[من أعلام الجزائر في أرض الحرمين - الشيخ حميدة الجزائري -]
ـ[ابو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[05 - 08 - 10, 06:37 م]ـ
من أعلام الجزائر في أرض الحرمين
الشيخ حميدة بن الطيب الابراهيمي
(ت1362هـ -1943م) ترجمة الشيخ حميدة بن الطيب الابراهيمي الجزائري1288هـ - 1362هـ
إعداد أبو أسامة عبد العزيز بن علي أبو رحلة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن الهمم لتخمد، وإن الرياح لتسكن وإن النفوس ليعتريها الملل، وينتابها الفتور،وإن سير العظماء لمن أعظم ما يذكى الأوار،ويبعث الهمم، ويرتقي بالعقول،ويوحي بالاقتداء (1)
وإن التاريخ الاسلامي يعد فخرا بحق لأمة الاسلام، فإنه لا توجد أمة من الأمم لديها من التراجم لرجالاتها وعلى شتى التخصصات والفنون عبر العصور الى يومنا هذا مثل هذه الأمة وقد كتب التاريخ الإسلامي على صور:
الصورة الأولى:
كتب على طريق الحوليات فيذكر في كل سنة أهم أحداثها ومن توفي فيها، وقد تختصر وقد تطول حسب منهج المؤلف
الصورة الثانية:
كتب على طريقة الطبقات حيث يذكر أحوال الناس ووفياتهم طبقة طبقة
الصورة الثالثة:
كتب على طريقة التراجم المخصصة، سواء أكانت مفردة لشخص بعينه أولبلده أو لكتاب أو لدولة أو لوصف كالثقات والضعفاء أو الأعلام
الصورة الرابعة:
كتب على طريقة الدرس والتحليل للنواحي السياسية والاجتماعية والعمرانية والعلمية وغير ذلك وهذا النوع من الدراسات بداياته قديمة، وابن خلدون في مقدمته أشار الى أهمية الدراسة على هذا المنهج، وقد اهتم به في العصور المتأخرة (2)
ثم إن علم التاريخ -بما فيه فن التراجم- علم يستمتع به العالم والجاهل،ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل فكل غريبة منه تعرف وكل أعجوبة منه تستظرف،ومكارم الأخلاق ومعاليها منه تقتبس، وآداب سياسة الملوك وغيرها منه تلتمس،يجمع لك الأول والآخر، والناقص والوافر والبادي والحاضر، والموجود والغابر، وعليه مدار كثير من الأحكام، وبه يتزين في كل محفل ومقام (3)
ويوم قام ببعض هذا الواجب وهو تدوين تاريخ الجزائر الشيخ مبارك الميلي في كتابه الحافل "تاريخ الجزائر " كتب إليه الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله كلمة هي بمثابة التقريظ للكتاب ومما جاء فيه: (( ... وقفت على الجزء الأول من كتابك تاريخ الجزائر في القديم والحديث فقلت لو سميته "حياة الجزائر" لكان بذلك خليقا، فهو أول كتاب صور الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سوية، بعدما كانت تلك الصورة أشلاء متفرقة هنا وهناك، وقد نفخت في تلك الصورة من روح إيمانك الديني والوطني ما سيبقيها حية على وجه الدهر تحفظ اسمك تاجا لها في سماء العلا،وتخطه بيمينها في كتاب الخالدين، أخي المبارك إذا كان من أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا،فكيف من أحيا أمة كاملة؟! أحيا ماضيها وحاضرها وحياتها عند أبناءها حياة مستقبلها)) (4)
إن الاهتمام بتراجم العلماء وتدوينها فيه إحياء ذكر الأولين والآخرين من علمائها والطارئين عليها، فإنه ذكر حياة جديدة {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} [المائدة 32]، وتصورهم في القلوب ومعرفة افعالهم وزهدهم وورعهم وديانتهم وانصرافهم عن الدنيا واحتقارهم لها وصبرهم على شدائد الطاعات والمصائب في الله، فيتخلق الناظر بأخلاقهم، ويتعطر السامع بأحوالهم فالطبع منقاد، والانسان معتاد، والأذن تعشق قبل العين أحيانا.
ولما كان سبب النجاة الاستقامة في الأحوال والأفعال ولا يتم ذلك الا بسائق وقائد، كصحبة الصالحين وأسماع أحوالهم، والنظر في أثارهم عند تعذر الصحبة (5) حيث تتصور النفس أعيانهم وتتخيل مذاهبهم لأنك لو أبصرت لم يبق عندك الا التذكر والتخيل، ولكن إن يكن وابل فطل، لاسيما وعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة (6)
¥