تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سلسلة تراجم أعلام المغرب: الشيخ محمد زحل ودروسه]

ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[20 - 09 - 10, 06:41 م]ـ

قال الشيخ العلامة» محمد زحل «حفظه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

· المولد و المنشأ و ظروف النشأة:

و به سبحانه أستعين،

ولدت في سنة 1943م – 1363هـ في بلدة تيلوى دوار إكوزلن، فرقة أيت بها، قبيلة نكنافة حاحة الشمالية الغربية فرع من قبائل حاحة الكبرى التي تمتد بمفهومها الحديث فيما بين الصويرة و مدينة أ?ادير على الساحل الغربي للمحيط الأطلسي بينما هي في إطلاقها القديم تشمل كل المناطق الممتدة من عبدة و حوز مراكش إلى تخوم تارودانت فيما يعرف قديما بقبائل المصامدة. يدل على ذلك أن صاحب المعجب في تاريخ المغرب عبد الواحد المراكشي الأديب المؤرخ المشهور لما ذكر شيشاوة قال: نهر ببلاد حاحة، كما أن الحسن الوزان في كتابه وصف إفريقيا لما ذكر الصويرة القديمة التي على الساحل فيما بين الصويرة و آسفي وهي في أرض قبائل عبدة حاليا، صنفها مع مدن حاحة و كان المغرب في هذه الحقبة التي ولدت فيها في أسوء مراحله التاريخية عسرا و صعوبة فهو يتململ تحت هيمنة الاستعمار الفرنسي و يعاني من ويلاتها خاصة المناطق الجبلية و الريفية التي يعيش فيها قواد القبائل فسادا في الأرض و يستذلون السكان و يظلمونهم و يخنقون أنفاسهم، أضف إلى ذلك كله أن الحرب العالمية الثانية قائمة شرسة لا تبقي و لا تذر و المغرب منخرط فيها بكل قواه إلى جانب فرنسا و الحلفاء و الأوبئة المتفشية المستعصية على العلاج تأكل الأخضر و اليابس، ففي عام 1946م مات نصف سكان المغرب من الطاعون كما تذكر تقديرات المستعمر الفرنسي و إحصائياته فبلادي الحبيبة كانت في هذه الفترة أسيرة أعدائها الأربعة، فرنسا المستعمرة و الظالمة المؤذية و الثلاثة الآخرين، الجهل و الفقر و المرض بالإضافة إلى الخرافات و البدع و انحراف التدين عن المنابع الصافية للدين التي لم يشبها الكدر من الكتاب و السنة و منهج سلف الأمة و الهدي العملي لخير القرون المشهود لها بالفضل و الخيرية و قد اضطر الوالد رحمه الله تحت وطأة الأسباب و الظروف الآنفة الذكر إلى مغادرة بلدتنا بحثا عن حياة أقل شدة و عيشة أقل ضنكا، فلم يجد أمامه غير مدينة الصويرة التي عمل في أحد مساجدها إماما و محفظا لكتاب الله تعالى و يرجح أن هذه الهجرة للوالد و الأسرة كانت و أنا في العام الثاني من عمري في سنة 1944م. لم تكن الأسرة في السنوات الخمس التي قضيناها في الصويرة أسعد حالا و لا أكثر استقرارا كما كانت ترجو بل مات أخي الأكبر و أخواي الآخران اللذان جاءا من بعدي فتشاءم الوالد بالصويرة و الإقامة فيها فشد أمتعته و غادرنا الصويرة غير آسفين عائدين إلى قبيلتنا نكنافة من جديد و ذلك في عام 1949م بعد عام من نكبة ضياع فلسطين و قيام دولة اليهود بها.

· الشروع في التعلم:

كان نموي بطيئا و بنيتي شديدة الهزال و لذلك لم يشرع والدي في تعلمي مبادئ القراءة و الكتابة إلا في سنة 1950م و لم يكن الوالد يمارس الزراعة بنفسه بل كان يعطي الأرض لمن يزرعها مقابل جزء مما يخرج منها و كانت له بعض المواشي لكن لما بلغت سن الدراسة باع كل شيء و قال لو احتفظت بهذه الماشية فسيكون ابني جاهلا راعيا و لن يكون متعلما و لم يكن في مناطقنا إذ ذاك مدارس نظامية و لا تعليم رسمي و إنما كانت هناك الكتاتيب القرآنية و المدارس العتيقة فترك الوالد البيت و الفلاحة و جعل يشارط في مساجد المداشر و الدواوير يؤم الناس في الصلاة و يعلم كتاب الله و كان الذي أجبره على هذا العمل كما يقول أن يكون ابنه من المتعلمين و ليس من الجهال الرعاة للمواشي.

تعلمت مبادئ القراءة و الكتابة على يد الوالد رحمه الله و بدأت أحفظ كتاب الله بدءا من قصار السور من آخر المصحف كما جرت العادة و العرف و ما إن وصلت إلى سور تبارك الملك حتى أصبت بشلل تام منعني من الدراسة و حال بيني و بين القيام على رجلي، و لم تفكر الأسرة في طبيب و لا علاج و لكنهم كانوا يذهبون بي إلى بعض الأضرحة -غفر الله لهم- بقيت أسير الشلل ثلاث سنوات إلى آخر سنة 1953م وهي السنة التي نفي فيها السلطان محمد الخامس و أسرته خارج الوطن، استأنفت حفظ كتاب الله تحت رعاية الوالد رحمه الله فأتقنته و أحكمته لفظا و رسما بفضل من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير