[قصيدة في رثاء الشيخ محمد بن جميل زينو]
ـ[أبو سهل الزياتي]ــــــــ[17 - 10 - 10, 01:14 ص]ـ
((في رثاء الشيخ محمد بن جميل زينو))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ذي الطَّوْلِ والآلاءِ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ المرسلينَ والأنبياءِ، نَبِيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ الأصفياءِ، وصحابتِهِ الأتقياءِ، ومَنْ تبعهمْ بإحسانٍ واستنَّ بسنتهمْ إلى يومِ اللِّقاءِ.
أَمَّا بعدُ:
فلقد فُجِعْنَا جميعاً بخبرِ موتِ الشيخِ العالمِ العاملِ الداعيةِ المجاهدِ: محمد بن جميل زينو الشامي الحلبي ثم المكي- رحمه الله رحمةً واسعةً، وأسبغ عليه شآبيب رحمته-، الشيخ المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة سابقاً. ذلك الشيخ الذي عُرِفَ بنقاءِ منهجه السلفيِّ الناصعِ، وبكتاباتِهِ المختصرةِ المفيدةِ في التوحيدِ، وقد انتشرت في كافة أرجاء الكرةِ الأرضيةِ باللغةِ العربيةِ واللغاتِ الأخرى، وكثيرٌ من الذين اهتدوا من الضلالِ والبدعةِ إلى التوحيدِ والسنةِ كان سببُ هدايتهمْ- بعد الله عز وجل- هذه الكتب، ولذلك كانت شوكةً في حلوقِِ المبتدعةِ من المتصوفةِ الطرقيينَ، ودعاةِ الوثنيةِ القبوريينَ، وبالرغمِ مِنْ ذلكَ فقد كتبَ اللهُ لها القَبُولَ، وعَمَّ خيرُهَا وانتشرتْ وزاعتْ في الأرضِ، وذلك فضلُ اللهِ يؤتيهِ مَنْ يشاءُ، وما كُتِبَ للهِ فهو يبقى.
والشيخ محمد جميل زينو هو فقيد العالمِ بعامةٍ، وفقيدُ بلادِ الإسلامِ بخاصة. والشيخُ معروفٌ لدى الناسِ ويعرِفُهُ الخاصةُ قبلَ العامةِ، وطلابُ العلمِ قبلَ العلماءِ. وسيرتُهُ مسطرةٌ ومدونةٌ، ولا أُرِيُد في هذا المقامِ أن أتكلمَ عنها. ولكن أردتُ أن أقولَ: إنه عندما جاءني خبرُ وفاةِ الشيخِ انفطر قلبي حزناً عليه، وتسمَّرَتْ قدماي من هولِ ما جاءني، ولقد تأثرتُ جداً بفقده؛ لأن مصابَنَا فيه عظيمٌ، وخطبَنا فيه جَلَلٌ. وموتُ العالم ثُلْمَةٌ في الإسلامِ لا تُسَدُّ، وقطعةٌ منه لا تردُّ؛ ولذلك كتبتُ هذِهِ الأبياتِ في رثائِهِ، فقلتُ فيها:
1 - أَيَا قَلْبِي فُجِعْتَ بِمَوْتِ شَيْخٍ ... مُحَمِّدِ زِينُو ذَاكَ بْنُ الْجَمِيلِ
2 - رَقَا دَمْعِي نُضُوباً مِنْ بُكَاءٍ ... تَحَدَّرَ سَلْسَبِيلاً فِي الطَّلِيلِ
3 - يَمُوتُ الْعِلْمُ بِالْعُلَمَاءِ نَسْخاً ... وَيُدْرَسُ مِثْلَ ثَوْبٍ مِنْ خَمِيلِ
4 - أَلاَ يَا شَيْخُ رُمْتُ أَرَاكَ يَوْماً ... بِعَيْنِي قَبْلَ دَيْجُورِ الرَّحِيلِ
5 - تَرَكْتَ مَوَاجِعاً بِشِغَافِ قَلْبِي ... تَأَلَّمَ مِنْ سُوَيْدَائِي نَزِيلِي
6 - فَكُتْبُكَ هَاطِلٌ فِي عَامِ جَدْبٍ ... تُرَوِّي اْلأَرْضَ مِنْ مُزْنِ الْمَقِيلِ
7 - كِتَابُ "عَقِيدَةِ اْلإِسْلاَمِ" نَهْرٌ ... يَسِيرُ لِنَحْوِ آكَامِ النَّخِيلِ
8 - وَتِلْكَ "شَمَائِلٌ" زَاعَتْ عُطُوراً ... يَفُوحُ شَذَاهَا مِنْ مِسْكِ اْلأَيِيلِ
9 - وَ"تَوْجِيهَاتُكُمْ" جَاءَتْ نَشِيداً ... يُرَدِّدُهُ الصِّغَارُ مَعَ اْلأَصِيلِ
10 - وَ"مِنْهَاجٌ" يُعَدُّ صُوَى طَرِيقٍ ... لِتَهْدِي هَائِماً نَحْوَ السَّبِيلِ
11 - وَ"أَرْكَانٌ" وَضَعْتَ بِهَا أَسَاساً ... لِيُبْنَى فِيهِ قِرْمِيدٌ ثَقِيلِ
12 - وَ"تَوْجِيهٌ" تَيَمَّمَ شَطْرَ جِيلٍ ... لِيُنْقِذَهُ مِنَ آثَارِ الْفَتِيلِ
13 - وَهَذِي "شَهَادَةُ اْلإِسْلاَمِ" شَمْسٌ ... وَتَمْخُرُ ذَا الْعُبَابُ مِنَ الطَّمِيلِ
14 - "نِدَاءٌ" قَدْ صَرَخْتَ بِهِ هُتَافاً ... لِكُلِّ مُعَلِّمٍ مِثْلَ الصَّهِيلِ
15 - فَأَفْرِيقَا وَضَعْتَ بِهَا شِرَاعاً ... وَآسِيَةٌ بِهَا بَحْثٌ جَمِيلِ
16 - فَتِلْكَ التَّرْجَمَاتُ بِلاَ حُدُودٍ ... تُزِيلُ اللَّبْسَ عَنْ عَبْدٍ كَلِيلِ
17 - فَطَوْراً فَارِسِي يَغْشَاهُ أُرْدُو ... وَثَلِّثْ بِالْمَلاَيْوِيِّ الْمَهِيلِ
18 - وَفَضْلاً عَنْ لُغَاتِ الرُّومِ تَتْرَى ... فَرَنْسِيِّ إِنْجِلِيزِيٍّ اْلأَبِيلِ
19 - دَلَفْتَ إِلَى اخْتِصَارِ الْعِلْمِ نَفْعاً ... لِتَقْرِيبٍ وَتَبْسِيطِ الطَّوِيلِ
20 - وَلَوْ رُمْتَ اْلإِفَاضَةَ كُنْتَ كُفْؤاً ... لَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ تَسِيلِ
21 - فَيَسَّرْتَ الْعُلُومَ لِكُلِّ فَرْدٍ ... وَحَتَّى الطِّفْلِ وَالْغِرِّ الْجَهِيلِ
22 - أَزِلْتَ عَنِ الْمَبَاحِثِ كُلَّ طُولٍ ... وَإِسْهَابٍ وَتَقْعِيدٍ طَوِيلِ
¥