تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد انتقل والده بالأسرة كاملة إلى الرياض وعمره ست سنوات حيث كان والده رحمه الله تعالى يتعاطى التجارة ويكسب منها، وسألت الشيخ يوما عن النتائج التي كان يحصل عليها في بداية دراسته، فقال رحمه الله تعالى:" كنت أحصل على المرتبة الأولى أو الثانية، وكان ينافسني شاب من نجد، والذي أعاقني هو اشتغالي في دكان الوالد، ولكن بعد الابتدائي إلى الجامعة انقطعت عن الاشتغال فيه فكنت دائما المتفوق بحمد الله؛ وكانوا إذا أدخلوا الطفل إلى المدرسة قالوا لمعلمه: لك اللحم ولنا العظم أي أباحوا له الضرب، ثم قال رحمه الله تعالى: أنا -والحمد لله- سلمت لأني كنت مهتما بالدروس).

ثم انتقل الشيخ رحمه الله تعالى إلى المعهد العلمي بالرياض ودرس فيه المرحلة المتوسطة وهناك بدأت حياته العلمية تأخذ طابعا آخر حيث التقى بفقيه الأمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى، فتأثر به غاية التأثر وكان كلما حدث عنه وذكر شيئا من سيرته، يحدق النظر ويتوقف قليلا، كأنما ارتسمت صورته بين عينيه وهو يسمع كلامه ويقول:"والله ما رأيت مثله أبدا، كأنما تكذب ما ترى." ثم كان يخبرنا رحمه الله تعالى "أن التلاميذ كانوا يهابون قراءة الدرس على الشيخ الأمين، لأنه كان يوبخهم خاصة عند اللحن والخطأ، ويقول (إن مكانكم في الصف اللي قبل)، فلم يجرؤ أي أحدٍ على القراءة حتى الشناقطة الذين يدرسون معنا، فكنت أنا الذي أقرأ وكان الشيخ تعجبه قراءتي ولم أكن ألحن أبدا إلا مرة واحدة أذكرها، قرأت حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) بضم الياء في يريبك، قال فنظر إلي الشيخ الأمين مستنكرا وقال (هاه)! فتداركت نفسي وقلت (دع ما يريبك بفتح الباء) ومضيت".

وكان رحمه الله تعالى كثيرا ما يحدث عن شيخه أمورا، ومن أعظم الأمور التي كان يكررها رحمه الله تعالى تزكية الشيخ محمد الأمين له على رؤوس الطلاب، حيث كان الشيخ يقول:" والله ما تطلعت بعد تزكية الشيخ الأمين إلى أي تزكية أخرى"؛ وكانت القصة يوم أن سأل الشيخ الأمين عن نتائج الطلاب ومن نجح منهم ممن رسب، فقالوا الذي حاز الرتبة الأولى هو محمد الشاب القصير النحيف، فلم يعرفني الشيخ فأشاروا إلي وقالوا الذي يقرأ عليك فقال الشيخ الأمين: "لا أنا أسأل عن غيره هذا طالب علم معروف".

فقال الشيخ الوائلي "ففرحت يومها فرحا شديدا وكانت كلمة أوقدت الهمة في قلبي وزادتني حرصا على حرص."

بعدما تخرج الشيخ من المعهد العلمي بالرياض انتقل إلى معهد الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في مرحلة الثانوية، وهناك التقى بالمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى، وكان هذا اللقاء بعدما وَضع الشيخ الألباني في مادة الفرائض سؤالا في المسألة العمرية، ولم يجب على السؤال إلا الشيخ الوائلي وكان يقول (لأني كنت أحفظ الرحبية) فتعجب الشيخ الألباني وطلب رؤيته، وكان دائما يقول:" الشيخ الألباني أسد السنة والله، رأيته يوما وأنا خارج من الجامعة الإسلامية والطلبة حوله قد احتفوا به من كل جانب فتذكرت عبد الله بن المبارك يوم دخل العراق في زمن هارون الرشيد".

وقد تخرج الشيخ الوائلي رحمه الله تعالى من معهد الجامعة الإسلامية عام 1383هـ بترتيب الأول.

ثم واصل رحمه الله تعالى التعليم وتحصل على شهادة الليسانس من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام (1387هـ / 1388هـ)، وكان رحمه الله تعالى بعد تخرجه من المعهد قد وكل إليه التدريس به من عام 1387هـ إلى 1388هـ لمدة أربع سنوات، استفاد منها كثيرا خاصة من الناحية التعليمية، وأخبرنا أنه درس طلابا أكبر منه سنا، ولم يكن الشيخ أبدا يهمل تحصيله العلمي ومواظبته على الحفظ والقراءة، بل لازم في مدة وجوده بالمدينة شيوخا كثيرين ازداد بهم بعد الله تعالى تحصيلا وتأصيلا، وكان منهم شيخه محمد المختار الشنقيطي الذي كان يسميه البحر، قال (كنت آتييه وأفتح عليه كتابا فكان الشيخ يشرح كأنما أمضى الليلة في مراجعة مباحثه).

وسألت شيخنا الوائلي يوما فقلت (هل كان علمه مثل ابنه الشيخ محمد المختار؟) فتبسم الشيخ وقال:" أقول لك كان بحرا وش تبي أكثر؟).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير