[أئمة الدعوة النجدية ومنهج الإمام محمد بن عبدالوهاب]
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[19 - 09 - 10, 05:42 ص]ـ
من خلال النظر في تراث أئمة الدعوة في منطقة نجد عموماً نجد أن جميع أئمة الدعوة ساروا على منهج واحد في قضية التأليف بداية من أبناء الإمام محمد بن عبدالوهاب وتلامذته إلى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهم الله فهم في منهج التأليف وكتابة الرسائل عموما لم يأخذوا البتة طريقة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله حيث سار الشيخ الإمام وأبدع في بدايات دعوته للتوحيد وفي أثناء دعوته أبدع إبداعاً متميزاً في تأليف الكتب والرسائل وذلك على مايلي:
1 - غالب ما ألفه من الكتب والرسائل انتهج فيه منهج أهل الحديث ومن أمثلة ذلك وهو على رأسها
كتاب التوحيد، و فضل الإسلام، وأصول الإيمان، والكبائر، ومجموع الحديث على أبواب الفقه، وكل هذه الكتب كان منهجه فيها الدليل فقط من الكتاب والسنة وآثار السلف.
2 - ألف وأصل وقعد وقطع الحجج وكشف عوار عبادالقبور وألجمهم إلجاماً بتدوين وتصنيف كتابه كشف الشبهات وهذا الكتاب العجاب خاص بكشف كل شبهه تعلق بها عباد القبور ومن خلال اطلاعي على بعض كتب التاريخ لبعض أهل الأمصار ممن هم على خلاف التوحيد كان أئمة الدعوة يمتحنونهم بهذا الكتاب وبكتاب التوحيد.
3 - أختصر الشيخ بعض كتب الحديث ومن ذلك صحيح البخاري وفتح الباري وزاد المعاد والسيرة النبويه.
4 - حرص الشيخ في بداية طلبه للعلم على الرحلة وتنويع مشيخته فرحل لمكة والمدينة والأحساء والعراق وغيرها ويلحظ ان غالب مشيخته من أهل الحديث أو ممن يشتغل بالحديث مع بروزهم في العلوم الأخرى.
هذا هو الإمام محمد بن عبدالوهاب نوع مؤلفاته ومشيخته والتي عليهما الصبغة الحديثية ثم جاء من بعده من أبنائه وأحفاده وتلامذته ومن جاء بعدهم من طبقات أئمة الدعوة في نجد إلى الشيخ محمد بن إبراهيم فاختلف منهجهم عن منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب وذلك من جهة تنوع المؤلفات وأن تكون على الصنعة الحديثية أو حتى التنوع في التأليف والأمر الآخر تنوع المشيخة.
هذا ولعل السبب في عدم تنوع المؤلفات وأن يكون بعضها على الصنعة الحديثية وتنوع المشيخة هو مايلي:
1 - بعد وفاة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله رأى أئمة الدعوة من بعده أن أهم واجب هو إكمال ما بدأ به الشيخ من الدعوة للتوحيد.
2 - رأى أئمة الدعوة أن أهم واجب هو إكمال ماقام به الإمام محمد بن عبدالوهاب من مجاهدة أعداء التوحيد وأصحاب الشبهات القبورية من أهل الأهواء والبدع.
3 - رأى أئمة الدعوة أن في تراث الإمام محمد بن عبدالوهاب من مؤلفات ورسائل وردود وغيرها أن في ذلك غنية لهم عن التأليف وأن الواجب المتحتم عليهم والأجدر بحالهم خاصة مع شدة شوكة أهل الشرك والبدع ودعوتهم للوثنية والإبتداع أن الأجدر استخدام ما تركه لهم إمامهم في الدعوة من مؤلفات وغيرها فيشتغلوا بها تدريساً وحفظاً وشرحاً وغير ذلك فيهي بمثابة قنابل توحيديه لحصون القبورية.
4 - رأى أئمة الدعوة أن الإشتغال بتراث الإمام محمد بن عبدالوهاب وتدريسه في المساجد وشرحه لطلبة العلم ولعامة الناس هو الأهم خاصة أن تراث الإمام غالبه في التوحيد والناس في أمس الحاجة إليه لغلبة الجهل فيه.
5 - رأى أئمة الدعوة أن تراث الإمام محمد بن عبدالوهاب يمثل لهم مكتبة كاملة حافلة متنوعة وهي على قانون السلف وزيادة على ذلك صنعة أهل الحديث فالتأليف بعد هذا الإمام نوع تكثر وواقع زمنهم وصراعاته مع القبورية لايحتمل ذلك.
راى أئمة الدعوة أن التأليف وكتابة الرسائل لاتكون إلا في مجالين الأول: كتابة الأجوبة الفقهيه التي تقع من سؤلات الناس. الثاني: كتابة الردود التي تقع كالنوازل مثلا تأتي شبهات يتعلق بها عباد القبور ويخاف رواجها بين الناس، أو أن يظهر مبتدع له منزلة كبيرة بين قومه فيأتي فيرد على الإمام محمد بن عبدالوهاب ويشوه دعوته للتوحيد.
6 - رأى أئمة الدعوة أن التتلمذ على الإمام محمد بن عبدالوهاب وعلى كبار تلامذته وخاصته غنية عن الرحلة عن الدرعية والتتلمذ على بعض علماء الأمصار خاصة أن الدعوة للتوحيد ودراسة التوحيد على حقيقته أئمة الدعوة فيه غرباء عن كثير من أهل الأمصار.
ومع ما ذكر أزيد واقول: ليس لأئمة الدعوة مؤلفات خاصة في الحديث والتفسير والفقه واللغة.
ولهذا كله من جاء من الباحثين ليكتب دراسات في تراث أئمة الدعوة قد تكون الدراسات محصورة في تحقيق كتاب أو جمع النساخ من علماء نجد وأهلها، أو جمع جهودهم أو دراسة منهجهم في أحد العلوم الشرعية مع قلة المادة في بعض العلوم، أو كتابة تراجمهم والسعي للبحث عن الجديد في تراجمهم مع المعاناة في قلة المصادر والمادة العلمية، أو الكتابة حول صناعة المخطوطات النجدية وفنهم في ذلك، وغير ذلك.
وأقول كان في مقدور أئمة الدعوة التصنيف في العلوم الشرعية، والتنوع في التلقي عن العلماء والرحلة إليهم في الأمصار، لكن شغلهم الأمر الأول والأخير والأهم والأعظم فأصبحت جنوبهم تتجافى عن المضاجع يدعون ربهم معرفة علم التوحيد وتعليمه ومجاهدة من يضاده.
فرحمكم الله يا أئمتنا وجزاكم عن أهل نجد وعن غيرهم من أهل الأمصار خير الجزاء.
كتبه محب أئمة الدعوة النجدية رياض بن عبدالمحسن بن سعيد.