل وقته وأعوانه + ما يستعين به على الإضلال) ...

ومن المتعارف عليه .. أن الشيطان لا يسخر قوته لا شخص لا ينفذ أوامره ويبيع نفسه له .. وهذا الشخص يسمى ساحر ... فغيره لا يستطيع أن يسخر الشيطان لخدمة مصالحه ومخططاته ... والتعريف هنا يقول: أهل وقته وأعوانه وحزبه = حزب الشيطان ... أي مجموعة من السحرة وليس ساحر واحد .... ماذا يريد هؤلاء السحرة بإستخدامهم وإستعانتهم بـ (قوة الشيطان)؟ .. الجواب واضح وهو الإضلال والصد عن سبيل الله ..

وهذا يعني بالضرورة وجود ثلاثة عناصر في معنى (قرن الشيطان) .. :

1 – الشيطان. وقوته ... وخطواته ومكره ..
2 – فئة تستعين بالشيطان. (ولا يستعين بالشيطان إلا السحرة) ...
3 – فئة يراد إضلالها خفية ... وفي غفلة منها .. بالمكر والكيد والخيانة ..

وإذا أردنا أن نعرف قرن الشيطان بناءً على ما قلنا سابقاً .. فسنقول بأنه .. :

((إجتماع مجموعة كبيرة من المجرمين في عبادة الشيطان والتقرب إليه لتستعين به في عمل واحد مشترك، وفي ظل عمل جبار ومكر عظيم وجماعي ومنظم .. على قلب رجل واحد، لغاية محددة ... وهدف واضح .. يتمثل في: إفساد وإضلال مجموعة أخرى من الناس ... مؤمنة .. بخبث وغدر .... من خلال عملهم الجماعي المنظم والمستمر ... لذا تكون قوة تأثير هذه الشياطين .. أضعافاً مضاعفة وبشكل غير طبيعي .. ومفعولها أشد وأفتك ... لـ إستمرارية هذا العمل بـ إنتظام وسلاسة فترة طويلة (أجيال متعاقبة) ..... على نفس النهج والمنوال .. بالسعي في الإضلال والصد عن سبيل الله،
وهذا ما يشبه القرن الشيطاني ... لكثرة وقوة وطول مدة أعمال السحر من عقد ونفث وغيرهما ..... وإستخدامها في محاربة الله ورسوله وعباده المخلصين .. على مدار الساعة وطوال الوقت .. عشرات السنين ... ))

وإذا عدنا لما جاء في تفسير معنى قرن الشيطان = (قوة الشيطان + حزبه + أهل وقته وأعوانه + ما يستعين به على الإضلال) .. وفهمنا معناها وتأملنا به جيداً .. ثم قارناه مع تفسير سورة إبراهيم ... سنرى التطابق الكبير بينهما ... بالأهداف والألفاظ والمعنى .. سواء في بداية السورة أو حتى عن الآيات التي أسهبنا في تفسيرها من الآية 42 ...

وإذا تأملنا الحديث جيداً وتفكرنا به .. فلا نجد مخرجاً من فتنة (قرن الشيطان) ... !!! لأن الحديث لم يتكلم عن المخرج ... لماذا .. ؟ لأنه موجود في القرآن العظيم .. لعلنا نتدبره ونتفكر به .. علمه من علمه وجهله من جهله .. وكما جاء في الإقتباس الذي نقلناه في بداية هذا الرد .. (فإذن تفسير القرآن بالسنة قد يكون من فعل الصحابي وقد يكون من فعل التابعي، وقد يكون من فعل المفسرين، ويتفاوت ظهورا وردا بحسب وضوحه وظهوره وصحته) وذلك لحكمة لا يعلمها إلا الله عز وجل ..

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير